[نقد تحقيق الداراني لمسند الدارمي]
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[04 - 06 - 08, 02:29 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد:
فقد اطلعت على كتاب مسند الدارمي بتحقيق الأستاذ حسين سليم أسد الداراني
فبدا لي عدد من الملاحظات على مجهود الداراني
وارتأيت أن أنشرها ذباً عن السنة ونصحاً للأستاذ الداراني وقرائه
خصوصاً وأن نسخته قد لقيت قبولاً بين الناس لأنها النسخة الوحيدة من مسند الدارمي التي فيها الحكم على الأحاديث صحةً وضعفاً
الإنتقاد الأول
قال الدارمي (3) - أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمُؤَدِّبِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ حَدَّثَنِى مَوْلاَىَ أَنَّ أَهْلَهُ بَعَثُوا مَعَهُ بِقَدَحٍ فِيهِ زُبْدٌ وَلَبَنٌ إِلَى آلِهَتِهِمْ - قَالَ - فَمَنَعَنِى أَنْ آكُلَ الزُّبْدَ لِمَخَافَتِهَا - قَالَ - فَجَاءَ كَلْبٌ فَأَكَلَ الزُّبْدَ وَشَرِبَ اللَّبَنَ ثُمَّ بَالَ عَلَى الصَّنَمِ وَهُوَ إِسَافٌ وَنَائِلَةُ. قَالَ هَارُونُ كَانَ الرَّجُلُ فِى الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا سَافَرَ حَمَلَ مَعَهُ أَرْبَعَةَ أَحْجَارٍ ثَلاَثَةٌ لِقِدْرِهِ وَالرَّابِعُ يَعْبُدُهُ وَيُرَبِّى كَلْبَهُ وَيَقْتُلُ وَلَدَهُ.
قال الداراني: إسناده حسن
قلت: وفيه كلام الداراني نظر فإن في رواية الأعمش عن مجاهد كلامٌ كثير
قال أبو حاتم الرازي كما في العلل 2119 ((الأعمش قليل السماع من مجاهد وعامة ما يروي عن مجاهد مدلس))
وفي علل الدارقطني (ق49/ 2) ((وقيل إن الأعمش لم يسمع من مجاهد))
استفدت هذا النص من كتاب نثل النبال
وقال يعقوب بن شيبة في مسنده: "ليس يصح للأعمش عن مجاهد إلا أحاديث يسيرة، خمسة أو نحوها، قلت لعلي بن المديني: كم سمع الأعمش من مجاهد؟ قال: لا يثبت منها إلا ما قال: "سمعت"، هي نحو من عشرة، وإنما أحاديث مجاهد عنده عن أبي يحيى القتات، وحكيم بن جبير، وهؤلاء".
نقل ذلك الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب (2/ 111).
ومما يؤكد أن الأعمش مع كونه سمع من مجاهد إلا أنه يدلس عنه ما لم يسمعه منه: ما رواه البخاري في تاريخه الكبير (1/ 74) قال: "وقال لي يحيى بن معين: قال أبو معاوية: أنا حدثت الأعمش، عن هشام، عن سعيد العلاف، عن مجاهد: في إطعام المسلم السغبان، فدلَّسه عني"
وقال يحيى بن سعيد: كتبت عن الأعمش أحاديث عن مجاهد كلها ملزقة لم يسمعها
رواه ابن أبي حاتم في مقدمة الجرح والتعديل (1/ 241)
وقال ابن معين في تاريخ الدوري (2/ 234) ((إنما سمع الأعمش من مجاهد أربعة أحاديث أو خمسة))
وقريبٌ منه قول وكيع كما في الجرح والتعديل (1/ 244)
قال عبدالله بن أحمد لأبيه أحاديث الأعمش عن مجاهد عمن هي فقال أحمد: قال أبو بكر بن عياش قال رجلٌ للأعمش: ممن سمعته في شيء رواه عن مجاهد فقال الأعمش: مر كزار مر (بالفارسية) يعني حدثنييه ليث عن مجاهد
هذا في العلل (364)
أحاديث الأعمش عن مجاهد في الصحيحين
والسؤال هنا هل احتج أصحاب الصحيحين بحديثٍ انفرد به الأعمش عن مجاهد بالعنعنة؟
الجواب لا
وإليك تفصيل ذلك
أحاديث الأعمش عن مجاهد في الصحيحين كالتالي
1_ حديث ((لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا))
رواه البخاري من حديث شعبة عنه
ورواية شعبة عن الأعمش حكمها الاتصال لأنه لم يكن يروي عن شيوخه الأحاديث المدلسة
2_ حديث ((من الشجر شجرة بركتها كالمسلم)) رواه البخاري وقد صرح الأعمش بالتحديث عنده في كتاب الأطعمة وتابعه جماعة عند البخاري ومسلم
3_ ((الرحم معلقة بالعرش _____)) رواه البخاري وقد توبع الأعمش عليه من قبل فطر والحسن بن عمرو في نفس الرواية
4_ ((كن في الدنيا كأنك غريب)) الحديث رواه البخاري بتصريح الأعمش بالتحديث
قال ابن حبان في روضة العقلاء (ص148و149)
((قد مكثت مدة أظن أن الأعمش دلسه عن مجاهد حتى رأيت علي بن المديني رواه عن الطفاوي فصرح بالتحديث))
قلت وأما العقيلي فاعتبر رواية التصريح بالتحديث معلولة
نقل ذلك الحافظ في النكت الظراف ولا يحضرني مصدر توثيقه
5_ ((ائذنوا للنساء إلى المساجد بالليل))
رواه مسلم وقد توبع الأعمش عنده من قبل عمرو بن دينار ومجاهد من قبل بلال بن عبدالله
¥