تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فتفرق القوم على هذا وهم مجمعون له». اهـ.

قلت: يتبين من متن القصة أن إبليس تولى التحكيم في دار الندوة، ولم ينازعه أحد من أشراف قريش، وقد كانوا من كل قبائلها، وكان في هيئة رجل شيخ جليل من أهل نجد عليه كساء غليظ من الصوف.

ثانيًا: التخريج

الحديث الذي جاءت به هذه القصة أخرجه أبو نعيم في «دلائل النبوة» (ص63 - 64)، والطبري في «تفسيره» (6/ 251، 252 ح: 15979)، والبيهقي في «دلائل النبوة» (2/ 466 - 468)، وابن أبي حاتم في «التفسير» (5/ 1686) (ح1994)، وابن سعد في «الطبقات» (1/ 109).

ثالثًا: التحقيق

القصة واهية، وأسانيدها لا تصح، تزداد بها وهنًا على وهن.

1 ـ قال ابن سعد في «الطبقات»: أخبرنا محمد بن عمر.

أ- قال: حدثني معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة.

ب- قال: وحدثني ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين بن أبي غطفان عن ابن عباس.

جـ- قال: وحدثني قدامة ابن موسى عن عائشة بنت قدامة.

د- قال: وحدثني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي.

هـ- قال: وحدثني معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن مالك بن جُعْشم عن سراقة بن جعشم.

قلت: بهذا يتبين أن ابن سعد أخرج القصة في طبقاته عن: عائشة، وابن عباس وعائشة بنت قدامة، وعلي، وسراقه بن جعشم، ولكن من رواية محمد بن عمر وهو الواقدي.

قال الإمام ابن حبان في «المجروحين» (2/ 290): محمد بن عمر بن واقد الواقدي الأسلمي المدني، كان ممن يحفظ أيام الناس وسيرهم، وكان يروي عن الثقات المقلوبات وعن الأثبات المعضلات حتى ربما سبق إلى القلب أنه كان المتعمد لذلك، كان أحمد بن حنبل يكذبه.

ثم قال: سمعت محمد بن المنذر، سمعت عباس بن محمد: سمعت يحيى بن معين يقول: الواقدي ليس بشيء.

ثم قال: أخبرني محمد بن عبد الرحمن: سمعت أبا غالب بن بنت معاوية بن عمرو: سمعت علي بن المديني يقول: الواقدي يضع الحديث. اهـ.

قلت: وأورده الإمام البخاري في «الضعفاء الصغير» ترجمة (334) وقال: «محمد بن عمر الواقدي متروك الحديث». اهـ.

وأورده الإمام النسائي في «الضعفاء والمتروكين» ترجمة (531) وقال: «محمد بن عمر الواقدي، متروك الحديث».

قلت: وهذا المصطلح عند النسائي له معناه حيث قال الحافظ ابن حجر في «شرح النخبة» باب (68) مراتب الجرح: «كان مذهب النسائي أن لا يترك حديث الرجل حتى يجتمع الجميع على تركه».

2 ـ قال أبو نعيم في «دلائل النبوة»: حدثنا حبيب بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن يحيى المروزي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق عمن لا يتهم من أصحابنا عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد أبي الحجاج عن ابن عباس رضي الله عنهما.

وحدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن البراء، قال: حدثنا الفضل بن غانم، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد بن جبر المكي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

قال: وحدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما.

قلت: بهذا يتبين أن أبا نعيم أخرج القصة في «دلائل النبوة» من ثلاثة طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما.

الطريق الأول فيه علتان:

الأولى: تدليس محمد بن إسحاق.

فقد أورده الحافظ ابن حجر في «طبقات المدلسين» في الطبقة الرابعة رقم (9) وقال: «محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي المدني صاحب المغازي مشهور بالتدليس عن الضعفاء والمجهولين وعن شر منهم، وصفه بالتدليس ابن حبان». اهـ.

قلت: حكم رواية أصحاب هذه الطبقة: قال الحافظ ابن حجر في مقدمة كتاب «طبقات المدلسين»: «الرابعة: من اتفق على أنه لا يُحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهيل».

قلت: وابن إسحاق في هذا الطريق عنعن ولم يصرح بالسماع.

الثانية: جهالة شيخ ابن إسحاق

يتبين ذلك من السند: «عن محمد بن إسحاق عن من لا يتهم من أصحابنا»، وهذا النوع من أنواع المجهول يسمى «المبهم» وهو من لم يصرح باسمه «ومبهم ما فيه راوٍ لم يُسم»، ومن أبهم اسمه، جهلت عينه وجهلت عدالته من باب أولى، فلا تقبل روايته.

وكما بينا آنفًا من أقوال أئمة الجرح والتعديل: أن ابن إسحاق مشهور بالتدليس عن الضعفاء والمجهولين وعن شر منهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير