بلفظ المنادي المضاف , زاد مسلم في آخره من رواية أبي صالح عن أبي هريرة " كما أمركم الله " ومثله عنده من طريق قتادة عن أنس , وهذه الجملة تشبه التعليل لما تقدم , كأنه قال إذا تركتم هذه المنهيات كنتم إخوانا ومفهومه إذا لم تتركوها تصيروا أعداء , ومعنى كونوا إخوانا اكتسبوا ما تصيرون به إخوانا مما سبق ذكره وغير ذلك من الأمور المقتضية لذلك إثباتا ونفيا , وقوله " عباد الله " بحذف حرف النداء , وفيه إشارة إلى أنكم عبيد الله فحقكم أن تتواخوا بذلك , قال القرطبي: المعنى كونوا كإخوان النسب في الشفقة والرحمة والمحبة والمواساة والمعاونة والنصيحة , ولعل قوله في الرواية الزائدة " كما أمركم الله " أي بهذه الأوامر المقدم ذكرها فإنها جامعة لمعاني الأخوة , ونسبتها إلى الله ; لأن الرسول مبلغ عن الله , وقد أخرج أحمد بسند حسن عن أبي أمامة مرفوعا " لا أقول إلا ما أقول " ويحتمل أن يكون المراد بقوله " كما أمركم الله " الإشارة إلى قوله تعالى (إنما المؤمنون إخوة) فإنه خبر عن الحالة التي شرعت للمؤمنين , فهو بمعنى الأمر , قال ابن عبد البر: تضمن الحديث تحريم بغض المسلم والإعراض عنه وقطيعته بعد صحبته بغير ذنب شرعي , والحسد له على ما أنعم به عليه , وأن يعامله معاملة الأخ النسيب , وأن لا ينقب عن معايبه , ولا فرق في ذلك بين الحاضر والغائب , وقد يشترك الميت مع الحي في كثير من ذلك.
(تنبيه):
وقع في رواية عبد الرزاق عن معمر عن همام في هذا الحديث من الزيادة " ولا تنافسوا " وكذا وقعت في حديث أبي هريرة من رواية الأعرج وبين الاختلاف فيها في الباب الذي بعده , ووقع عند مسلم في رواية أبي صالح عن أبي هريرة في آخره " كما أمركم الله " وقد نبهت عليها. ولمسلم أيضا من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة فيه " ولا يبع بعضكم على بيع بعض " وأفرد هذه الزيادة في البيوع من وجه آخر , ومثله من رواية أبي سعيد مولى عامر بن كريز عن أبي هريرة وزاد بعد قوله إخوانا " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره , بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم , كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه , التقوى هاهنا ويشير إلى صدره " وزاد في رواية أخرى من هذه الطريق " إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم , ولكن ينظر إلى قلوبكم " وقد أفردها أيضا من وجه آخر عن أبي هريرة , وزاد البخاري من رواية جعفر بن ربيعة عن الأعرج فيه زيادة سأذكرها في الباب الذي بعده. وهذه الطريق من رواية مولى عامر أجمع ما وقفت عليه من طرق هذا الحديث عن أبي هريرة , وكأنه كان يحدث به أحيانا مختصرا وطورا بتمامه , وقد فرقه بعض الرواة أحاديث , وممن وقع عنده بعضه مفرقا ابن ماجه في كتاب الزهد من كتابه وهو حديث عظيم اشتمل على جمل من الفوائد والآداب المحتاج إليها.
ـ[ريم صباح]ــــــــ[19 - 12 - 08, 02:35 م]ـ
اشكر الرد السريع
كفيت ووفيت
جزاك الله خيرا في الدارين