تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن الشواهد أيضاً ما ذكره السيوطي في الكتاب المذكور: واخرج أحمد والحاكم والبيهقي وأبو نعيم من طريق ابن عباس عن فاطمة قالت اجتمع مشركوا قريش في الحجر فقالوا إذا مر محمد عليهم ضربه كل واحد منا ضربة فسمعته فدخلت على أبيها فذكرت ذلك له فقال يا بنية اسكتي ثم خرج فدخل عليهم المسجد فلما رأوه قالوا ها هو ذا وخفضوا أبصارهم وسقطت أذقانهم في صدورهم وعقروا في مجالسهم فلم يرفعوا إليه بصرا ولم يقم إليه رجل منهم فأقبل حتى قام على رؤوسهم فأخذ قبضة من التراب فرمى بها نحوهم ثم قال: شاهت الوجوه فما أصاب رجلا منهم من ذلك الحصى حصاة إلا قتل يوم بدر كافرا.

وهذا الحديث أخرجه أحمد –رقم 2762 حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى ثنا يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال: إن الملأ من قريش اجتمعوا في الحجر فتعاقدوا باللات والعزى ومنات الثالثة الأخرى ونائلة وإساف لو قد رأينا محمدا لقد قمنا إليه قيام رجل واحد فلم نفارقه حتى نقتله فأقبلت ابنته فاطمة رضي الله تعالى عنها تبكي حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت هؤلاء الملأ من قريش قد تعاقدوا عليك لو قد رأوك لقد قاموا إليك فقتلوك فليس منهم رجل إلا قد عرف نصيبه من دمك فقال: يا بنية أريني وضوءا فتوضأ ثم دخل عليهم المسجد فلما رأوه قالوا: ها هو ذا وخفضوا أبصارهم وسقطت أذقانهم في صدورهم وعقروا في مجالسهم فلم يرفعوا إليه بصرا ولم يقم إليه منهم رجل فأقبل رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى قام على رؤوسهم فأخذ قبضة من التراب فقال: شاهت الوجوه،ثم حصبهم بها فما أصاب رجلا منهم من ذلك الحصى حصاة الا قتل يوم بدر كافرا.

وعلق الشيخ شعيب الأرنؤوط على هذا الحديث بقوله: إسناده حسن رجاله ثقات رجال الصحيح إلا أن في يحيى بن سليم كلاماً يحطه عن رتبة الصحيح.

وهو أيضاً ما يرجح كون الأمر مختص بهؤلاء النفر من قريش.

وهذه الطرق الخمسة المذكورة في أول الكلام لو أردنا أن نسلط عليها سيف النقد فإنا لا بد من أن نرجح إحدى الروايات على ما سواها، إذ لا يصح أن توصف جميعاً بالقبول نظراً للتعارض الواضح بين هذه الروايات، وحملها على التعدد كما مال إلى ذلك ابن حجر مما تأباه علينا طبيعة ألفاظ الروايات، فمثلاً نجد الرواية الأولى عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وإسنادها صحيح، ولا يعيبه شيء، ووجود محمد بن إسحاق به وقد وصف بالتدليس لم يؤثر على صحة الحديث لأن ابن إسحاق قد صرح بالتحديث فقد زال المحذور.

قال ابن حجر في الفتح: ((قوله: حدثني عروة كذا قال الوليد بن مسلم، وخالفه أيوب بن خالد الحراني فقال: (عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة قال: قلت لعبد الله بن عمرو) أخرجه الإسماعيلي، وقول الوليد أرجح.قوله: (سألت ابن عمرو) في رواية علي المذكورة " قلت لعبد الله بن عمرو، قوله: (بأشد شيء صنعه إلخ)

هذا الذي أجاب به عبد الله بن عمرو ويخالف ما تقدم في (ذكر الملائكة) من حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال لها: وكان أشد ما لقيت من قومك، فذكر قصته بالطائف مع ثقيف. والجمع بينهما أن عبد الله بن عمرو استند إلى ما رواه، ولم يكن حاضرا للقصة التي وقعت بالطائف)).

أما ما ورد في حديث عائشة كما أشار إلى ذلك ابن حجر رحمه الله تعالى: وهو سؤالها ما أشد ما لقيت من قومك، فأخبرها النبي صلى الله عليه وسلم ما لقيه من قومه لما ذهب إلى الطائف وواجهه أهلها بما واجهوه فيه، ضاقت على النبي صلى الله عليه وسلم الأرض بما رحبت، وبعث الله إليه ملك الجبال .... الخ.

وقد يُجاب على ذلك بأن ما ورد في حديث عائشة إنما هو إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأشد ما لقي من قومه، وما جاء في حديث عبد الله بن عمرو أو حديث عمرو إنما هو إخبار منهما بما يُعتقد عندهما أنه أشد ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم، فلا تعارض حينئذ، ولعله لم يعلم بحديث عائشة فبقي يحدث بما يظن أنه أشد ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من قومه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير