أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (598) والترمذي (3/ 357 - تحفة) وابن ماجه (57) وأحمد (2/ 445) وأبو عبيد في " الإيمان " (رقم 4 - بتحقيقي) من طريق سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا به، إلا أن لفظ البخاري كلفظ جرير الآتي عند مسلم.
وقال الترمذي: ((حديث حسن صحيح)).
قلت: تابعه جرير عن سهيل به إلا أنه قال:
(بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة). والباقي مثله إلا أنه قال: (فأفضلها) مكان (وأرفعها)، وزاد: (والحياء شعبة من الإيمان).
أخرجه مسلم (1/ 46) وابن ماجه (57).
وتابعه حماد بن سلمة قال: أنا سهيل بن أبي صالح به مثل لفظ سفيان إلا أنه قال: (أفضلها) مكان (أرفعها) و (العظم) بدل (الأذى)، وزاد: (والحياء شعبة من الإيمان).
أخرجه أحمد (2/ 414) وأبو داود (2/ 268) بإسناد صحيح على شرط مسلم.
وتابعه ابن عجلان عن عبد الله بن دينار بلفظ:
(الإيمان ستون أو سبعون أو أحد العددين ... ) والباقي مثل حديث حماد إلا أنه قال: (أعلاها).
أخرجه ابن أبي شيبة في " الإيمان " (رقم 67 بتحقيقي) وعنه ابن ماجه (57).
وابن عجلان حسن الحديث إلا عند المخالفة، وقد خالف الجميع في إسقاطه لفظه (بضع) فلا يحتج به.
وتابعهم مختصرا سليمان بن بلال عن عبد الله بن دينار بلفظ:
(الإيمان بضع وسبعون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان).
أخرجه مسلم وكذا البخاري (1/ 44 - فتح) إلا أنه قال: (وستون).
أخرجه مسلم من طريقين، والبخاري من طريق ثالثة، كلهم عن أبي عامر العقدي: حدثنا سليمان بن بلال به.
ومن العجيب أن تفوت الحافظ ابن حجر رواية مسلم هذه فقد قال في شرحه:
((قوله: (وستون)، لم تختلف الطرق عن أبي عامر شيخ المؤلف في ذلك، وتابعه يحيي الحِمّاني - بكسر المهملة وتشديد الميم - عن سليمان بن بلال، وأخرجه أبو عوانه من طريق بشر بن عمرو عن سليمان بن بلال، فقال: (بضع وستون أو بضع وسبعون). وكذا وقع التردد في رواية مسلم من طريق سهيل بن أبي صالح عن عبد الله ابن دينار. ورواه أصحاب السنن الثلاثة من طريقه فقالوا: (بضع وسبعون) من غير شك، ولأبي عوانة في " صحيحه " من طريق: (ست وسبعون أو سبع وسبعون).
ورجح البيهقي رواية البخاري، لأن سليمان لم يشك. وفيه نظر لما ذكرنا من رواية بشر ابن عمرو عنه، فتردد أيضا. لكن يرجح بأنه المتيقن، وما عداه مشكوك فيه.
وأما رواية الترمذي بلفظ: (أربع وستون) فمعلولة، وعلى [فرض] صحتها لا تخالف رواية البخاري، وترجيح رواية بضع وسبعون لكونها زيادة ثقة كما ذكره الحليمي ثم عياض - لا يستقيم، إذ الذي زادها لم يستمر على الجزم بها لا سيما مع اتحاد المخرج. وبهذا يتبين شفوف نظر البخاري، وقد رجح ابن الصلاح الأقل لكونه المتيقن)).
وأقول: لا شك أن الأخذ بالأقل هو المتيقن عند اضطراب الرواة وعدم إمكان ترجيح وجه من وجوه الاضطراب، وليس الأمر كذلك هنا في نقدي، لأن رواية مسلم عن سليمان أرجح من رواية البخاري عنه، لأنها من طريقين كما سبقت الإشارة إليه عن أبي عامر عنه. خلافا لقول الحافظ السابق: ((لم تختلف الطرق عن أبي عامر ... )).
ومتابعة الحماني إياه لا تفيد فيما نحن فيه، لأن الحماني فيه ضعف.
فإذا رجحت رواية مسلم عن أبي عامر، فيصير سليمان بن بلال متابعا لسهيل بن أبي صالح من طريق سفيان وحماد بن سلمة عنه بلفظ (بضع وسبعون)، وبهذه المتابعة يترجح هذا اللفظ على سائر الألفاظ، لا سيما وغالبها تردد فيها الرواة وشكوا، فإذا انضم إلى ذلك أن زيادة الثقة مقبولة، استقام ترجيح هذا اللفظ كما ذكره الحليمي ثم عياض، ولم يرد عليه قول الحافظ: ((إذ الذي زادها لم يستمر على الجزم بها))، لأنه يكفي القول بأن الجزم بها هو الراجح على ما بينا. والله أعلم.
وأما لفظ (أربع وستون) فأخرجه الترمذي وأحمد (2/ 379) من طريق عمارة بن غزية عن أبي صالح به.
وعمارة هذا من رجال مسلم، وهو لا بأس به كما في " التقريب " فمثله لا يعارض بروايته رواية عبد الله بن دينار الثقة الثبت المحتج به في " الصحيحين " فهو أحفظ من عمارة بكثير، لا سيما ومعه الزيادة، فهي مقبولة قطعا. ولعله لهذا جزم الحافظ بأنها معلولة. والله أعلم
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[20 - 11 - 08, 01:48 ص]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...