ـ[أبو حذيفة التونسي]ــــــــ[14 - 08 - 08, 01:42 ص]ـ
الحديث الثالث:
حديث: (صوموا تصحوا):
هذا الحديث جاء من عدة طرق عن جماعة من الصحابة:
فجاء من حديث أبي هريرة t: أخرجه الطبراني في الأوسط (8/ 174)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 450) من طريق:
محمد بن سليمان [17]، عن زهير بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، مرفوعاً: (اغزوا تغنموا وصوموا تصحوا وسافروا تستغنوا) [18].
قال الطبراني: «لم يرو هذا الحديث عن سهيل بهذا اللفظ إلا زهير بن محمد».
وقال العقيلي: «لا يُتابع عليه إلا من وجهٍ فيه لين».
قلت: وهذا الإسناد لا يصح، بل هو منكر:
1. لغرابته: فقد تفرد به زهير بن محمد؛ كما أشار لذلك الطبراني، ولم يتابع عليه؛ كما ذكر ذلك العقيلي. وسلسلة (سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة) من الشهرة بمكان، ومخرجة في الصحيحين، فأين أصحاب سهيل المكثيرين عنه من هذا الخبر؟!
2. زهيرٌ هذا متكلم فيه، وخلاصة القول فيه أن حديثه على قسمين:
أ - رواية العراقيين عنه مستقيمة.
ب - رواية الشاميين عنه ضعيفة، وله ما يُستنكر؛ حتى قال أحمد: كأن زهيراً الذي يحدث عنه أهل الشام آخر!.
وهذا الحديث الذي معنا من رواية الشاميين عنه، فمحمد بن سليمان حرّاني، وقد أشار إلى نحو هذا العقيلي فقال: «لا يُتابع عليه إلا من وجهٍ فيه لين» وفيما يظهر أنه يقصد أن هذا الخبر جاء في أحاديث أخرى، ولا يقصد أن زهيراً توبع عليه من حديث أبي هريرة. والله أعلم.
وجاء من حديث علي t: أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 357) قال: ثنا محمد بن روح بن نصر ثنا أبو الطاهر قال ثنا أبو بكر بن أبي أويس عن حسين بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي t مرفوعاً.
وذكره في ترجمة حسين بن عبدالله بن ضميرة؛ وعده من منكراته وقال: وهو ضعيف منكر الحديث وضعفه بيّن على حديثه. ونقل في أول ترجمته ترك وتكذيب كبار الأمة له.
فهذا إسناد باطل؛ لأن ابن ضميرة متهم بالكذب.
وجاء من حديث ابن عباس t: أخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 57) أيضاً قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد بن علي القرشي ثنا محمد بن رجاء السندي ثنا محمد بن معاوية النيسابوري ثنا نهشل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعاً: (سافروا تصحوا وصوموا تصحوا واغزوا تغنموا).
وهذا إسناد باطل أيضاً، فنهشل بن سعيد متهم بالكذب.
فتبين مما تقدم أن الحديث لا يصح بحال من جميع طرقه، وأنه حديث منكر، وتقدم تضعيف العقيلي له، وكذا العراقي، بل حكم عليه الصاغاني بالوضع في الموضوعات (ص51) له.
ولم أقف على أحدٍ من الأئمة قد صحّحه.
وقد جاء من وجه آخر عند أحمد (2/ 380) عن أبي هريرة بلفظ: (سافروا تصحوا واغزوا تستغنوا) ولا يصح، وهذا مما يوهّن هذا الخبر؛ للاختلاف الذي وقع في المتن.
والله أعلم.
ـ[أبو حذيفة التونسي]ــــــــ[14 - 08 - 08, 01:43 ص]ـ
الحديث الرابع:
حديث: (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان):
هذا الحديث أخرجه: عبد الله بن الإمام أحمد (1/ 259) [19] والبيهقي في الشعب (3815)، وفضائل الأوقات (14)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (659) جميعهم من طريق: عبيد الله بن عمر القواريري.
والطبراني في الأوسط (4/ 189) من طريق عبد السلام بن عمر الجني.
وأبي نعيم في الحلية (6/ 269) والطبراني في الدعاء (911)، وابن عساكر (40/ 57) من طريق: محمد ابن أبي بكر المقدمي.
ثلاثتهم من طريق: زائدة بن أبي الرقاد، عن زياد النميري، عن أنس بن مالك مرفوعاً:
وهذا حديثٌ منكر، وإسناده ضعيف جداً؛ لأمور:
1. فيه زائدة بن أبي الرقاد: منكر الحديث.
2. فيه زياد بن عبد الله النميري البصري: ضعيف.
3. على ضعف زائدة فقد تفرد به كما قاله الطبراني، ولا يُحتمل ذلك منه.
4. أن هذه السلسلة قال فيها أبو حاتم: يحدث زائدة عن زياد النميري عن أنس أحاديث مرفوعة منكرة. وقال البخاري: زائدة بن أبي الرقاد عن زياد النميري منكر الحديث. (الضعفاء 2/ 437).
والحديث ضعفه جماعة؛ منهم:
البيهقي (فضائل الأوقات ص104)، والنووي (الأذكار ص314)، وابن رجب (اللطائف ص170)، وابن حجر (تبيين العجب ص37).
وذكره ابن تيمية في الفتاوى (25/ 291) وسكت عنه، لكن قال قبله: «وأكثر ما رُوِي في ذلك .. ».
ـ[أبو حذيفة التونسي]ــــــــ[14 - 08 - 08, 01:44 ص]ـ
الحديث الخامس:
قال رسول الله r يُبشر أصحابه: (قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، افترض الله عليكم صيامه، يفتح فيه أبواب الجنة، ويغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم).
أخرجه أحمد (2/ 385)، وابن أبي شيبة (6/ 94)، وإسحاق في مسنده (1/ 73)، وعبد بن حميد (1429)، والبيهقي في الشعب (3600) من طريق: أيوب عن أبي قلابة عن أبي هريرة به.
وأخرجه النسائي (2106)، وأحمد في موضع آخر (2/ 230، 425) وليس فيه: (يبشر أصحابه).
وأخرجه عبد الرزاق (4/ 175) عن أيوب عن أبي قلابة عن النبي r مرسلاً. وليس فيه: (يبشر أصحابه).
وذكر الدارقطني الاختلاف فيه في العلل (11/ 218) ثم قال: «والصحيح عن أبي قلابة عن أبي هريرة».
قلت: وهذا إسناد صحيح إلى أبي قلابة، غير أنه منقطع؛ أبو قلابة لم يسمع من أبي هريرة.
وأصله ما جاء في الصحيحين: البخاري (1898)، ومسلم (1079) من حديث أبي سهيل عن أبيه عن أبي هريرة t أن رسول الله r قال: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين) وهذا لفظ مسلم.
وجاء الحديث بلفظ آخر من طريق آخر ولا يصح؛ عند ابن خزيمة (3/ 188) من طريق: كثير بن زيد، عن عمرو بن تميم، عن أبيه، عن أبي هريرة.
وكثير مختلف فيه، والراجح أنه لا بأس به.
وعمرو: مجهول، وقال البخاري: في حديثه نظر.
وأبوه: مجهول أيضاً.
قلت: وكل ما ورد أن رسول الله r كان يُبشّر أصحابه لا يصح فيه شيء
¥