تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا ما تؤكده الروايات الأخرى مثل ما أورده السيوطي في الخصائص فقال: وأخرج ابو نعيم من طريق عروة حدثني عمرو بن عثمان بن عفان عن عثمان بن عفان قال أكثر ما نالت قريش من رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أني رأيته يوما يطوف بالبيت وفي الحجر ثلاثة جلوس عقبة بن أبي معيط وأبو جهل وأمية بن خلف فلما حاذاهم اسمعوه بعض ما يكره فعرف ذلك في وجه رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وصنعوا مثل ذلك في الشوط الثاني والثالث فوقف وقال أما والله لا تنتهون حتى يحل الله عقابه عاجلا

قال عثمان فوالله ما منهم رجل إلا وقد أخذه أفكل يرتعد ثم انصرف إلى بيته وتبعناه فقال أبشروا فإن الله مظهر دينه ومتم كلمته وناصر دينه إن هؤلاء الذين ترون ممن يذبح الله بأيديكم عاجلا فوالله لقد رأيتهم ذبحهم الله بأيدينا، وهذا يبينأن التوعد خاص بفئة.

وأخرج ابو نعيم عن جابر قال قال أبو جهل: إن محمداً يزعم أنكم إن لم تطيعوه كان لكم منه ذبح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأنا أقول ذاك وأنت من ذلك الذبح فلما نظر إليه يوم بدر مقتولا قال اللهم قد أنجزت لي ما وعدتني.

رابعاً: لو أردنا أن نحمله على العموم المطلق (للناس كافة)، أو للعموم المقيد أي لقريش فقط فإن الواقع يعارضه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُبعث بالذبح لا للناس جميعاً، ولا لقريش وحدها، وهذا بيِّنٌ ظاهر من سيرته صلى الله عليه وسلم، وهذا ينافي كونه من دلائل النبوة أيضاً، ولهذا قلنا إنه خاص بعدد محدود من الكفار، وهم السبعة الذين عدهم النبي صلى الله عليه وسلم، وعرفت أماكن مصارعهم في بدر.

خامساً: أن الذبح الوارد هنا ليس المراد منه قطع الأوداج كما تذبح الشياه والخراف، وإنما هو كناية عن القيل ولا يحتاج المرء إلا للرجوع إلى المعاجم قليلاً إن كان لا يتذوق كلام العرب ليدرك المراد بالذبح.

(والخلاصة): أنَّ هذا الحديث ليس على عمومه قطعاً لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذكره بصيغة يا معشر قريش، ولو كان عاماً للناس أجمعين لما أعجز النبي أن يعبر عن ذلك بأوضح بيان، وأسهل كلام، وهو الذي أوتي جوامع الكلم، وجُعل كلامه حجة في لغة العرب فكان مصدراً من مصادرها واستخراج القواعد اللغوية والنحوية من السنة النبوية، ثم إنه ليس عاماً في قريش أيضاً لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم توعدهم بشيء أو هددهم بشيء ولم يحصل هذا الشيء، والعرب عامة وكفار قريش خاصة كانوا يعلمون أنه ما من شيء أخبرهم عنه أو ذكره لهم صلى الله عليه وسلم إلا حصل كما أخبر عليه الصلاة والسلام، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم مع قريش لا يبين أنه إنما جاءهم للذبح بل على العكس من ذلك جاءهم بالرحمة والعفو والحرص عليهم، والدعاء لهم لا عليهم كما مرَّ، وإنما المراد بهذا الحديث عددٌ محدود من كفار قريش، وهم رؤوس الكفر ومن أوغل منهم في أذية النبي صلى الله عليه وسلم وأذية المسلمين، ومن تفننوا في فتن الناس عن دينهم وإكراههم على الرجوع عنه، كأبي جهل، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط وغيرهم ممن ورد ذكرهم في رواية سابقة، وهم سبعة نفرٍ.

ولهذا نظم العلماء المحققون هذه الروايات في سلك دلائل النبوة، فنجدها عند البيهقي في دلائل النبوة، وعند أبي نعيم الأصبهاني في دلائل النبوة أيضاً كما مرَّ في التخريج آنفاً، وهذا يعني أنهم يرون ما انتهيت إليه في نتيجة هذا الحديث وأنه خاص بهذا العدد فقط من أئمة الكفر، بدليل أن أبا جهل عندما راجع النبي صلى الله عليه وسلم خوفاً من أن يناله توعده صلى الله عليه وسلم، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد ما كنت جهولاً، قال له النبي صلى الله عليه وسلم أنت منهم؟ فلو كان عاماً لقريش أو للناس جميعاً كما يزعم من لا علم عنده لما قال له أنت منهم، فدل هذا على أنَّ هذا الكلام محمول على أشخاص معدودين، وقد بين من ذكر هذا الحديث وأضرابه في دلائل النبوة أن هذا تحقق في معركة بدر، فقد كانت بمثابة الذبح الذي توعدهم به النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه كما في رواية أخرى وبعد مقولة النبي صلى الله عليه وسلم يا معشر قريش جئتكم بالذبح، دخل بيته ثم خرج عليهم وفي يده حصباء رماها عليهم وقال: شاهت الوجوه، فما من أحد أصابته تلك الحصباء منهم إلا وُجد صريعاً في بدر، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم (جئتكم بالذبح)، ومن حمل الحديث على غير هذا المحمل فإنما يريد أن يُكذب الله ورسوله، والنصوص تأتلف ولا تختلف، وهذا الذي قدمت وجه ائتلافها، وما تقتضيه بقية الروايات وواقع صنيع النبي صلى الله عليه وسلم مع القوم.

لهذا فوصف النبي بأنه جاء بالذبح فيه إساءة أدب مع النبي صلى الله عليه وسلم، واعتداء لا يليق، والله الموفق.

ـ[ابن عبد الغنى]ــــــــ[18 - 01 - 08, 11:05 م]ـ

جزاك الله خيرا

البحث جيد جدا خاصة ان اعداء الاسلام التقليديين ملاحدة ونصارى والمستشرقين ومنكرى السنة يستغلون هذا الحديث للنيل من نبينا صلى الله عليه وسلم وهيهات هيهات

ذب الله عن وجهك النار كما تذب عن سيرة نبيك صلى الله عليه وسلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير