تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا الحديث حسن أخرجه أحمد (30/ 355 حديث 18406)، والبزار والطبراني في الأوسط (6577) وسند أحمد حسن فيه داود بن إبراهيم الواسطي روى عنه الطيالسي ووثقه وذكره ابن حبان في الثقات [يراجع تحقيق المسند طبعة الرسالة (30/ 355)].

وهذا الحديث خبر منه - صلى الله عليه وسلم - عن أمر أمته وأنها تمر بخمس أحوال:

الحالة الأولى: حال النبوة وهو أكمل أحوالها حيث يوجد نبيها - عليه السلام - ويتنزل الوحي إليه، ويرشد الأمة إلى الحق والخير.

والحالة الثانية: خلافة على منهاج النبوة، وهي تلك الفترة الذهبية من عمر هذه الأمة، وقد جاء تحديدها في الحديث الذي رواه سفينة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: سمعت رسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: الخلافة ثلاثون عاماً ثم يكون بعد ذلك الملك، قال سفينة: أمسك؛ خلافة أبي بكر سنتين، وخلافة عمر عشر سنين، وخلافة عثمان اثنتي عشرة سنة وخلافة علي ست سنين" رواه أحمد (حديث 21919) وأبو داود (4647)، والترمذي (2226) وابن حبان (6943) وغيرهم، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وإنما سميت هذه الفترة بالخلافة كما في بعض الروايات، وبخلافة النبوة في روايات أخرى، لأن الخلفاء صدقوا هذا الاسم بأعمالهم، وتمسكوا بسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم -، والتزموا الشرع في أحكامهم، كما قاله حميد بن زنجوية فيما نقله عنه البغوي في شرح السنة.

الحالة الثالثة: الملك العضوض وهو الذي يصيب الرعية فيه عسف وظلم، كأنه معضوض فيه عضاً، ويقال عضوض بضم العين وأعضاد جمع عض وهو الخبيث الشرس.

الحالة الرابعة الملك الجبري وهو الذي يكون فيه عتو وقهر.

الحالة الخامسة: خلافة على منهاج النبوة وقد سبق بيان معنى كونها على منهاج النبوة.

وهذا الحديث وما في معناه يبين فضل الخلافة على الملك لما في الملك من النقص من بعض الوجوه، ولذا لما خير الله نبيه - عليه السلام - بين أن يكون ملكاً أو يكون عبداً رسولاً اختار - صلى الله عليه وسلم - أن يكون عبداً رسولاً؛ كما جاء ذلك في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الذي أخرجه أحمد (7160)، وابن حبان في صحيحه (6365) [السلسة الصحيحة حديث رقم 1002]، وقد روى ابن سعد أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سأل سلمان - رضي الله عنه عن الفرق بين الخليفة والملك؟ فقال سلمان - رضي الله عنه- إن أنت جبيت من أرض المسلمين درهماً أو أقل أو أكثر ثم وضعته في غير حقه فأنت ملك، أما الخليفة فهو الذي يعدل في الرعية، ويقسم بينهم بالسوية ويشفق عليهم شفقة الرجل على أهل بيته، والوالد على ولده، ويقضي بينهم بكتاب الله " [الطبقات الكبرى 3/ 306].

على أنه مما ينبغي أن ينتبه له أن هذه الأحكام في الملك إنما هي في الجملة وإلا فقد يحصل من بعض الملوك من اتباع السنة ونشر الشريعة والجهاد في سبيل الله مثل ما يحصل في زمن الخلفاء، كما كان في عهد عمر بن عبد العزيز وبعض الملوك من بعده، ثم إنه يجوز إطلاق الخليفة على الملوك من بعد الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم-، وإنما اختص الخلفاء الراشدون -رضي الله عنهم- بكمال الخلافة، فقد روى الشيخان من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعا " كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فيكثرون، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فُوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم [البخاري (3455) - الفتح 6/ 495، مسلم حديث رقم 1842]، وعلى كل ففي الحديث بشارة لهذه الأمة أنه سيكون في آخرها خلافة النبوة، فيعز الإسلام وتعلو رايته وينتشر دين الله في الأرض، فعلى المسلم أن يثق بهذا الوعد الكريم، وأن يحدث نفسه بالجد في أن يكون من أسباب تحقق هذا الوعد.

وما ذكره السائل من استبعاد أن يكون عمر بن عبد العزيز من الخلفاء بعد فترة الملكين حق، خاصة وأن الخلافة الأخيرة التي على منهاج النبوة هي خاتمة هذه الأمة أو قرب خاتمتها، فلعل سروره - رضي الله عنه - لما ستكون عليه خاتمة الأمة.

للتوسع [مجموع الفتاوى 35/ 18 وما بعدها، تحفة الأحوذي 9/ 70 وما بعدها، عون المعبود 13/ 397).

ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[09 - 12 - 08, 01:12 ص]ـ

النبوات (19/ 16):

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير