تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: وأعلَّ الحديث غير ابن عبد البر رحمه الله آخرون بعلل أُخرى، كما ذكرها وفندها ابن دقيق العيد رحمه الله حيث قال في (الإمام): (وهذا الحديث يعل بأربع علل: أحدها جهالة سعيد بن سلمة والمغيرة بن أبي بردة، وقالوا لم يرو عن المغيرة بن أبي بردة إلا سعيد بن سلمة ولا عن سعيد بن سلمة إلا صفوان بن سليم؛ قال: وجوابه أن سعيد بن سلمة قد روى عنه غير صفوان وهو الجلاح أبو كثير، ورواه عن الجلاح يزيد بن أبي حبيب وعمرو بن الحارث، أما رواية عمرو فمن طريق بن وهب، وأما رواية يزيد فمن طريق الليث بن سعد عنه أخرجها كلها البيهقي في سننه الكبير، وأما المغيرة بن أبي بردة فقد روى عنه يحيى بن سعيد ويزيد بن محمد القرشي إلا أن يحيى بن سعيد اختلف عليه فيه، ورواية مزيد بن محمد رواها أحمد بن عبيد الصفار صاحب المسند، ومن جهته أخرجها البيهقي، فتلخص أن المغيرة بن أبي بردة روى عنه ثلاثاً: يحيى بن سعيد، ويزيد بن محمد، وسعيد بن سلمة، وأن سعيد بن سلمة روى عنه صفوان بن سليم والجلاح، وبطلت دعوى من ادعى انفراد سعيد عن المغيرة وانفراد صفوان عن سعيد العلة.

الثانية: أنهم اختلفوا في اسم سعيد بن سلمة فقيل هذا، وقيل عبد الله بن سعيد، وقيل سلمة بن سعيد، وأصحهما سعيد بن سلمة، لأنها رواية مالك مع جلالته، وهذا مع وفاق من وافقه، والاسمان الآخران من رواية محمد بن إسحاق.

العلة الثالثة: الإرسال؛ قال ابن عبد البر: ذكر ابن أبي عمرو الحميدي والمخزومي عن ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن المغيرة بن أبي بردة أن ناساً من بني مدلج أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث، قال: وهذا مرسل لا يقوم بمثله حجة، ويحيى بن سعيد أحفظ من صفوان بن سليم، واثبت من سعيد بن سلمة، قال الشيخ: وهذا مبني على تقديم إرسال الأحفظ على إسناد من دونه؛ وهو مشهور في الأصول.

والعلة الرابعة: الاضطراب؛ فوقع في رواية محمد بن إسحاق عبد الله بن سعيد عن المغيرة ابن أبي بردة عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا هو في مسند الدارمي ووقع في رواية عنه سلمة بن سعيد عن المغيرة بن أبي بردة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما رواية يحيى بن سعيد فقيل عنه عن المغيرة بن أبي بردة عن رجل من بني مدلج عن النبي صلى الله عليه وسلم، هذه رواية أبي عبيد القاسم بن سلام عن هشيم عن يحيى، ورواه بعضهم عن هشيم فقال فيه: المغيرة بن أبي برزة، فقال: وهم فيه؛ وإنما هو المغيرة بن أبي بردة، وهشيم ربما وهم في الإسناد، وهو في المقطعات احفظ، قال الشيخ: وهذا الوهم إنما يلزم هشيماً إذا اتفقوا عليه فيه؛ فأما وقد رواه أبو عبيد عن هشيم على الصواب، فالوهم ممن رواه عن هشيم على ذلك الوجه، وقيل فيه: عن المغيرة بن عبد بن عبد أن رجلاً من بني مدلج أتى النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: عن عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة أن رجلاً من بني مدلج، وفي رواية عبد الله بن المغيرة عن رجل من بني مدلج، وقيل: عن عبد الله بن المغيرة عن أبيه عن رجل من بني مدلج، قال البيهقي في كتاب المعرفة: هذا حديث أودعه مالك بن أنس كتاب الموطأ، ورواه أبو داود وأصحاب السنن وجماعة من أئمة الحديث في كتبهم محتجين به، وصححه البخاري فيما رواه الترمذي عنه، وإنما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما لاختلاف وقع في اسم سعيد بن سلمة والمغيرة بن أبي بردة، وكذلك قال الشافعي: في إسناده من لا اعرفه، ولا يضر اختلاف من اختلف عليه فيه، فإن مالكاً قد أقام إسناده عن صفوان بن سليم، وتابعه الليث بن سعد عن يزيد عن الجلاح كلاهما عن سعيد بن سلمة عن المغيرة بن أبي بردة، ثم يزيد بن محمد القرشي عن المغيرة بن أبي بردة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فصار الحديث بذلك صحيحاً والله اعلم انتهى.

وقال في السنن الكبيرة: قد تابع يحيى بن سعد الأنصاري ويزيد بن محمد القرشي سعيداً على روايته إلا أنه اختلف فيه على يحيى بن سعيد فروى عنه عن المغيرة بن أبي بردة رجل من بني مدلج عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه عن عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة أن رجلاً من بني مدلج وروى عنه عن المغيرة بن عبد الله عن رجل من بني مدلج عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه عن المغيرة بن عبد الله عن أبيه، وقيل غير هذا، واختلفوا أيضاً في اسم سعيد بن سلمة فقيل كما قال مالك، وقيل عبد الله بن سعيد المخزومي، وقيل سلمة بن سعيد، وهو الذي أراد الشافعي بقوله في إسناده من لا اعرفه، أو المغيرة أو هما إلا أن الذي أقام إسناده ثقة، وهو مالك رحمه الله انتهى.

ولمَّا روى الحاكم في المستدرك هذا الحديث ذكر ما فيه من المتابعات ثم قال: اسم الجهالة مرفوع عنهما بهذه المتابعات، وقال ابن مندة: اتفاق صفوان والجلاح يوجب شهرة سعيد ابن سلمة، واتفاق يحيى بن سعيد وسعيد بن سلمة عن المغيرة يوجب شهرته، فصار الإسناد مشهوراً، وبهذا يرتفع جهالة عينهما انتهى.

وفي كتاب المزي توثيقهما فزالت جهالة الحال أيضاً ولهذا صححه الترمذي، وحكى عن البخاري تصحيحه والله اعلم) انتهى بواسطة كتاب (نصب الراية) للزيلعي رحمه الله: [1/ص:96 - 97]

قلت: وقد تقدمت الإجابة عن هذه العلل، في ثنايا البحث، لمن تدبر، والحمد لله رب العالمين؛ والحديث صحيح ثابت صححه جماهير أهل الحديث في القديم والحديث، كما سيأتي آخر البحث.

هذا، وللحديث طرق أخرى عن أبي هريرة منها:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير