تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالحديث معلل والقصة واهية، ولقد بيَّنا الطريق إلى معرفتها بجمع طرق القصة والنظر في اختلاف الرواة، ولكن لا يمكن الموازنة بين ضبطهم وإتقانهم للحكم على الرواية المعلولة، حيث لا ضبط ولا إتقان في جميع الروايات؛ لأن هناك علة في "المتن" في جميع الروايات.

رابعًا: علة المتن

قال الإمام ابن القيم في "المنار المنيف" (ص111): "ونحن ننبه على أمور كلية يعرف بها كون الحديث موضوعًا"، فمنها (19): "ما يقترن بالحديث من القرائن التي يُعلم بها أنه باطل".

قلت: بتطبيق هذه القاعدة على هذه القصة نجد أن هناك قرينة تدل على أن القصة باطلة، ولقد أورد هذه القصة الإمام ابن كثير في "تفسيره" (2 - 302) عند تفسير الآية (30: الأنفال) من رواية ابن جريج ثم بيَّن الحافظ ابن كثير علة القصة متنًا فقال: "وذِكر أبي طالب في هذا غريب جدّا بل منكر؛ لأن هذه الآية مدنية، ثم إن هذه القصة واجتماع قريش على هذا الائتمار والمشاورة على الإثبات أو النفي أو القتل إنما كان ليلة الهجرة سواء، وكان ذلك بعد موت أبي طالب بنحو ثلاث سنين، لمّا تمكنوا منه واجترؤا عليه بسبب موت عمه أبي طالب الذي كان يحوطه وينصره ويقوم بأعبائه".

خامسًا: التصحيف

فائدة: عند البحث في "تفسير ابن كثير" وجدنا أن الإمام ابن كثير عزا القصة إلى تفسير ابن جرير وبالاطلاع على سند ابن جرير في أكثر طبعات ابن كثير مثل طبعة دار إحياء الكتب العربية (البابي الحلبي) وطبعة دار والي المكتوب عليها طبعة جديدة - مضبوطة، محققة- معتنى بإخراجها أصح الطبعات وأكثرها شمولاً. اه. وجدت بالاطلاع أن السند فيه تصحيف يؤدي إلى فساد البحث في رجاله.

وإلى القارئ الكريم هذا السند في الطبعات التي يزعم أصحابها أنها أصح الطبعات وأنها مضبوطة ومحققة:

وقال أبو جعفر بن جرير: حدثني محمد بن إسماعيل المصري المعروف بالوساوسي، أخبرنا عبد الحميد بن أبي داود عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن المطلب بن أبي وداعة أن أبا طالب قال (فذكر القصة).

قلت: بالمقارنة بين هذا السند الذي في طبعات ابن كثير لرواية ابن جرير وبين الأصل وهو تفسير ابن جرير نجد:

1 - أن شيخ ابن جرير وهو محمد بن إسماعيل البصري الوساوسي صُحِّف إلى محمد بن إسماعيل المصري المعروف بالوساوسي.

2 - وشيخ ابن جريج وهو عبد المجيد بن أبي رواد حدث له تصحيف إلى عبد الحميد بن أبي داود.

قلت: وهذا أمر خطير يجب أن يتنبه إليه من يريد البحث فلا يعتمد على التخريج بالواسطة، بل يجب عليه الرجوع إلى الأصل كما بينا في عدد رمضان في هذا العام وبراءة أبي الدرداء من الذكر البدعي وكان ظاهر السند الصحة في تفسير ابن كثير ولكنه في الحقيقة به تصحيف بكشفه تبين أن القصة واهية وأقصد بقولي "الرجوع إلى الأصل" أي: الأصول التي عزا إليها ابن كثير الأحاديث، ففي هذه القصة: قصة أبي طالب في الهجرة عزاها إلى ابن جريج في "تفسيره" وفي رمضان قصة أبي الدرداء عزاها إلى عبد الرزاق في تفسيره، وأسال الله أن يوفقنا لتحقيق أسانيد تفسير ابن كثير بالمقارنة بالأصول، ثم الحكم على المسند، ثم الحكم على الحديث بعد الاعتبار لمعرفة المتابعات والشواهد وكشف العلل.

سادسًا: بدائل صحيحة للهجرة:

لقد بوّب الإمام البخاري في "الصحيح" في كتاب المناقب بابًا بعنوان: باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة وهو باب رقم (45).

1 - فذكر قصة الهجرة من حديث عائشة حديث رقم (3905).

3 - ثم قصة الهجرة من حديث سُراقة بن جُعْشم وهو حديث رقم (3906).

4 - ثم قصة الهجرة من حديث البراء بن مالك عن أبي بكر (ح3908)، (3917) (5607)، ومسلم في صحيحه (3214)، وأحمد في مسنده الحديث رقم (3).

5 - ثم قصة مَقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة (ح3924، 3925) من صحيح البخاري، وكذلك (ح3929).

هذه من البدائل الصحيحة التي يجب أن يرجع إليها الداعية، بعد تحذيره من القصص الواهية.

وأختم هذا التحذير بما أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" (ح109) من حديث سلمة بن الأكوع: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من يقل عليَّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار".

هذا ما وفقني الله وهو وحده من وراء القصد.] ا. ه

ـ[عمرو فهمي]ــــــــ[15 - 01 - 08, 06:09 م]ـ

قصة هجرة عمر بن الخطاب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - جهرا إلى المدينة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير