[حول صحيح ابن خزيمة وصحيح ابن حبان]
ـ[أبو المسور المصري]ــــــــ[15 - 06 - 04, 04:04 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد،
فهذه لمحات موجزة عن صحيح ابن خزيمة وصحيح ابن حبان، استفدت أكثرها من محاضرات الشيخ عبد الله السعد، والشيخ سعد الحميد حفظهما الله، أسأل الله عز وجل أن ينفع بها، وأرجو من إخوتي التنبيه على ما بها من أخطاء، إن وجدت، والإضافة على ما فيها من مادة علمية، وجزاكم الله خيرا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وأبدأ إن شاء الله بإبن خزيمة:
بداية لابد من التذكير بأن صحيحي ابن خزيمة وابن حبان ومستدرك الحاكم، هي أهم ما ألف في الصحيح بعد الصحيحين، ومن أبرز من أكد على ذلك ابن الصلاح والعراقي والسيوطي وأحمد شاكر، وذكر الخطيب البغدادي أحق الكتب بالسماع فذكر الصحيحين، ثم ذكر كتبا، ثم قال: وكتاب محمد بن إسحاق (أي ابن خزيمة)، الذي اشترط فيه اخراج ما اتصل سنده بنقل العدل عن العدل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر السيوطي في مقدمة جمع الجوامع، الكتب التي إذا عزا إليها حديثا من الأحاديث، فهو صحيح عنده، وإن لم ينص على ذلك، وذكر منها صحيح ابن خزيمة، وأكد ابن كثير على جودة كتاب ابن خزيمة في معرض ذكره للزيادات على الصحيحين في اختصار علوم الحديث فقال: (وكتب أخر التزم أصحابها صحتها، كابن خزيمة وابن حبان البستي وهما خير من المستدرك بكثير، وأنظف أسانيد ومتونا)، الباعث الحثيث ص38.
وقد سبق أن الشيخ السعد حفظه الله، رجح صحيح ابن خزيمة على صحيح ابن حبان، وهو بهذا يتابع جماهير أهل العلم، وذلك لشدة تحري ابن خزيمة حتى أنه يتوقف في التصحيح لأدنى كلام في الإسناد فيقول على سبيل المثال: (إن صح الخبر)، (أو إن ثبت الخبر)، ونحو ذلك من العبارات التي تبرأ بها ذمته، ومن أبرز الأمثلة على ذلك
¨ حديث سلمان رضي الله عنه في فضائل شهر رمضان.
¨ روى ابن خزيمة حديث الأعمش عن عن أبي وائل شقيق بن سلمة، ثم عقبه بقوله (لم يسمعه الأعمش عن أبي وائل، ولم أكن وقفت عليه من قبل).
¨ روى حديثا عن محمد بن اسحاق عن محمد بن مسلم، ثم عقبه بقوله: أنا استثنيت صحة هذا الخبر لأني خائف أن يكون محمد بن إسحاق لم يسمعه من محمد بن مسلم، وإنما دلسه عنه.
¨ روى حديثا لإبن لهيعة مقرونا بجابر بن إسماعيل، ثم قال: ابن لهيعة ليس ممن أخرج له حديثا في كتابي هذا إذا انفرد به، وإنما خرجت له هذا الحديث لأن معه جابر بن إسماعيل، رغم أن هذا الحديث من رواية عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة، وهو ممن روى عنه قبل اختلاطه، ومع ذلك لم يحتج به ابن خزيمة منفردا، فدل ذلك على أن ابن حزيمة ممن يرى ضعف ابن لهيعة قبل وبعد الإختلاط، وإن كان ضعفه أشد بعد اختلاطه.
¨ روى حديثا لمحمد بن جعفر غندر عن معمر عن الزهري قال: أخبرني سهل بن سعد رضي الله عنه، ثم علق بقوله: في القلب من هذه اللفظة التي ذكرها محمد بن جعفر (أي أخبرني سهل بن سعد)، وأهاب أن يكون وهما من محمد بن جعفر أو ممن دونه.
وهنا لابد من طرح سؤالين:
هل يسلم لإبن خزيمة بصحة كل ما أورده؟ وهل هو فعلا مقدم على ابن حبان؟
وممن تعرض لإجابة السؤال الأول، ابن حجر في النكت (1/ 290)، لما تعرض لعبارة ابن الصلاح: (مقتضى هذا أن يؤخذ ما يوجد في كتاب ابن خزيمة وابن حبان وغيرهما ممن اشترط الصحة بالتسليم، وكذا ما يوجد في المستخرجات) بالنقد، فقال:
لم يلتزم ابن خزيمة وابن حبان بتخريج الصحيح الذي فيه شروط الصحة عند ابن الصلاح، لأنهما لا يريان التفرقة بين الصحيح والحسن، (فالحسن عندهم قسم من الصحيح وليس قسيما له)، وقد سمى ابن خزيمة كتابه بـ: (المسند الصحيح المتصل بنقل العدل عن العدل من غير قطع في السند ولا جرح في النقلة)، وهذه الشروط هي نفس شروط ابن حبان لأنه تابع شيخه ابن خزيمة على ذلك.
¥