تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حاله.

وهذا كالإسرائيليات، يجوز أن يروي منها ما لم يعلم أنه كذب للترغيب والترهيب فيما علم أن الله تعالى أمر به في شرعنا ونهى عنه في شرعنا، فأما أن يثبت شرعاً لنا بمجرد الإسرائيليات التي لم تثبت؛ فهذا لا يقوله عالم، ولا كان أحمد بن حنبل وأمثاله من الأئمة يعتمدون على مثل هذه الأحاديث في الشريعة، ومن نقل عن أحمد أنه كان يحتج بالحديث الضعيف الذي ليس بصحيح ولا حسن؛ فقد غلط عليه ... » إلخ.

وقال رحمه الله (10/ 408) من «الفتاوى»: «ولا يجوز أن يقال: إن هذا مستحب أو مشروع؛ إلا بدليل شرعي، ولا يجوز أن يثبت شريعة بحديث ضعيف، لكن إذا ثبت أن العمل مستحب بدليل شرعي، وروي له فضائل بأسانيد ضعيفة جاز أن تروى إذا لم يعلم أنها كذب وذلك أن مقادير الثواب غير معلومة، فإذا روي في مقدار الثواب حديث لا يعرف أنه كذب؛ لم يجز أن يُكذِّب به، وهذا هو الذي كان الإمام أحمد بن حنبل وغيره يرخصون فيه وفي روايات أحاديث الفضائل، وأما أن يثبتوا أن هذا عمل مستحب مشروع بحديث ضعيف، فحاشا لله ... » إلخ.

وقال في «الآداب الشرعية» (). (2/ 304): «وعن الإمام أحمد ما يدل على أنه لا يعمل بالحديث الضعيف في الفضائل والمستحبات، ولهذا لم يستحب صلاة التسبيح؛ لضعف خبرها عنده، مع أنه خبر مشهور عمل به، وصححه غير واحد من الأئمة، ولم يستحب أيضاً التيمم بضربتين على الصحيح عنه، مع أن فيه أخباراً وآثاراً ... ».

وهذا القول فيه قوة وهو ظاهر المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم فلم يرد عنهم التساهل في التثبت فيما جاء في الفضائل دون غيرها وقد تقدم قصة عمر في التثبت ولم يقل هذا في الفضائل لا حاجة بنا إلى التثبت لأن الأحكام الشرعية من واجبات ومندوبات متساوية، إذ الكل شرع من عند الله، لا فرق بينها إلا بدليل شرعي، ولا يحل القول بأن هذا مستحب أو هذا واجب إلا بما صح عن النبي ?، وإلا كان هذا من القول على الله بلا علم، وهذا هو الذي تطمئن له النفس علماً أنه قلما يخلو حديث ضعيف من أحاديث الفضائل إلا وهو مشتمل على أمر غيبي فالتأمل في روايته والأمر هكذا خطأ يفضي إلى شر كبير والله أعلم.

* تنبيه:

بما نقلناه عن هؤلاء الأئمة، خصوصاً من كان قبل النووي، يتبين ضعف كلام النووي من نقله الاتفاق على العمل بالحديث الضعيف.

والنووي رحمه الله معروف بالتساهل بنقله الإجماع، يعرف ذلك من قرأ كتابيه «المجموع شرح المهذب» و «شرح صحيح مسلم» فمن ذلك على سبيل المثال قوله في «شرح مسلم» (8/ 83): «إن الشامي مثلاً إذا مرَّ بميقات المدينة في ذهابه؛ لزمه أن يحرم من ميقات المدينة، ولا يجوز له تأخيره إلى ميقات الشام الذي هو الجحفة، وكذا الباقي من المواقيت، وهذا لا خلاف فيه» أ. هـ

هكذا رحمه الله نفى الخلاف، والخلاف مشهور في هذه المسألة؛ فقد نازع في ذلك الإمام مالك، وكذلك الأحناف، وجوزوا ما نفى فيه الخلاف

ومن ذلك أنه قال في المجموع (5/ 44) وصلاة كسوف الشمس والقمر سنة مؤكدة بالإجماع وفي هذا نظر فقد ذهب أبو عوانة في صحيحه (2/ 366) إلى وجوب صلاة الكسوف وقال العيني الحنفي في البناية (3/ 158) هي سنة وليست بواجبة على الأصح، وقال بعض مشايخنا: إنها واجبة للأمر بها. ونص في الأسرار على وجوبها» ولهاتين المسألتين أخوات، يعرف ذلك من عنده ملكة بمعرفة خلاف العلماء، والله الموفق.

* القول الثالث:

لا يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال إلا بشروط

الشرط الأول: أن يكون الضعف غير شديد، فيخرج ما انفرد به راوٍ من الكذابين والمتهمين بالكذب ومن فحش غلطه.

ونقل الحافظ العلائي الاتفاق على هذا الشرط.

فعلى نقل العلائي الاتفاق، يكون هذا الشرط مقيدا للقول الأول إن صح نقل الإتفاق؛ لأن غير واحد من الأئمة يطلقون العمل به من غير شرط.

الشرك الثاني: أن يكون الحديث الضعيف مندرجاً تحت أصل عام.

الشرط الثالث: أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته؛ لئلا ينسب إلى النبي ? ما لم يقله، بل يعتقد الاحتياط.

وينبغي أن يزاد على هذه الشروط الثلاثة شرط رابع عند من يرى العمل بالحديث الضعيف بالشروط المتقدمة وإن كنا لا نرى هذا، وهو ما قاله ابن تيمية رحمه الله في «الفتاوى» (18/ 67): «فإذا تضمنت أحاديث الفضائل الضعيفة تقديراً وتحديداً؛ مثل صلاة في وقت معين بقراءة معينة أو على صفة معينة؛ لم يجز ذلك (أي: العمل بها)».

* تنبيه:

يلاحظ أن كثيراً من العلماء، خصوصاً بعض المعاصرين الذين يرون العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، لا يلتزمون هذا الإطلاق؛ فكثيراً ما يرد حديث ضعيف في فضائل الأعمال، ومع ذلك يردونه ولا يقبلونه، بل بعضهم يطلق التبديع على العمل به، وهذا تناقض في القول، ولابد من سلوك قاعدة ثابتة: إما العمل به مطلقاً، وإما الرد مطلقاً، أما أخذ البعض وردُّ البعض الآخر بغير بينة ولا برهان؛ فظاهر بطلانه.، والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. اه كلامه

ويجدر بالذكر أن الأذكار يشدد فيها أكثر من غيرها وفي الصحيحين لما علم النبي عليه السلام الصحابي الذكر عند النوم قال: آمنت بنبيك الذي ارسلت .... فلما أعاده عليه قال رسولك الذي أرسلت فرد عليه ذلك

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير