تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الحافظ الذهبى ((المغنى فى الضعفاء)) (1/ 154/1355) و ((الكاشف)) (1/ 318): ((حريث بن السائب البصري عن الحسن. ثقة. ضعَّفه زكريا الساجي. ووثقه ابن معين وأبو حاتم)).

قلت: قد كان يكفى فى توثيقه وتعديله اتفاق الإمامين: يحيى بن معين وأبى حاتم الرازى. ولا يذهبن عنك قول الحافظ الذهبى: ((لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشأن قط على توثيق ضعيف، ولا على تضعيف ثقة))، فكيف وقد وثَّق حريثاً هذا الجمع؟!.

فإذا بان ذلك وتقررت دلالته، عُلم أن قول الحافظ ابن حجر ((التقريب)) (1/ 156/1180): ((حريث بن السائب التميمى البصرى. صدوق يخطئ)) فيه نظر وتفصيل، وإلا فليس لحريث بن السائب فى ((الكتب الستة)) إلا هذا الحديث!!، وقد تفرد به الترمذى وصحَّحه.

فأما التفصيل، ففى قوله صدوق، فإنه لم يجتزئ بتوثيق الإمامين ابن معين وأبى حاتم، وأراد التوفيق بين ذلك وما قيل فى حقِّ حريث من التضعيف، فقد ذكره أبو زكريا الساجى فى كتابه فى ((الضعفاء)) وضعَّفه، وفى ((سؤالات الآجرى)) (1/ 364/598): ((سألت أبا داود عن حريث بن السائب فقال: ليس بشيء)). بينما ذكره العقيلى فى ((الضعفاء)) (1/ 287)، فلم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وإنما قال: لا يتابع على حديثه، وهذا مجمل قد يقال عن الثقة إذا تفرد، كما يقال عن غيره.

ومما لا يرتاب فيه أهل المعرفة بمراتب الحفاظ، أن أحكام الحافظ ابن حجر فى ((الجرح والتعديل)) أعدل وأنصف وأحكم من أحكام الحافظ أبى الفرج بن الجوزى؛ الذى يجرِّح الراوى بأدنى كلمة تشير إلى توهينه. ألم تر كيف اقتصر فى ترجمة حريث فى ((الضعفاء والمتروكين)) (1/ 196/792) على تضعيفه فقال: ((حريث بن السائب المؤذن. بصري ضعفه الساجي، وقال أحمد بن حنبل: روى عن الحسن حديثاً منكراً))، ولم يذكر قول واحدٍ ممن وثَّقه، سيما وموثقوه من المتشددين فى توثيق الرواة: ابن معين وأبى حاتم!!.

وأما النظر، ففى قوله يخطئ، فإن حريثاً ليس له كثير حديث، وما يقع فى حديثه من الخطأ فليس منه ولا يتعمده بحالٍ، فقد ذكر له أبو أحمد بن عدى ((الكامل)) (2/ 200) أربعة أحاديث فقط: اثنان مرسلان، واثنان موصولان.

فأما المرسلان، فقد صدق فيهما ولم يخطئ، بل رواهما على ما سمعهما، ولم يرفعهما:

[أولهما] زيد بن الحباب حدثنى حريث بن السائب عن الحسن: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدَّث في طريق من طرق المدينة بثلاثة أحاديث، فقال: من سره أن ينظر إلى الدنيا بحذافيرها فلينظر إلى هذه المزبلة، ثم قال: لو أن الدنيا تعدل عند الله جناح ذباب ما أعطى كافر منها شيئاً، ثم ذكر الموتَ وغمَّه وكربه وعَلَزَه، فقال: ثلاثُ مائة ضربةً بالسيف)).

[ثانيهما] أبو نعيم عن حريث بن السائب عن محمد بن المنكدر عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من طاف بالبيت أسبوعا لم يلغ فيه، كان كعدل رقبة يعتقها)).

وأما الموصولان، فأولهما توبع عليه، والحمل فى ثانيهما على غيره:

[أولهما] الطيالسى حدثنا حريث بن السائب ثنا الحسن: أن أنسا كان يعق عن ولده بالجزور.

تابعه قتادة عن أنس به، رواه من طريقه الطبرانى ((الكبير)) (1/ 244/685).

[ثانيهما] حجاج بن نصير عن حريث بن السائب عن يزيد الرقاشي عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((شفاعتي لأهل لا إله إلا الله) فقيل: يا رسول الله لأي أهل لا اله الا الله؟، قال: ((لأهل الكبائر من أمتي)). وفيه الرقاشى، وحجاج بن نصير، وهما بيَّنا الأمر فى الضعفاء.

وفيما وراء هذه الأحاديث الخمسة، فإنه يروى عن الحسن وابن سيرين شيئاً يسيراً من آراءهما: كقوله سألت محمد بن سيرين عن وقت صلاة الظهر، فقال: إذا كان ظله ثلاثة أذرع فذاك حين يصلي الظهر. وقوله سألت الحسن عن وقت الظهر، فقال: إذا زال الفيء عن طول الشيء، فذاك حين يصلي الظهر 0 رواهما ابن أبى شيبة (1/ 287/3295،3294) عن أبى نعيم حدثنا حريث بن السائب قال: فذكرهما.

والخلاصة، فإن حريث بن السائب ثقة صدوق مستقيم الحديث، وحديثه صحيح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير