تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعدكم ربكم حقاً؟ ثم قال عليه الصلاة والسلام: إنهم الآن يسمعون ما أقول "وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (53)

حيث قيد صلى الله عليه وسلم سماعهم بالآن، وإذا قلنا، بأن الميت يسئل سبعة أيام في قبره مؤمناً كان أو منافقاً أو كافراً وأنه حين السؤال تعاد إليه روحه كان لك أن تقول: يجوز أن يكون خطاب أهل القليب حين إعادة أرواحهم إلى أبدانهم للسؤال فإنه كما في حديث أخرجه أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي كان في اليوم الثالث من قتلهم، ويحتمل أن يكون خطابه صلى الله عليه وسلم لأم محجن كان وقت السؤال بأن يكون ذلك قبل مضي سبعة أيام عليها، وعليه لا يكون سماعهم من المتنازع فيه لأنهم حين سمعوا أحياء لا موتى، ويرد على هذا أن عمر رضي الله تعالى عنه قال له عليه الصلاة والسلام: ما تكلم من أجساد لا أرواح لها. ولم ينكر ذلك عليه صلى الله عليه وسلم بل قال عليه الصلاة والسلام له: " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم " ولو كان الأمر كما قال قتادة لكان الظاهر أن يقول صلى الله عليه وسلم له رضي الله تعالى عنه: ليس الأمر كما تقول إن الله عز وجل أحياهم لي أو نحو ذلك، وعائشة رضي الله تعالى عنها أنكرت ما وقع في الحديث مما استدل به على المقصود، ففي «صحيح البخاري» عن هشام عن أبيه قال: ذكر عند عائشة أن ابن عمر رفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه فقالت: وهل ابن عمر إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنه ليعذب بخطيئته وذنبه وإن أهله ليبكون عليه الآن " قالت: وذلك مثل قوله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على القليب وفيه قتلى بدر من المشركين فقال لهم ما قال إنهم ليسمعون ما أقول إنما قال: " إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق " ثم قرأت {إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الموتى * وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى القبور} وتعقب ذلك السهيلي فقال: عائشة رضي الله تعالى عنها لم تحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم فغيرها ممن حضر أحفظ للفظه عليه الصلاة والسلام، وقد قالوا له: يا رسول الله أتخاطب قوماً قد جيفوا؟ فقال ما أنتم بأسمع لما أقول منهم قالوا: وإذا جاز أن يكونوا في تلك الحالة عالمين يعني كما تقول عائشة جاز أن يكونوا سامعين اه وهو كلام قومي، ولا يقدح عدم حضورها في روايتها لأنه مرسل صحابي وهو محمول على أنه سمع ذلك ممن حضره أو من النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان ذلك قادحاً في روايتها لقدح في رواية ابن عمر السابقة فإنه لم يحضر أيضاً، ولا مانع من أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قال اللفظين جميعاً فإنه كما علم من كلام السهيلي لا تعارض بينهما، وقال بعضهم فيما رواه البيهقي، والحاكم وصححه، وغيرهما: إنا لا نسلم صحته وتصحيح الحاكم محكوم عليه بعدم الاعتبار، وإن سلمنا صحته نلتزم القول بأن الموتى الذين لا يسمعون هم من عدا الشهداء أما الشهداء فيسمعون في الجملة لامتيازهم على سائر الموتى بما أخبر عنهم من أنهم أحياء عند الله عز وجل، وقيل في حديث ابن عبد البر: إن عبد الحق وإن قال إسناده صحيح إلا أن الحافظ ابن رجب تعقبه وقال: إنه ضعيف بل منكر وفي حديث ابن أبي الدنيا أنه على تسليم صحته لا يثبت المطلوب لأن خطاب الملك عليه السلام للروح الذي بيده وهو ليس بميت، وفي حديث الصحيحين من سماع العبد قرع نعال أصحابه إذا دفنوه وانصرفوا عنه إنه إذ ذاك تعود إليه روحه للسؤال فيسمع وهو حي والجمهور على عود الروح إلى الجسد أو بعضه وقت السؤال على وجه لا يحس به أهل الدنيا إلا من شاء الله تعالى منهم ووراء ذلك مذاهب، فمذهب ابن جرير وجماعة من الكرامية أن السؤال في القبر على البدن فقط وأن الله تعالى يخلق فيه إدراكاً بحيث يسمع ويعلم ويلذ ويألم، وعلى هذا المذهب يمكن أن يقال نحو ما قيل على الأول، ومذهب ابن حزم وابن ميسرة أنه على الروح فقط، ومذهب أبي الهذيل وأتباعه أن الميت لا يشعر بشيء أصلاً إلا بين النفختين، والحق أن الموتى يسمعون في الجملة وهذا على أحد وجهين، أولهما أن يخلق الله عز وجل في بعض أجزاء الميت قوة يسمع بها متى شاء الله تعالى السلام ونحوه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير