ونقل الحافظ بعد ذلك عن ابن عبد البر قوله " إنما تقبل الزيادة من الحافظ إذا ثبت عنه وكان أحفظ وأتقن ممن قصر أو مثله في الحفظ، لأنه كأنه حديث آخر مستأنف وأما إذا كانت الزيادة من غير حافظ، ولا متقن، فإنها لا يلتفت إليها "
وفي ص (429) من شرح العلل نقل ابن رجب عن الدارقطني في حديث زاد في إسناده رجلان ثقتان وخالفهما الثوري، فلم يذكره قال:" لولا أن الثوري خالف لكان القول قول من زاد فيه؛ لأن زيادة الثقة مقبولة. قال ابن رجب: وهذا تصريح بأنه إنما يقبل الزيادة إذا لم يخالفه من هو أحفظ منه"
وقال الحافظ في النكت (2/ 613):"والحق في هذا أن زيادة الثقة لا تقبل دائماً، ومن أطلق ذلك عن الفقهاء والأصوليين، فلم يصب. وإنما يقبلون ذلك إذا استووا في الوصف ولم يتعرض بعضهم لنفيها لفظاً ولا معنى.
وممن صرح بذلك الإمام فخر الدين وابن الأيباري شارح البرهان وغيرهما وقال ابن السمعاني: ((إذا كان راوي الناقصة لا يغفل أو كانت الدواعي تتوفر على نقلها أو كانوا جماعة لا يجوز عليهم أن يغفلوا عن تلك الزيادة وكان المجلس واحداً فالحق أن لا يقبل رواية راوي الزيادة هذا الذي ينبغي)). انتهى"
وقال العلائي في نظم الفرائد (ص201) " ويترجح هذا أيضاً من جهة المعنى، بأن مدار قبول خبر الواحد على غلبة الظن وعند الخلاف فيما هو مقتضٍ لصحة الحديث أو لتعليله يرجع إلى قول الأكثر عدداً لبعدهم عن الغلط والسهو ذلك عند التساوي في الحفظ والإتقان فإن تفارقوا واستوى العدد فإلى قول الأحفظ والأكثر اتقاناً وهذه قاعدة متفقٌ على العمل بها عند أهل الحديث "
قلت: وقد كان حماد بن سلمة يخطيء
وقال البيهقي:" هو أحد أئمة المسلمين إلا أنه لما كبر ساء حفظه فلذا تركه البخاري وأما مسلم فاجتهد وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره وما سوى حديثه عن ثابت لا يبلغ اثني عشر حديثا أخرجها في الشواهد"
وقال ابن رجب في شرح العلل (1/ 30):" وقال أبو عثمان البرذعي: نا محمد بن يحيى النيسابوري قال: ((قلت لأحمد بن حنبل في علي بن عاصم، وذكرت له خطأه؟ فقال لي أحمد: ((كان حماد بن سلمة يخطئ – وأوما أحمد بيده – خطأ كثيراً ولم ير بالرواية عنه بأساً)) "
ونقل ابن رجب في (2/ 43) عن مسلم في التمييز قوله:" وحماد يعد عندهم إذا حدث عن غير ثابت كحديثه عن قتادة وأيوب، وداود بن لأبي هند، والجريري، ويحيى بن سعيد، وعمرو بن دينار، وأشباههم فإنه يخطئ في حديثهم كثيراً، وغير حماد
في هؤلاء أثبت عندهم، كحماد بن زيد، وعبد الوارث، ويزيد بن زريع "
ونقل أيضاً عن أحمد قوله في رواية الأثرم:" حماد بن سلمة إذا روى عن الصغار أخطأ وأشار إلى روايته عن داود بن أبي هند "
قلت: ورايته هنا عن داود بن أبي هند فمن كان هذا شأنه لا تقبل زيادته من دون الأكثر عن غير ثابت
الإنتقاد الحادي والثمانون
قال الدارمي 1451 - أخبرنا أبو النعمان ثنا معتمر بن سليمان عن برد حدثني سليمان بن موسى عن مكحول عن كثير بن مرة الحضرمي عن قيس الجذامي عن نعيم بن همار الغطفاني عن النبي صلى الله عليه و سلم قال قال الله تعالى:" ابن آدم صل لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره "
قال الداراني:" إسناده حسن "
قلت: لقد كنت أتمنى لو كان صحيحاً ولكنه ضعيف فقيس الجذامي روى عنه اثنان ولم يثقه معتبر
فإن قيل: أليس تابعياً كبيراً من كان هذا شأنه فروايته محتملة
قلت: هذا مشروط بعد وجود النكارة في المتن وهذا المتن قد يستغرب
الإنتقاد الثاني والثمانون
1566 - أخبرنا خالد بن مخلد ثنا مالك عن ضمرة عن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير الأنصاري:" ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ في يوم الجمعة على إثر سورة الجمعة قال هل أتاك حديث الغاشية "
قال الداراني:" إسناده صحيح "
قلت: الذي يغلب على الظن أن في هذه الرواية شبهة انقطاع قوية فعبيد الله مدني والضحاك شامي والنعمان مات في الشام بعد أن سكنها في زمن معاوية بعد أن كان على الكوفة
فأغلب الظن أن هذا السؤال كان في الشام ولم يسمعه عبيد الله المدني وإنما نقله بواسطة
الإنتقاد الثالث والثمانون
قال الدارمي 1576 - حدثنا أبو الوليد الطيالسي ثنا ليث هو بن سعد ثنا يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن راشد الزوفي عن عبد الله بن أبي مرة الزوفي عن خارجة بن حذافة العدوي قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال:" إن الله قد أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم جعله لكم فيما بين صلاة العشاء إلى أن يطلع الفجر "
قال الداراني:" إسناده حسن " وقد تكلم عليه كلاماً طويلاً
والحق أن السند ضعيف لجهالة عبد الله بن راشد وقد دفع الأستاذ الداراني القول بجهالته برواية أكثر من واحد عنه
والحق أنه لم يرو عنه إلا اثنين إن رفع عنه جهالة العين لا يرفع عنه جهالة الحال ومذهب الداراني حقيقته أن ليس هناك إلا جهالة العين ومع ذلك نجده يقوي روايات مجاهيل العين
وعلى كلامه على هذا الحديث ملاحظات أخرى أدعها طلباً للإختصار
¥