[هل يوجد من أهل العلم ممن نسب ابن عدي إلى شيء من التساهل في أحكامه؟]
ـ[أبو حاتم المهاجر]ــــــــ[23 - 10 - 08, 01:15 ص]ـ
السلام عليكم
المشايخ الاكارم والاخوة الفضلاء ...
[هل يوجد من أهل العلم ممن نسب ابن عدي إلى شيء من التساهل في أحكامه؟]
ـ[أبو المعالي القنيطري]ــــــــ[23 - 10 - 08, 03:11 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الشيخ محمد الأمين
-منهج ابن عدي:
قال الشيخ خلف سلامة: «من محاسن النقد عند ابن عدي هو جمعه واستقراؤه ما لعله يستنكر من حديث الراوي المتكلم فيه، ثم النظر في تلك الأحاديث وطرقها، وبيان من الذي حقه أن يكون الحمل عليه فيها إن وجد فيها ما يستنكره. ولكن ابن عدي في مواضع كثيرة من كتابه "الكامل" كثير الدفاع عن المضعفين وجماعة من الضعفاء بل وبعض المتهمين. ويظهر لي أن أكثر نظره عند اعتباره أحاديث الراوي وسبرها، إنما كان يتوجه إلى متونها دون أسانيدها. ثم هو فوق ذلك، قليل الاستنكار للمنكر من الأحاديث، بطيء جداً عن ادعاء النكارة فيها ووصفها بها. وهو لا يكاد يلتفت إلى الإغراب في السند أو النكارة الواقعة فيه، بل هو كثير الدفاع عن الأحاديث التي فيها غرابة بينة أو يسير من النكارة. أي يكثر منه أن يدافع عن الأحاديث التي لا تفحش نكارتها أو التي لا تكون نكارتها بينة واضحة. وهذا –كما هو بيّن– من أسباب التساهل في الأحكام على الرواة وتقوية بعض الضعفاء. ولا سيما أن عدم النكارة في حديث الراوي، يلزم منها عند ابن عدي قوته –في كثير من الأحيان– ولو وجد في ذلك الراوي تجريحاً صريحاً. وهكذا انتهى ابن عدي رحمه الله تعالى إلى تقويته طائفة كبيرة من المختلف فيهم، والدفاع عن جملة من المتهمين أو المجاهيل. هذا وقد تبين لي من متابعة كلمات ابن عدي في الرواة المتروكين والضعفاء في كتابه "الكامل"، أنه يريد بالنكارة، وبمشتقاتها من الكلمات أو مثيلاتها من العبارات، معنى هو أشد وأسوأ معانيها عند الجمهور».
وقال الشيخ أبو إسحاق الحويني في "النافلة" (2
145): «وزعم (أحد المعاصرين) أن ابن عدي مشهور بالإفراط في الجرح! مع أن ابن عدي معروف بأنه وسط. وجانب التسامح عنده أظهر جداً من جانب الجرح». وقال مصطفى بن إسماعيل في "إتحاف النبيل" (1
42): «إن ابن عدي يعد من المعتدلين، وإن كان فيه من التساهل في بعض المواضع». وقال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (16
156): «وهو منصف في الرجال بحسب اجتهاده».
وقول ابن عديٍ عن الراوي: «أرجو أنه لا بأس به» ليست على بابها دائماً، بل هي كلمةٌ معناها واسعٌ عنده. فأحياناً يستعملها مع تضعيفه للراوي الذي قالها عنه. قال المعلمي في "الفوائد المجموعة" (ص51): «هذه الكلمة رأيت ابن عدي يطلقها في مواضع تقتضي أن يكون مقصوده: أرجو أنه لا يتعمد الكذب». وقال (ص430): «وقوله "هو عندي من أهل الصدق" يعني: أنه لم يكن يتعمد الكذب». وقد استعملها أيضاً في حقِّ من هو من الحفَّاظ الثقات. فقد قال عن الحكم بن عتيبة وسماك بن حرب (2
844): «ليس بهما بأس». ومن المعلوم أنَّ الحكم من الثقات الأثبات. ولذلك لا يلزم من قول ابن عدي في "الكامل" عن الراوي: «أرجو أنه لا بأس به» تعديلاً له منه.
وظن البعض أن قول ابن عدي عن الراوي "لا بأس به" أنه توثيق، حتى قال السيوطي عن أحد المتروكين: "ووثقه ابن عدي فقال: أرجو أنه لا بأس به". وهذا غلط، وقد تعقبه المعلمي في تعليقه على "الفوائد المجموعة" للشوكاني (ص459): «ليس هذا بتوثيق. وابن عدي يذكر منكرات الراوي ثم يقول "أرجو أنه لا بأس به"، يعني بالبأس: تعمد الكذب». وقال كذلك (ص35): «وهذه الكلمة رأيت ابن عدي يطلقها في مواضع تقتضي أن يكون مقصوده: "أرجو أنه لا يتعمد الكذب". وهذا (الموضع الذي عليه هذا التعليق) منها، لأنه قالها (أي كلمة "أرجو أنه لا بأس به") بعد أن ساق أحاديث يوسف (بن المنكدر)، وعامتها لم يتابع عليها». وقال هناك أيضاً (ص501): «لفظ ابن عدي "هو من أهل الصدق" يعني لم يكن يتعمد الكذب».
¥