17 - (يعقوب بن شيبة) - ليس هو عندي بذاك، ولم يثبّتْه، وضعفه ولم يضعّفْه جداً، كان صدوقاً.
24 - (الفلاس المخرمي) - ما أحب أن احتج به في الفرائض.
التحليل:
بدراسة أقوال ابن معين المختلفة في ابن إسحاق، نجدها تتفق في بعض الروايات عنه في عدم العلو به إلى التوثيق العالي الذي عبر عنه بقوله: "ليس بحجة" وتتراوح بين قوله: "ثقة ولكنه ليس بحجة"، "ثقة إنما الحجة فلان ... "، "صدوق ولكنه ليس بحجة". وأيضاً رواية الغلابي البغدادي: "ثبت في الحديث" حيث وافق فيها روايتي الدوري البغدادي صاحبه وملازمه، والدمشقي، وكذلك مع رواية ابن أبي خيثمة: "ليس به بأس" التي هي عنده توازي الثقة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى اتفق ابن أبي خيثمة، والميموني وكلامها بغدادي على قوله: (ضعيف، سقيم ليس بالقوي، ليس بذاك، ضعيف) وابن أبي خيثمة شارك بالرواية عن ابن معين - مَنْ وثَّقه حيث قال: "ليس به بأس".
ولعل رواية الميموني في حالة خاصة، أو رواية عناها ونقلها عنه الميموني. ولعل القول الذي يقترب من رأيه المتوازن الذي استغرق في وصفه وفصل بين التوثيق والتضعيف هو الذي نقله عنه ابن شيبة: "ليس هو عندي بذاك" - أي القوي - ولم يثبِّتْه - وضعفه، ولكن استدرك على ذلك بقوله - ولم يضعفه جداً، ثم أقره على صدقه - والله أعلم -.
ويستأنس له بالأقوال الأخرى - أي الزهري، والغلابي، والدوري -. وأما في عدم روايته له والاحتجاج به في الفرائض فقد دافع عنه ابن سيد الناس، وهذا مذهب من يرى التشدد فيها وفي الأحكام وبيّن الخطيب البغدادي أن بعض الأئمة احتج بروايته في الأحكام وتوقف، أو لم يحتج بها البعض، لذا يرى الحافظ الذهبي وغيره أن حديثه (حسن) والله أعلم.
ثانياً: التأمل في تعديله وتليينه النسبي:
قارن ابن معين ابن إسحاق ببعض الرواة الآخرين الذين يقاربونه في الطبقة والمشاركة معه في الرواية.
فقد فَضَّل عليه الليث بن سعد في الرواية عن يزيد بن أبي حبيب، وكذلك قدَّم عليه ابن أخي الزهري في الرواية عن الزهري، وكذلك فضل عليه محمد بن عمرو الليثي المدني في الرواية، وكذلك الإمام مالك. ومن جهة أخرى فضل ابن إسحاق على موسى بن عبيدة الرّبذِي.
وعلق على هذا التوثيق النسبي الإمام أبو الوليد الباجي حيث قال: "وقد روى عباس بن محمد الدوري عن ابن معين أنه قال: محمد بن إسحاق ثقة وليس بُحجّة، وأصل ذلك أنه سئل عنه، وعن موسى بن عبيدة الرَّبذي أيهما أحبّ إليك؟ فقال: محمد بن إسحاق ثقة وليس بحجة. فإنما ذهب إلى أنَّه أمثل في نفسه من موسى بن عبيدة الرَّبذيّ " ().
المبحث الخامس: مواقف بعض الحفاظ من أقوال ابن معين المختلفة.
ونظراً لما تميز به الإمام الناقد يحيى بن معين من بين الأئمة الآخرين بكثرة أقواله واختلافها في طائفة كبيرة من الرواة؛ حاول بعض الحفاظ من المحدِّثين أن يجمعوا ويوفقوا بين أقواله المختلفة، ويسوّغوا اجتهاداته تلك، وقد يصرح البعض أحياناً بالتوقف حتى تتبين له القرائن أو الدلائل لترجيح أحد قوليه أو أقواله. وهذه طائفة منهم:
1 - أبو حفص عمر بن شاهين البغدادي (ت 385ه):
الحافظ الناقد أبو حفص عمر بن شاهين البغدادي (ت 385ه)، حيث حاول في كتابه (المختلف فيهم)، أن يوفق ويجمع، وهذه نماذج لمحاولاته:
1 - عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان العنسي الدمشقي الزاهد ().
نقل في (المختلف فيهم) عن ابن معين أنه قال: "وما ذكره إلا بخير" () وفي (الثقات): "ليس به بأس" ().
وفي رواية المفضل بن غسان قال: "ليس بشيء".
قال ابن شاهين: "هذا القول من يحيى بن معين يوجب التوقف في أبي ثوبان؛ لأن سكوته عن اطراحه وتوثيقه لا يقضي على تضعيفه أنه إذا كان كذلك لم يذكر في الصحيح".
2 - وقال في عثمان بن عمير أبي اليقظان الكوفي البجلي الأعمى ().
الذي نقل عنه في رواية عباس الدوري: "ليس حديثه بشيء" ()، وقال عنه في رواية إسحاق: "إنه صالح" ().
هذا الخلاف في عثمان عن يحيى وحده يوجب التوقف فيه حتى يعينه عليه آخر فيكون أحد كلامي يحيى معه والعمل فيه على ذلك" ().
3 - وقال في عطاف بن خالد بن عبد الله بن العاص المخزومي
أبو صفوان المدني ():
الذي نقل عنه في رواية يزيد بن الهيثم (ثقة ت 284ه): "ليس به
بأس" ()، وقال في رواية جعفر بن أبي عثمان (ت 282ه) - وكان مشهوراً بالثقة والإتقان - "ضعيف" ().
¥