والجسد والبصر الخارق (بصر حديد)، قال تعالى لنبيه الكريم (فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد) كل إنسان يوجد على بصره غطاء يمنعه من رؤية أشياء كثيرة .. وبعد الموت يصبح بصر الإنسان قويا بعد أن يزاح هذا الغطاء عن العين .. عندها سيرى كل شيء الجن والملائكة وغير ذلك .. والرسول صلى الله عليه وسلم كان لديه بصر حديد، وكما ورد في الآية، فإن الله أزاح عنه هذا الغطاء ليرى كل شيء (فبصرك اليوم حديد) فكان يرى الملائكة ... وكان يستطيع رؤية المصلين من ورائه: أقيموا الركوع والسجود فوالله أني لأراكم من بعد ظهري إذا ركعتم وإذا سجدتم) رواه البخاري ومسلم، وكان يرى بالليل بوضوح كما يرى بالنهار في الضوء ... وكأن بصر الرسول صلى الله عليه وسلم هو نفسه بصر أي شخص منا بعد الممات .. إلى آخر الرواية أنتظر الإجابة؟ وجزاكم الرحمن خير الجزاء.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أوردت من أمور في هذا السؤال نجمل جوابها في النقاط التالية:
النقطة الأولى: أن القرآن والسنة مصدرا هداية للبشرية، وليسا بمصدر للعلوم الطبيعية، وقد سبق لنا كلام جيد في هذا النحو في الفتوى رقم: 27999.
النقطة الثانية: أن القرآن والسنة لم يخلوا من الإشارة إلى بعض مظاهر قدرة الله تعالى في هذا الكون، مما تضمن إعجازاً علمياً ثابتاً بما لا يدع مجالاً للشك، وتراجع ذلك في الفتوى المذكورة آنفاً، والفتوى رقم: 74391.
النقطة الثالثة: أن الواجب الحذر من الكلام في هذا المجال -نعنى الإعجاز العلمي في القرآن والسنة- بمجرد الظنون والأوهام أو التكلف، لئلا يقع المسلم تحت طائلة القول على الله تعالى بغير علم، قال الله تعالى: وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً {الإسراء:36}، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 28373، والفتوى رقم: 59623.
النقطة الرابعة: أن الأحاديث المذكورة بالسؤال منها ما هو صحيح، ومنها ما هو ضعيف أو موضوع، فحديث الدعاء عند سماع صوت الديكة رواه البخاري ومسلم، وحديث التعوذ عند سماع نهيق الحمير صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 73993.
وكذا حديث تخلل الشياطين للصفوف حديث صحيح رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وحديث غسل الملائكة حمزة وحنظلة رضي الله عنهما حديث حسن رواه الطبراني في الكبير.
وأما ما روى ابن عدي والبيهقي عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهما أنهما قالا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى بالليل في الظلمة كما يرى بالنهار في الضوء. فقد ضعفه بعض العلماء وحكم عليه الشيخ الألباني بالوضع في كتابه (ضعيف الجامع الصغير).
النقطة الخامسة: أن اجتماع الملائكة والشياطين في مكان واحد لا نعلم دليلاً ينفيه، بل قد ورد ما يشير إلى إمكانية اجتماعهما، وتراجع الفتوى رقم: 37370، والفتوى رقم: 16408.
النقطة السادسة: أن العلماء قد اختلفوا في المخاطب بقوله سبحانه: فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ {ق:22}، وقد ذكرنا أقوالهم في ذلك بالفتوى رقم: 26749، ومعجزة النبي صلى الله عليه وسلم في الرؤية والنظر قد ثبتت بها الأحاديث المذكورة آنفاً وغيرها، فلا تحتاج إلى الاستدلال عليها بهذه الآية، وأما الجزم بكون السبب في هذه الرؤية كونه صلى الله عليه وسلم كان يرى الأشعة الفوق البنفسجية، فلا يجوز إلا بدليل.
النقطة السابعة: أن تفسير قوله تعالى: وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ {الصافات:48}، بالمصطلح الطبي المعروف وهو قصر النظر بحيث لا يستطيع صاحبه رؤية الأشياء البعيدة، لا نعلم أحداً من أهل العلم قال به، وقد ذكر ابن القيم أن المفسرين كلهم على أن المعنى: قصرن أطرافهن على أزواجهن، فلا يطمحن إلى غيرهم. وفي هذا إشارة إلى أن رؤيتهن لغيرهم ممكنة، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 5147.
والله أعلم.
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=75731&Option=FatwaId
والله أعلم بحقيقة ذلك