وقال البغوي في تفسيره: والذين جاهدوا فينا، الذين جاهدوا المشركين لنصرة ديننا. قال سفيان بن عيينة: إذا اختلف الناس فانظروا ما عليه أهل الثغور، فإن الله قال: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا. وقيل: المجاهدة هي الصبر على الطاعات، قال الحسن: أفضل الجهاد مخالفة الهوى. وقال الفضيل بن عياض: والذين جاهدوا في طلب العلم لنهدينهم سبل العمل به، وقال سهل بن عبد الله: والذين جاهدوا في إقامة السنة لنهدينهم سبل الجنة. وروي عن ابن عباس: والذين جاهدوا في طاعتنا لنهدينهم سبل ثوابنا.
وقال ابن أبي حاتم في تفسيره: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن أبي الحواري، أخبرنا عباس الهمداني أبو أحمد من أهل عكا في قول الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ. قال: الذين يعملون بما يعلمون يهديهم الله لما لا يعلمون. قال أحمد بن أبي الحواري: فحدثت به أبا سليمان الداراني، فأعجبه. وقد روى ابن أبي حاتم أيضاً بسنده عن أصبغ قال: سمعت عبد الرحمن بن زيد بن اسلم في قول الله: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا قيل له. قاتلوا فينا قال: نعم.
وروى بسنده عن الربيع في قوله: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا. قال: ليس على الأرض عبد أطاع ربه ودعا إليه ونهى عنه إلا وأنه قد جاهد في الله.
بهذا يعلم أنه لا مانع من إيراد الأدلة الواردة في الجهاد عند الحض على الدعوة لأنها من الجهاد وقد ذكر النووي عند شرح حديث مسلم: لا يكلم أحد في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب اللون لون دم والريح ريح مسك.
نقل النووي في شرحه كلام أهل العلم فقال: قوله صلى الله عليه وسلم (والله أعلم بمن يكلم في سبيله) هذا تنبيه على الإخلاص في الغزو وأن الثواب المذكور فيه إنما هو لمن أخلص فيه وقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، قالوا: وهذا الفضل وإن كان ظاهره أنه في قتال الكفار فيدخل فيه من خرج في سبيل الله في قتال البغاة وقطاع الطريق وفي إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك. والله أعلم.
وأورد الإمام البخاري في باب المشي إلى الجمعة حديث: من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار. وذكر أن الصحابي استدل به على ذلك، فقال: حدثنا علي بن عبد الله قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا يزيد بن أبي مريم قال: حدثنا عباية بن رفاعة قال: أدركني أبو عبس وأنا أذهب إلى الجمعة فقال: سمعت النبي صلى الله عيله وسلم يقول: من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار.
قال ابن حجر في الفتح: أورده هنا لعموم قوله في سبيل الله فدخلت فيه الجمعة ولكون راوي الحديث استدل به على ذلك. وأورده كذلك في باب الجهاد، وراجع كلام ابن القيم في الزاد عن أنواع الجهاد.
والله أعلم.
www.islamweb.net/ver2/fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId&lang=A&Id=54245 - 99k
ـ[مسلمه مصريه]ــــــــ[27 - 08 - 08, 11:52 ص]ـ
تنبيه مهم
هناك من أخطأ فهم كلام السلف من المعاصرين (من غير أهل العلم) فالخطأ من الفهم (أعني فهم المعاصر) لا في القول
(أعني قول السلف)
والله أعلم بالصواب
أخي الكريم (ابن وهب) هلا وضحت سبب إيرادك لمثل هذا التنبيه "المهم" في هذا الموضوع بالذات،،حتى نكون على بينة ..
ولكن هناك إشكال عندي ..
إن صح هذا الأثر ونسبته إلى سفيان فهذا فهمه الخاص للآية،و ظاهر تأويله -رحمه الله- يتعارض مع قوله عز و جل:"فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر ذلك خير و أحسن تأويلا "
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:39 م]ـ
الشيخ المكرم ابن وهب ... حفظه الله
لك شوق في القلب عامر ومتعاظم .. وضعتُ السؤال رغبة في معرفة من روى الأثر أي الأسانيد التي توصل
إليه، وأعظم فائدة هي رواية ابن أبي حاتم فجزاك الله خيرا ..
هل وقفتم على تخريج آخر بالسند لهذا الأثر؟؟؟
ـ[إبراهيم الأبياري]ــــــــ[30 - 08 - 08, 11:57 م]ـ
بارك الله فيكم.
سند آخر:
قال الثعلبي في تفسيره الكشف والبيان (7/ 290):
أخبرني ابن فنجويه قال: حدثنا ابن شنبة، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن وهب، قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد، قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: إذا اختلف الناس فانظروا ما عليه أهل الثغر فإنّ الله سبحانه وتعالى يقول: (والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا).اهـ
عبد الله بن محمد بن وهب تركه الدارقطني.
انظر ترجمته في لسان الميزان (4/ 573 - 574).
والله أعلم.
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[31 - 08 - 08, 05:11 م]ـ
جزى الله جميع الأخوة والأخوات خير الجزاء ...
ننتظر المزيد من المشاركات ...
هل قرأ أحد الأخوة الكرام عن مصادر التفسير عند شيخ الإسلام ابن تيمية؟؟؟
¥