وقد قال أبو حاتم: هو شبيه بالزهري في كثرة الرواية والاتساع في الرجال، وهو أحفظ من أبي إسحاق الشيباني، وقال له رجل: زعم شعبة أنك رأيت علقمة ولم ترو عنه، فقال: صدق.
قال علي بن المديني: أكثر الأحاديث الصحيحة تدور عليه.
وقال الحافظ العلائي في كتاب المختلطين: ولم يعتبر أحد من الأئمة ما ذكر من اختلاط أبي إسحاق، بل احتجوا به مطلقا، وذلك يدل على أنه لم يختلط في شيء من حديثه.
وقال عيسى بن يونس بن أبي إسحاق: قال لي شعبة، لم يسمع جدك من الحارث الأعور إلا أربعة أحاديث، قال: فقلت له: من أين علمته؟؟ قال: هو قال لي. وقال أحمد بن حنبل: ثقة، إلا أن الذين حملوا عنه، إنما كان حملهم عنه بأخره.
ولم يخرج له الشيخان من رواية ابن عبدة شيئا، إنما أخرج له من طريقه الترمذي وكذلك النسائي في عمل اليوم والليلة.
5 - وصفه بالتدليس:
قلت: وقد كان يدلس لكنه لم يكن بالذي يكثر منه.
قال الإمام أحمد: كان يدلس.
قال يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ: وحديث سفيان وأبي إسحاق والأعمش ما لم يعلم أنه مدلس يقوم مقام الحجة.
وقال الإمام علي بن المديني لما سأله يعقوب بن شيبة عن الرجل يدلس أيكون حجة فيما لم يقل حدثنا؟ فقال الإمام علي بن المديني: "إذا كان الغالب عليه التدليس فلا، حتى يقول حدثنا".
وقال الذهبي في تاريخ الإسلام: وكان أبو إسحاق ربما دلس.
وقال ابن حزم في الإحكام: وأما المدلس فينقسم إلى قسمين:
أحدهما: حافظ عدل ربما أرسل حديثه، وربما أسنده، وربما حدث به على سبيل المذاكرة أو الفتيا أو المناظرة، فلم يذكر له سنداً، وربما اقتصر على ذكر بعض رواته دون بعض.
فهذا لا يضر ذلك سائر رواياته شيئاً، لأن هذا ليس جرحة ولا غفلة، لكنا نترك من حديثه ما علمنا يقينا أنه أرسله وما علمنا أنه أسقط بعض من في إسناده، ونأخذ من حديثه ما لم نوقن فيه شيئاً من ذلك.
وسواء قال: أخبرنا فلان، أو قال: عن فلان، أو قال: فلان عن فلان، كل ذلك واجب قبوله، ما لم يتيقن أنه أورد حديثاً بعينه إيراداً غير مسند.
فإن أيقنا ذلك تركنا ذلك الحديث وحده فقط وأخذنا سائر رواياته.
وقد روينا عن عبد الرزاق بن همام قال: كان معمر يرسل لنا أحاديث فلما قدم عليه عبد الله بن المبارك أسندها له.
وهذا النوع منهم كان جلة أصحاب الحديث وأئمة المسلمين كالحسن البصري، وأبي إسحاق السبيعي، وقتادة بن دعامة، وعمرو بن دينار، وسليمان الأعمش، وأبي الزبير، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وقد أدخل علي بن عمر الدارقطني فيهم: مالك بن أنس ولم يكن كذلك، ولا يوجد له هذا إلا في قليل من حديثه أرسله مرة وأسنده أخرى، اهـ.
6 - وصفه بالإرسال:
وقد أكثر منه، فروى عن عدد من الصحابة وكثير من التابعيين ممن عاصرهم أو لقيهم ولم يسمع منهم.
7 - روى عنه قبل الاختلاط:
جميع من روى عنه، ما عدا الآتي فيمن روى عنه بعد الاختلاط.
8 - من روى عنه بعد الاختلاط عند من قال باختلاطه:
إسرائيل بن يونس، وزكريا بن أبي زائدة، وزهير بن معاوية، وسفيان بن عيينة، وقال أبو زرعة: زهير بن معاوية ثقة، إلا أنه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط.
واقتصر ابن الصلاح على سفيان ابن عيينة.
9 - من روى عنهم بعد الاختلاط: زائدة بن قدامة.
وروي عن الإمام أحمد أنه قال: إذا سمعت الحديث عن زائدة وزهير، فلا تبال أن لا تسمعه من غيرهما إلا حديث أبي إسحاق وروايته عنه في سنن أبي داود فقط.
وقد أخرج الشيخان في الصحيحين لجماعة من روايتهم عن أبي إسحاق، وهم: إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وزكريا بن أبي زائدة، وزهير بن معاوية، وسفيان الثوري، وأبو الأحوص سلام بن سليم، وشعبة، وعمر بن أبي زائدة، ويوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق.
أخرج البخاري من رواية جرير بن حازم عنه.
وأخرج مسلم من رواية إسماعيل بن أبي خالد، ورقبة بن مصقلة العبدي، وسليمان بن مهران الأعمش، وسليمان بن معاذ، وعمار بن رزيق، بتقديم الراء المهملة، يعني الضبي، ومالك بن مِغول بكسر الميم، ومِسعر بن كدام، بكسر الميم في مسعر، وكسر الكاف في كدام.
قرأ عليه القرآن عرضا حمزة بن حبيب، فهو أكبر شيخ له في كتاب الله تعالى، وغزا الروم في دولة معاوية. وقال: سألني معاوية: كم عطاء أبيك؟.
¥