ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 08:09 ص]ـ
الإنتقاد الحادي والعشرون
قال الدارمي [92] حدثنا أبو النعمان ثنا سعيد بن زيد ثنا عمرو بن مالك النكري حدثنا أبو الجوزاء أوس بن عبد الله قال قحط أهل المدينة قحطا شديدا فشكوا إلى عائشة فقالت انظروا قبر النبي صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كووا إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف قال ففعلوا فمطرنا مطرا حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق
قال الداراني: رجاله ثقات
قلت لم يتكلم عليه الداراني بتصحيح أو تضعيف كما هي عادته والحق أن هذا الخبر منكر
ففي السند محمد بن الفضل السدوسي وهو مختلط ورغم أن الداقطني قال بأنه لم يرَ حديثاً منكراً فقد رأى له أبو داود
ففي سؤالات أبي عبيد الآجري لأبي داود السجستاني قال أبو داود: كنت عنده، فحدَّث عن حماد بن زيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن ماعزاً الأسلمي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصوم في السفر، فقلت له: حمزة الأسلمي، فقال: يا بني ما عز لا يشقى به جليسه، وكان هذا منه وقت اختلاطه وذهاب عقله
فدل على أنه حدث وقت الإختلاط
ولهذا ذهب ابن حبان حيث قال اختلط في آخر عمر، وتغير حتى كان لا يدري ما يُحدث به، فوقع في حديثه المناكير الكثيرة فيجب التنكب عن حديثه فيما رواه المتأخرون، فإذا لم يعلم هذا ترك الكل، ولا يُحتج بشيء منها
وابن حبان إمام لا يتكلم بلا حجة ومن عرف حجة على من لم يعرف
وقال بن أبي حاتم وسمعت أبي يقول اختلط عارم في آخر عمره وزال عقله عمن سمع منه قبل الاختلاط فسماعه صحيح
قلت مفهوم هذا أن من سمع منه بعد الإختلاط فسماعه غير صحيح
انظر هذا كله في تهذيب تهذيب (5/ 241)
ونقل محقق تهذيب الكمال نصاً نفيساً من مخطوطة السنن الكبرى للنسائي وهو قوله في عارم ((كان أحد الثقات قبل أن يختلط)) (26/ 282)
ولو كان عارم لم يحدث وقت الإختلاط لم يكن لكلام النسائي وأبي حاتم معنى
ومفهوم هذا النص أنه لم يعد بعد الإختلاط ثقةً وهذا يقتضي رد روايته التي لم نتبين أنها وقعت قبل الإختلاط
وقد وجد العقيلي له حديثاً منكراً
فقد قال العقيلي في كتاب الضعفاء (4 ترجمة رقم 1684) ((قال جدي حججت سنة خمس عشرة، ورجعت إلى البصرة وقد تغير عارم فلم أسمع منه بعد شيئاً))
ثم قال ((وحدثنا محمد بن إسماعيل قال: قام رجل إلى عفان فقال: يا أيا عثمان حدثنا بحديث حماد بن سلمة عن حميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((اتقوا النار ولو بشق تمرة)) فقال له عفان: إن أردته عن حميد عن أنس فاكتر زورقاً بدرهمين،وانحدر إلى البصرة يحدثك به عارم عن حميد عن أنس فأما نحن فحدثناه حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن))
قلت وعفان هذا هو ابن مسلم قال الذهبي في السير (10/ 250) ((قلت: ما فوق عفان أحدٌ في الثقة))
وأعني بالنكارة هنا النكارة الإسنادية
وقال العقيلي في آخر ترجمته ((فمن سمع من عارم قبل الإختلاط فهو أحد ثقات المسلمين وإنما الكلام فيما بعد الإختلاط))
وقد أورده الحافظ برهان الدين الحلبي حيث أورده في كتاب (المختلطين) وقال في (ص391) ((والحكم فيهم أنه يقبل حديث من أخذ عنهم قبل الاختلاط ولا يقبل حديث من أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده))
قلت: آخر النص مشكل ولعله يعني من أخذ عنه قبل الإختلاط وبعده
زد على ذلك أن وصفه بزوال العقل يقتضي أن أحاديثه بعد الإختلاط منكرة
وأما قول الحافظ ابن الصلاح في مقدمته عارم محمد بن الفضل اختلط بأخرة، فما رواه عنه البخاري ومحمد بن يحيى الذهلي وغيرهما من الحفاظ ينبغي أن يكون مأخوذاً عنه قبل اختلاطه. أ. هـ.
وعقَّب عليه الحافظ العراقي في " التقييد والإيضاح " (462) فقال: وكذلك ينبغي أن يكون من حدَّث عنه من شيوخ البخاري ومسلم
قلت هذا ساقط فشيوخ البخاري ومسلم ومنهم الدارمي لم يشترطوا الصحة في مصنفاتهم واحتمال أنهم رووا عنه قبل الإختلاط وبعده قائم
وأما زعم السقاف أن من طعن في عارم فقد طعن في الصحيحين _ انظر الإغاثة 24_
فمثل هذا القول لا يصدر إلا عن جاهل مثله فالشيخان إنما انتقيا من حديثه ما حدث به قبل الإختلاط
والعلة الثانية سعيد بن زيد بن درهم فهو على ما جاء في تهذيب التهذيب (2/ 308)
¥