وأبو سهل هذا هو: محمد بن عمرو الأنصاري الواقفي، وهو في الضعف مثل
أبي عقيل؛ فقد اتفقوا على تضعيفه، بل كان يحيى بن سعيد يضعفه جداً. ثم
تناقض فيه ابن حبان فذكره في "الثقات" أيضاً (7/ 439) وقال:
" يخطئ"!
هذا، وقد جعل المعلق على "مسند أبي يعلى" حديث كثير النواء شاهداً
لحديث الترجمة، وأرى أنه لا يصلح للشهادة؛ لأنه مختصر ليس فيه:
"فاقتلوهم فإنهم مشركون ".
وقد رويت هذه الزيادة من أوجه أخر كلها ضعيفة - كما قال البيهقي -
وبعضها أشد ضعفاً من بعض، وقد كشف ابن الجوزي عن عللها، ثم الهيثمي.
ولذلك فلم تطمئن النقس لتقوية الحديث بمجموعها، وقد أشار البيهقي إلى ذلك
بقوله في الباب الذي عقده لها:
" إن صح الحديث". والله سبحانه وتعالى أعلم.
وقد روي الحديث بإسناد آخر من حديث فاطمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وقع في اسم
أحد رواته تحريف من متهم بالكذب إلى ثقة؛ فاقتضى إفراده بالتخريج برقم (6541).
ثم ذكر الحديث في المجلد (14/ 95 - 97) فقال:
6541 - (هذا في الجنة - يعني: علياً - وإن من شيعته قوماً يعلمون الإسلام ثم يرفضونه، لهم نبز يسمون: الرافضة، من لقيهم فليقتلهم، فإنهم مشركون).
منكر.
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (12/ 116 - 117): حدثنا أبو سعيد الأشج: حدثنا ابن إدريس عن أبي الجحاف داود بن أبي عوف عن محمد ابن عمرو الهاشمي عن زينب بنت علي عن فاطمة بنت محمد قالت:
نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي فقال: .... فذكره.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 22):
"رواه الطبراني، ورجاله ثقات، إلا أن زينب بنت علي لم تسمع من فاطمة فيما أعلم. والله أعلم.
قلت: فيه ملاحظتان:
الأولى: عزوه للطبراني، أظن أنه وهم أراد أن يقول: أبو يعلى، فسبقه القلم!
أو أنه خطأ من الناسخ أو الطابع.
والأخرى: توثيقه لرجاله، إنما هو بالنظر لما وقع في إسناد أبي يعلى: "ابن إدريس"، فإنه كذلك في "المقصد العلي" للهيثمي (3/ 16/933)، و"المطالب العالية" أيضاً (ق 487/ 1 - المسندة"، وهو خطأ لا أدري منشأه،
والصواب (أبو إدريس)، واسمه: (تليد بن سليمان)، فهو الذي يروي عن (أبي الجحاف) وعنه أبو سعيد الأشج، وإن كان هذا يروي أيضاً عن (ابن إدريس)، لكن ابن إدريس ليس له رواية عن أبي الجحاف، وإنما يروي عن هذا (أبو إدريس)، قال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 204 - 205):
"تليد بن سليمان، كنيته: (أبو إدريس) الكوفي، روى عن أبي الجحاف داود ابن أبي عوفـ روى عنه الكوفيون، وكان رافضياً يشتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وروى في فضائل أهل البيت عجائب، وقد حمل عليه ابن معين حملاً شديداً، وأمر بتركه، روى عن أبي الجحاف داود بن أبي عوف ... ".
قلت: فساق هذا الحديث، وإسناده هكذا: حدثناه محمد بن عمرو بن يوسف: ثنا أبو سعيد الأشج: ثنا تليد بن سليمان عن أبي الجحاف".
ومن طريق ابن حبان ساقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/ 159 - 160) وقال:"لايصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أحمد وابن معين: (تليد) كذاب".
وقد غفل عن هذا التحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، فقال في تعليقه على "المطالب العالية" فقال (3/ 95):
"إسناده أمثل من الحديث السابق (يعني: حديث ابن عباس المتقدم برقم 6267)، وفيه أبو الجحاف من غلاة الشيعة ... ".
قلت: ولكنه ثقة، وليس هو الآفة، وإنما (أبو إدريس) ولم ينتبه، لكونه تحرف إلى (ابن إدريس)، وهو معذور، لأنه يحكم على ما بين يديه مما يبدو له بادي الرأي، فهو لا يبحث ولا يحقق، خلافاً لما يقتضيه ما أعطي له وقيل فيه ترويجاً للكتاب: "تحقيق الأستاذ المحقق الشيخ .... "!
وقد تبعه على هذه الغفلة المعلق على "مسند أبي يعلى" فقال:
"إسناده صحيح إن كانت زينب [سمعت] من أمها، وإلا فهو منقطع ... "!
(تنبيه): قوله في علي رضي الله عنه: "هذا في الجنة" ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق، وهي عقيدة أهل السنة، وأنه من العشرة المبشرين بالجنة، كما جاء في غير ما حديث مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم. فانظر "تخريج العقيدة الطحاوية" (ص 488 - 489).
وأخرجه أيضًا ابنُ الأعرابي في "معجمه" (1543) من طريق عمران بن زيد التغلبي به.
ـ[نادر بن وهبي النَّاطور]ــــــــ[10 - 03 - 09, 08:45 ص]ـ
بسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
¥