ـ[عمرو فهمي]ــــــــ[16 - 01 - 08, 12:50 ص]ـ
قصة ثعبان الغار
قال الشيخ علي حشيش [عدد جمادى الأولى 1421هـ رقم (1) من مجلة التوحيد]:
[المسألة الأولى: اشتهار القصة:
لقد اشتهرت القصة فى كتب السيرة حتى أوردها المباركفورى فى كتابه " الرحيق المختوم " (ص168) تحت عنوان " إذ هما فى الغار " هذا الكتاب الذى اشتهر بين طلبة العلم لفوزه بالجائزة الأولى والتي أعلنت رابطة العالم الإسلامى عنها فى المؤتمر الإسلامى الآسيوى الأول الذى عقد فى كراتشى فى شهر شعبان سنة 1398 هـ كما أعلن على ذلك فى جميع الصحف وطبع بعدة لغات مما أدى إلى اشتهار القصة فقال المباركفورى فى " الرحيق المختوم " ص (168):
" فلما انتهيا إليه قال: والله لا تدخله حتى أدخل قبلك، فإن كان فيه شيء أصابني دونك، فدخل فكسحه، ووجد في جانبه ثقبا، فشق إزاره وسدها به، وبقي منها اثنان، فألقمهما رجليه، ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ادخل، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضع رأسه في حجره ونام، فلدغ أبو بكر في رجله من الجحر ولم يتحرك؛ مخافة أن ينتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسقطت دموعه على وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: مالك يا أبا بكر؟!، قال: لدغت، فداك أبي وأمي! فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب ما يجده " ا هـ
وقد أورد هذه القصة التبريزى فى " مشكاة المصابيح " (3/ 1700) ح (6034)
مناقب أبى بكر ح (16) تحقيق الشيخ الألبانى رحمه الله.
قلت: بالنظر إلى حاشية الكتاب لم نجد لهذه القصة تخريجاً ولا تحقيقاً.
المسالة الثانية: تخريج القصة.
الحديث أورده البيهقى فى " دلائل النبوة" (2/ 476، 477)
قال:" أخبرنا أبو الحسين على بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل ببغداد
، قال: حدثنا أحمد بن سلمان النجار الفقيه إملاء قال قرئ على يحيى بن جعفر وأنا أسمع، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبى، قال:حدثنى فرات بن السائب عن ميمون بن مهران، عن ضبة بن محصن العنزى، عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه فذكر القصة.
المسألة الثالثة: تحقيق القصة:
القصة (موضوعة) – " والموضوع هو الكذب المختلق المصنوع المنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجمع العلماء على أنه لا تحل روايته لأحد علم حاله فى أى معنى كان إلا مع بيان سبب وضعه " كذا فى التدريب " (1/ 274).
وآفات القصة
(1) عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبى.
أورده الإمام الذهبى فى " الميزان " (2/ 545) ترجمة (4804) ثم قال:
" عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبى عن مالك.أتى بخبر باطل طويل، وهو المتهم به، وأتى عن فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ضبة بن محصن عن أبى موسى بقصة الغار - و هو يشبه وضع الطرقية ".
قلت: وأقر الحافظ ابن حجر فى " لسان الميزان " (3/ 491) ترجمة (602/ 4953) قول الإمام الحافظ الذهبى فى قصة الغار بأنه شبه وضع الطرقية.
(2) فرات بن السائب
أورده الإمام الذهبى فى " الميزان " (3/ 341) ترجمة (6689) ثم قال: "فرات بن السائب عن ميمون بن مهران ":
قال البخارى: منكر الحديث.
وقال ابن معين: ليس بشيء.
وقال الدارقطنى وغيره: متروك.
وقال أحمد بن حنبل قريب من محمد بن زياد الطحان فى ميمون يتهم بما يتهم به ذلك "، قلت: واقر الحافظ ابن حجر فى " لسان الميزان " (4/ 503، 504) ترجمة (11/ 6522) قول الإمام الذهبى ثم قال: " وقال أبو حاتم الرازى "ضعيف الحديث، منكر الحديث.
وقال الساجى: تركوه.
وقال النسائى: " متروك الحديث ".
قلت: وقول النسائى فى فرات: " متروك الحديث " أورده فى " الضعفاء والمتروكين " ترجمة (488) وحسبك قول الحافظ أبن حجر فى " شرح النخبة " ص (69):" كان مذهب النسائى أن لا يترك حديث الرجل حتى يجتمع الجميع على تركه " قلت: وما نقله الذهبى عن البخارى فى فرات أنه منكر الحديث وإقرار الحافظ ابن حجر له فى " اللسان " حققناه فوجدناه فى التاريخ الكبير " (7/ 130) حيث قال البخارى:" فرات بن السائب أبو سليمان عن ميمون بن مهران تركوه منكر الحديث "،
قلت: وهذا التحقيق يحسبه القارئ الكريم أنه هين، ولكنه عند علماء هذا الفن العظيم، خاصة فى علم الحديث التطبيقى فى مثل هذه المسائل.
حيث يظهر هذا من تنبيهات السيوطى فى " التدريب " (1/ 349) حيث قال " البخارى يطلق منكر الحديث على من لا تحل الرواية عنه ".
قلت: وزيادة للفائدة لطالب هذا الفن نبين ما نقله الذهبى عن ابن معين فى فرات أنه " ليس بشيء ".
قال ابن أبى حاتم فى كتابه " الجرح والتعديل " (3/ 321) ترجمة (1439):" عن يحيى بن معين انه قال: لا شيء يعنى – ليس بثقة ".
قلت: بهذا التحقيق فى فرات يتضح ما أورده الإمام ابن حبان فى
" المجروحين " (2/ 207) حيث قال " الفرات بن السائب الجزرى، يروى عن ميمون بن مهران، كان ممن يروى الموضوعات عن الأثبات، ويأتى بالمعضلات عن الثقات، لا يجوز الاحتجاج به، ولا الرواية عنه، ولا كتابة حديثة إلا على سبيل الاختبار ".
قلت: وهذا التحقيق له فائدة عظيمة لطالب هذا الفن، وعندما يقارن بين قول ابن حبان الذى ذكرناه آنفاً فى فرات بن السائب، وبين ما قاله الحافظ
ابن حجر فى " التقريب " (1/ 292) فى ميمون بن مهران حيث قال:" ميمون بن مهران الجزرى، أبو أيوب – أصله كوفي، نزل الرقة، ثقة فقيه، ولى الجزيرة لعمر بن عبد العزيز ".] ا. هـ
¥