فقد رواه عبدان، وعلي بن الحسن كما ذكرتَ، وهذان قد رويا عن أبي حمزة قبل أن يسوء حفظه، نصَّ على الأول الحافظ في ((هدي الساري))، ونصَّ على الثاني الشيخ المعلميُّ في ((التنكيل)) (1/ 212)، فلا يتوجَّه الإعلال بتغيُّر أبي حمزة.
فتبقى مخالفته لسائر الرواة عن الأعمش، وفيهم الثوري والضرير وغيرهم، ولكن ليست هذه مخالفة على التحقيق، وإنما هو زاد عليهم ما لم يذكروه، فما المانع من قبول زيادته!
ولهذا قال ابن القطان في ((بيان الوهم)) (5/ 603): ((ولا عيب بهذا الإسناد إلا ما بيَّنا من انقطاعه ... ولا مبالاة بقول الدارقطني في ((علله))، لثقة روايها أبي حمزة السكري)) اه باختصارٍ.
وقد صحح الزيادة العلامة الشيخ الألبانيُّ في ((الإرواء))، والظاهر أن الحافظ السلفي وأبا نعيم صححاها؛ على ما في ((سبل الهدى والرشاد)) (10/ 68).
وقد توبع أبو حمزة؛ تابعه يحيى بن عيسى عن الأعمش بالزيادة سواءً.
أخرجه ابن عدي (5/ 258) من طريق عيسى بن عبد الله العسقلاني، عن يحيى ابن عيسى، عن الأعمش به.
وعيسى بن عبد الله هذا يسرق الحديث كما قال ابن عدي، ويحيى بن عيسى ضعيف أيضًا.
وقد ضعفه ابن رجب في ((شرح البخاري)) (5/ 296) والله أعلم.
2 - سهيل بن أبي صالح:
أخرجه أحمد (2/ 419) - ومن طريقه ابن الجوزي في ((العلل)) (1/ 435) وفي ((التحقيق)) (1/ 488) -، والشافعي في ((مسنده)) (ص 33) وفي ((الأم)) (1/ 87) - ومن طريقه البيهقي (1/ 430)، وفي ((المعرفة)) (1/ 450) -، وابن خزيمة (1531)، وابن حبان (1672)، وابن أبي شيبة (1/ 203)، وعبد الرزاق (1839)، وابن عدي (4/ 303) - ومن طريقه ابن الجوزي في
((العلل)) (1/ 432) -، والخطيب في ((التاريخ)) (6/ 167)، والرامهرمزي في ((المحدث الفاصل)) (ص 339)، وابن عساكر في ((معجمه)) (809)، وأبو محمد الجوهري في ((حديث أبي الفضل الزهري)) من طرقٍ عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة به.
ورواه عن سهيل هكذا جماعةٌ منهم: الدراوردي، وعبد الرحمن بن إسحاق، ومحمد بن عمار، وإبراهيم بن محمد، وابن عيينة.
وتابعهم سفيان الثوري؛ ذكره ابن عدي (4/ 303).
قال البيهقي - تبعًا لأحمد -: ((وهذا لم يسمعه سهيل من أبيه، إنما سمعه من الأعمش)).
ويشيران بهذا إلى ما:
أخرجه ابن خزيمة (1528) عن الدراوردي، والطحاوي في ((المشكل)) (5/ 433) والطبراني في ((الأوسط)) (4/ رقم 4363 و 8/ رقم 8549) و
((الصغير)) (595) - ومن طريقه الخطيب (9/ 413) - عن روح بن القاسم، والطحاوي (5/ 433)، وابن المقرئ في ((معجمه)) (1028) - ومن طريقه أبو نعيم في ((أخبار أصبهان)) (2/ 44) - والبيهقي في ((الكبرى)) (1/ 430) و
((الشعب)) (3/ 120) عن محمد بن جعفر، والطحاوي (5/ 433) عن عبد العزيز ابن أبي حازم، وابن أخي ميمي (399) عن محمد بن عباد المكي، وأبو الشيخ في ((الأقران)) - ((جنة المرتاب)) (2/ 262) - عن أحمد بن عبدة الدراوردي، عن سهيل، عن الأعمش.
وتابعهم: سليمان بن بلال، وعبد الله بن جعفر والد علي بن المديني. ذكرهم الدارقطني في ((العلل)) (10/ 192).
· قلت: وقد روى الوجه الأول ابن عيينة والثوري والدراوردي - كما مرَّ - وكلهم ثقة لا سيما الأولان، فلا يمتنع أن يرويه سهيل على الوجهين، لا سيما ولم أر من رماه بالتدليس.
وقد قال ابن القطان:
((إذا روى المدلس حديثًا بصيغة محتملة ثم رواه بواسطة، تبين انقطاع الأول عند الجميع)).
فقال الحافظ في ((النكت)) (249):
((قلت: وهذا بخلاف غير المدلس، فإن غير المدلس يحمل غالب ما يقع منه من ذلك على أنه سمعه من الشيخ الأعلى، وثبَّته فيه الواسطة)).
ثم نزوله في الرواية دليلُ تثبُّتِه في الحديث، قال ابن عدي: ((روى عن أبيه، وعن جماعةٍ عن أبيه، وهذا يدل على ثقته كونه ميز ما سمع من أبيه، وما سمع من أصحاب أبيه عن أبيه)).
وقد صحَّح هذا الوجه ابن حبان فقال: ((وهم من أدخل بين سهيل وأبيه فيه الأعمش)).
فتبين صحة هذا الوجه بما ذكرناه، وهو عندي أقوى من حديث الأعمش، وقد صححه ابن عبد الهادي، ومحمد بن عبد الواحد المقدسي، والألبانيُّ، وشيخنا على شرط مسلم.
¥