ومن هنا؛ ندرك الخطأ الذي يقع فيه بعض الباحثين؛ حيث يخرجون الحديث من كتب متعددة، غير ملتفتين إلى الفائدة التي أسْدَاها إليهم صاحب الكتاب بإخراجه الحديث فيه.
فدلالة الاحتجاج بالحديث في (الصحيحين) على صحته، وتلقي العلماء له بالقبول؛ حيث لا يكون ثَمّة تعقب من بعض الحفاظ؛ لا ينبغي أن تهمل، بل على الباحث الاستفادة من هذه الدلالة، وتلك الفائدة، فلا يعامل أحاديث (الصحيحين) معاملته لغيرها.
ودلالة إخراج الحديث في كتب الأصول، كالسنن الأربعة و (الموطأ) و (المسند) لأحمد ـ أيضاً ـ لا ينبغي إهمالها.
بل من أهل العلم من يرى أن من علامات ضعف الحديث خُلُوّ هذه الكتب منه (7).
وإخراج الحديث في ترجمة راويه المتفرد به في كتب الضعفاء مثل: (الكامل) لابن عدي، و (الضعفاء) للعقيلي، و (المجروحين) لابن حبان ـ يدل على ضعف الراوي دلالة واضحة جلية؛ لأن هؤلاء الأئمة إنما يخرجون في ترجمة الراوي بعض أحاديثه المنكرة؛ ليستدلوا بذلك على ضعفه، فكانت هذه الأحاديث، من هذه الأوجه، عند هؤلاء المصنّفين غاية في النكارة؛ حيث إنهم لم يضعفوها فحسب، بل استدلوا بها على ضعف راويها المتفرد بها.
وقد قال ابن عدي في مقدمة كتابه (8): ( .. وذَاكرٌ لكل رجل منهم مما رواه ما يُضَعّف من أجله، أو يَلْحَقه بروايته له اسم الضعف؛ لحاجة الناس إليها).
وقال الحافظ ابن حجر (9): (من عادة ابن عدي في الكامل، أن يخرج الأحاديث التي أنكرت على الثقة، أو على غير الثقة).
وكثيراً ما يتبرّأ ابن حبان في (المجروحين) من تلك الأحاديث التي يخرجها في كتابه، ويصرح بأنه ما دفعه إلى إخراجها إلا الرغبة في بيان الضعفاء وبيان أحاديثهم المنكرة.
يقول في المقدمة (10): (وإنما نُمْلِي أسامي من ضُعّفَ من المحدّثين، وتَكَلّم فيه الأئمة المرضيون ... ونذكر عند كل شيخ منهم من حديثه ما يُستدل به على وَهَنِه في روايته تلك).
ويقول أيضاً (11): (وإني لا أحل أحداً روى عني هذه الأحاديث التي ذكرتها في هذا الكتاب إلا على سبيل الجرح في روايتها على حسب ما ذكرنا).
وكرر هذا المعنى في غير ما موضع من كتابه (12).
ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[10 - 03 - 02, 10:39 م]ـ
الهوامش:
(1) الجامع لأخلاق الرواي وآداب السامع، (2/ 257).
(2) في علل الحديث، (1879).
(3) راجع: كتاب: (الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات)، (ص 69) لطارق عوض الله محمد.
(4) انظر: (الكفاية)، ص 232، و (المجروحين، 1/ 79، و (الإرشادات)، ص 22 ـ 23، و (شرح علل الترمذي)، 1/ 399 ـ 401، 2/ 569 ـ 570.
(5) مقدمة (الفوائد المجموعة) للشيخ المعلمي اليماني، ص 708.
(6) في (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)، 2/ 101، وانظر: كتابي: (الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات)، ص 135 ـ 150.
(7) انظر: (الموضوعات) لابن الجوزي (1/ 141) و (الصارم المنكي)، ص 68، و (نصب الراية)، 1/ 355 ـ 356، 2/ 480، و (تدريب الراوي، 1/ 277، و (ألفية الحديث للسيوطي)، ص 84.
(8) (1/ 15 ـ 16).
(9) هدي الساري، ص 429.
(10) (1/ 94 ـ 95).
(11) (1/ 241).
(12) (2/ 314)، (3/ 46).
هذا المقال من مجلة البيان
لا تنسونا من صالح دعائكم
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[12 - 03 - 02, 02:09 م]ـ
بارك الله فيك أخي راية التوحيد
والشيخ طارق قد والله وقع على الجرح الذي ينزف منذ أن بدأ الوراقون يصدرون لنا الكتب والتحقيقات وهم لا يجيدون مسألة وغالبهم طريقته السرقة وأخذ جهد الأخرين دون نقده أو حتى المراجعة لكلامه فقد يكون فيه خطأ ولكن السارق لا يتنبه له
واقرأ آخر كلام ابن رجب في شرحه لعلل الترمذي وستعرف أن الخلل قديم وليس من الآن فالله المستعان
ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[13 - 03 - 02, 03:20 م]ـ
وإياك أخي الباحث
وللرفع للفائدة والتذكير
ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[24 - 03 - 02, 04:47 م]ـ
ومن الأمثلة، ذلك الذي خرّب كتاب ((زاد المستقنع)) طباعة دار الرشد.
http://www.muslm.net/cgi-bin/showflat.pl?Cat=&Board=islam&Number=70593&Search=true&Forum=islam&Words= زاد%20المستقنع& Match=Entire%20Phrase&Searchpage=0&Limit=150&Old=6months
ـ[يوسف الشحي]ــــــــ[26 - 06 - 03, 12:51 ص]ـ
يرفع للتذكير
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[17 - 10 - 09, 08:58 م]ـ
مقال رائع جدا
جزاكم الله خيرا
ـ[محمد ابراهيم العراقي]ــــــــ[18 - 10 - 09, 08:14 م]ـ
بارك الله فيكم على هذه المقالة وجزيتم الجنة