تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وما أحسن ما قاله السيوطي () رحمه الله: «إن من أقدم على رواية الأحاديث الباطلة يستحق الضرب بالسياط، ويُهدَّد بما هو أكثر من ذلك، ويزجر، ويهجر، ولا يسلم عليه، ويغتاب في الله، ويُستعدى عليه عند الحاكم، ويحكم عليه بالمنع من رواية ذلك ويُشهد عليه».

فكل هذا التشديد ثم يقصار إلى الضعيف ولو لم يكن إلا من باب سد الذريعة على العوام لكان متحتما

أما مسألة العمل بالحديث الضعيف في الفضائل صحيح أنها خلافية ولكن طبعا يجب المصير إلى الحق والصحيح بلا ريب هو المنع م ذلك وما سبب الشرور الواقعة إلا من التساهل بذلك

وأنقل هنا تفصيلا لأبي عبد الله العلامة سليمان العلوان فك الله اسره فقال حفظه الله:

اختلف العلماء رحمهم الله في حكم العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال على ثلاثة أقوال نذكرها على سبيل الاختصار:

* القول الأول: يعمل به مطلقاً.

وإلى هذا القول ذهب جمهور العلماء؛ منهم أحمد في أحد القولين عنه.

وعُزي إلى عبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، وسفيان الثوري، وبه يقول ابن عبد البر رحمه الله.

وبالغ النووي فقال: «قال العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم: يجوز ويستحب العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعاً»

وقال رحمه الله «اتفق العلماء على جواز العلم بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال»

وفي حكاية الاتفاق نظر؛ لوجود الخلاف، وسيأتي إن شاء الله ذكر من خالف، والله الموفق.

ووجه هذا القول عند من قال به: أن الحديث الضعيف في الفضائل لا يترتب على العمل به مفسدة؛ لأنه ليس فيه تحليل ولا تحريم، بل هو زيادة خير دون مضرة للغير هكذا قالوا!

* القول الثاني: لا يعمل به مطلقاً.

وإلى هذا القول ذهب جمع من أهل العلم؛ منهم: الإمام مسلم رحمه الله؛ فإنه قال في مقدمة «صحيحه»: «اعلم وفقك الله أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها وثقات الناقلين لها من المتهمين: أن لا يروي منها إلا ما عرف صحة مخارجه والستارة في ناقليه، وأن يتقي منها ما كان منها عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع .. ».

وقال رحمه الله بعدما ذكر وجوب الكشف عن معايب الرواة قال: «وإنما ألزموا أنفسهم الكشف عن معايب رواة الحديث وناقلي الأخبار، وأفتوا بذلك حين سئلوا لما فيه من عظيم الخطر؛ إذ الأخبار في أمر الدين إنما تأتي بتحليل أو تحريم أو أمر أو نهي أو ترغيب أو ترهيب.

فإذا كان الراوي لها ليس بمعدن للصدق والأمانة، ثم أقدم على الرواية عنه من قد عرفه، ولم يبين ما فيه لغيره ممن جهل معرفته؛ كان آثماً بفعله ذلك، غاشاً لعوام المسلمين؛ إذ لا يؤمن على بعض من سمع تلك الأخبار أن يستعملها أو يستعمل بعضها، ولعلها أو أكثرها أكاذيب لا أصل لها ... إلخ».

قال ابن رجب رحمه الله: «وظاهر ما ذكره مسلم في مقدمة كتابه يقتضي أنه لا يروي أحاديث الترغيب إلا عمن تروى عنه الأحكام» (). وهذا ظاهر كلام ابن حبان رحمه الله في كتابه المجروحين فإنه أوجب في المقدمة [1/ 6، 7، 25] لمن يروي الحديث – التمييز بين الصحيح والسقيم ولم يفرق بين ما كان في فضائل الأعمال وبين ما كان في الأحكام

وممن قال أيضاً: إنه لا يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال: ابن العربي رحمه الله، صاحب كتاب «أحكام القرآن» في أحد قوليه والخطابي صاحب «معالم السنن»، وابن حزم نص في غير كتاب من كتبه، وأبو شامة رحمه الله في كتابه «البدع والحوادث»

وأما شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ فإنه قال في «الفتاوى» (ج1/ 250): «ولا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة ولا حسنة، لكن أحمد بن حنبل وغيره من العلماء جوزوا أن يروى في فضائل الأعمال ما لم يعلم أنه ثابت إذا لم يعلم أنه كذب: وذلك أنَّ العمل إذا علم أنه مشروع بدليل شرعي، وروى في فضله حديث لا يعلم أنه كذب؛ جاز أن يكون الثواب حقاً، ولم يقل أحد من الأئمة: إنه يجوز أن يجعل الشيء واجباً أو مستحباً بحديث ضعيف، ومن قال هذا؛ فقد خالف الإجماع، وهذا كما أنه لا يجوز أن يحرم شيء إلا بدليل شرعي، ولكن إذا علم تحريمه، وروي حديث في وعيد الفاعل له، ولم يعلم أنه كذب؛ جاز أن يرويه، فيجوز أن يروي في الترغيب والترهيب ما لم يعلم أنه كذب، لكن فيما علم أن الله رغب فيه أو رهب منه بدليل آخر غير هذا الحديث المجهول

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير