وقد ذكر أبو سعيد بن يونس أحاديث عن يحيى بن أيوب عن الثقات؛ رواها عنه الغرباء من غير أهل مصر، وهي معروفة بمصر من رواية ابن لهيعة وغيره من الضعفاء، فكأنه لما حدَّث بها الغرباء خلَّط ووهم.
وذكر له ابن يونس حديثين رواهما عنه الغرباء عن يزيد بن أبي حبيب - شيخه في هذا الحديث-، وليسا معروفين عند أهل مصر.
بل نصَّ أبو سعيد على ضعف أحاديث جرير بن حازم -راوي هذا الحديث- عن يحيى، قال: (وأحاديث جرير بن حازم عن يحيى بن أيوب ليس عند المصريين منها حديث، وهي تشبه عندي أن تكون من حديث ابن لهيعة، والله أعلم).
والمقصود أن إطلاق الحكم بأنه (صدوق) في الحكم على مثل هذا الإسناد= فيه نظر.
والله أعلم.
قال ابن يونس: "وحدث عنه الغرباء بأحاديث ليست عند أهل مصر عنه ... ، وأحاديث جرير بن حازم عن يحيى بن أيوب: ليس عند المصريين منها حديث، وهي تشبه عندي أن تكون من حديث ابن لهيعة، والله أعلم" [السير (8/ 6و7). التهذيب (4/ 343)
الشيخ محمد، والشيخ رمضان جزاكما الله خيرا على مروركما الكريم
وما أخذتما به من عموم كلام ابن يونس يفهم منه أن عامة أحاديث جرير بن حازم عن يحيى بن أيوب من مناكيره، وانه ليس عند المصريين منها حديث.
وهذا العموم منتقض بحديث الباب فقد توبع فيه يحيى بن أيوب في روايته عن يزيد فروى الإمام مسلم في "صحيحه"، كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره وخلافته في أهله بخير (3/ 1507) حديث رقم (138 - 1896) من طريق عبدالله بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن يزيد بن أبي سعيد مولى المهري عن أبيه عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى بني لحيان (ليخرج من كل رجلين رجل) ثم قال للقاعد (أيكم خلف الخارج في أهله وماله بخير كان له مثل نصف أجر الخارج).
وعبد الله بن وهب ثقة حافظ عابد. قال عنه العجلى: مصرى ثقة صاحب سنة، رجل صالح، صاحب آثار.، وعن ابن وضاح قال: كان مالك يكتب إلى عبد الله بن وهب فقيه مصر، قال: و ما كتبها مالك إلى غيره.
وعمرو بن الحارث الثقة الفقيه الحافظ مصري أيضا:
قال الذهبى: مات كهلا سنة ثمان ـ كذا قال ـ و كان عالم الديار المصرية ومحدثها و مفتيها مع الليث.
ويزيد بن أبي حبيب الذي روى عنه يحيى مصري أيضا.
قال أبو سعيد بن يونس: كان مفتى أهل مصر فى أيامه، و كان حليما علاقلا، و كان أول من أظهر العلم بمصر، و الكلام فى الحلال و الحرام و مسائل.
فهذه المتابعة لجرير عن يحيى متابعة مصرية تؤكد أن الحديث كان معروفا عند المصريين.
والعموم الذي أخذتم به من كلام ابن يونس يحتاج لاستقراء وتتبع، وليتكما تفعلانه حتى يكون استقراءا تاما لا ناقصا.
وقد وثق يحيى جماعة كما ذكر الشيخ محمد بن عبدالله في مشاركته، والأولى في حاله ما قاله ابن عدي: (ولا أرى فى حديثه إذا روى عن ثقة حديثا منكرا، و هو عندى صدوق لا بأس به).
وهنا حديث الباب رواه يحيى عن يزيد وهو ثقة فلم تكن العلة من عنده كما قلت سابقا.
والله الموفق.،
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[19 - 02 - 08, 02:25 م]ـ
وفقك الله.
لم أحكم على هذا الحديث بشيء، لكني انتقدت تمرير يحيى بن أيوب بوصف (صدوق) في الحكم على مثل هذا الإسناد، مع أنه لا يرقى إلى هذا الوصف -عند التحقيق- بعامة، وفي رواية جرير عنه خاصة.
وقد أشار الشيخ رمضان إلى سؤالات الآجري، وفيها نص مهم -لا أدري هل هو الذي أشار إليه أم لا-:
قال أبو عبيد (2/ 128): (سمعت أبا داود يحدث عن وهب بن جرير، عن أبيه، سمع يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي وهب الجيشاني.
قال أبو داود: جرير بن حازم روى هذا عن ابن لهيعة، طلبتها بمصر فما وجدت منها حديثًا واحدًا عند يحيى بن أيوب، وما فقدت منها حديثًا واحدًا من حديث ابن لهيعة، أراها صحيفة اشتبهت على وهب بن جرير).
وهذا موافق في الجملة لكلام ابن يونس.
وهذا الحديث دالٌّ فعلاً على نكارة أحاديث جرير عن يحيى بن أيوب، فإن ما سقتَهُ متابعةً إنما هو مخالفة:
فعمرو بن الحارث الثقة يرويه عن يزيد بن أبي حبيب: عن يزيد بن أبي سعيد مولى المهري، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري،
وجرير يرويه عن يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب: عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي سعيد الخدري.
وهذه مخالفةٌ ظاهرة، لا متابعة.
وقد رواه ابن لهيعة -من رواية بكر بن سهل عن عبد الله بن يوسف وشعيب بن يحيى عنه- عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري.
وهذا هو الوجه الذي جاء به يحيى بن أيوب في رواية جرير عنه، لكن زِيدَ في هذا ذكرُ أبي سعيد المقبري.
وقد خولف الراويان عن ابن لهيعة، فرواه ابن المبارك عنه كما رواه عمرو بن الحارث. لكن الوجه الذي روياه يدل على أن لرواية جرير عن يحيى بن أيوب أصلاً من رواية الضعفاء عن يزيد بن أبي حبيب.
ولا يُنكَر أنه قد يُتابع يحيى بن أيوب في حديثٍ من رواية جرير عنه، لكن الأصل العام ضعف هذه الرواية.
والله أعلم.
¥