تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

العذابَ صَبّاً وقال الآخرُ _ ولم يرفعْهُ _: " مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً؛ صَوَّبَ اللَّهُ رَأْسَهُ في النَّارِ ".

أقولُ: سفيانُ بنُ عُيَيْنةَ إمامٌ ثقةٌ حُجَّةٌ، وقد خَالَفَ ابنَ جُريجٍ فيه، وقد اختلطَ عليهِ إسنادُ الحديثينِ، فقدْ أخرجَ الطَّحاويُّ في " مشكل الآثار " (4/ 118) عنْ روحِ بنِ الفرجِ؛ قال: سمعتُ حامداً _ يعني: ابنَ يحيى _ يقولُ: ذكرتُ هذا الحديثَ لسفيانَ بنِ عُيَيْنةَ؛ فقال: ذَهَبتُ إلى عمرِو بنِ دينارٍ فسألتُهُ عنهُ؛ فقال لي: اذْهَبْ إلى عثمانَ بنِ أبي سليمانَ فإنَّهُ يحدِّثُ به، فَذَهبتُ إلى عثمانَ، فحدَّثني فيه بحديثينِ اخْتَلَطَ عليَّ إِسْنَادَهُمَا.

أقولُ: وهذا إسنادٌ صحيحٌ، روحُ بنُ الفرجِ هو: القطَّانُ أبو الزِّنْباعِ المِصْريُّ، ثقةٌ، وحامدُ بنُ يحيى هو: ابنُ هانىءٍ البلخيُّ، ثقةٌ حافظٌ، وبقيَّةُ السَّندِ ثقاتٌ.

وروايةُ ابنِ عُيَيْنةَ _ هذه _ تَرْجُحُ على روايةِ ابنِ جُريجٍ _ أيضاً _؛ للسَّببِ نفسِهِ المذكور في روايةِ مَعْمَرٍ (2)، ويبقى الإشكالُ بين روايةِ مَعْمَرٍ وروايةِ ابنِ عُيَيْنةَ، حيثُ لاَ مُرجِّحَ يُرجِّحُ إحدَاهُمَا على الأُخرى، فيكونُ الإسنادُ مُضْطرباً لذلك.

وعبدُ اللَّهِ بنُ شديدٍ _ المذكور في إسنادِ ابنِ عُيَيْنةَ _ لم أَجِدْ منْ تَرْجَمَهُ، وأظنُّهُ عبدُ اللَّهِ بنُ أبي شديدةَ الآتي ذكره، وأبو إسحاقَ الدَّوْسِيُّ جهَّلَهُ ابنُ السَّكَنِ، وذكرَهُ ابنُ حِبَّانَ في " الثِّقاتِ " على عادتِهِ في توثيقِ المجاهيلِ.

وقد كنتُ حَسَّنتُ الحديثَ بشواهدِهِ _ في الطَّبعةِ الأولى منْ كِتَابِي: " كشفِ السَّترِ عَمَّا جَاءَ في شَجَرِ السِّدْرِ " _ تبعاً للشَّيخِ الألبانيِّ _ رحمهُ اللَّهُ _؛ لأنِّي _ وقتها _لم أبحثْ في طرقِ الحديثِ لضيقِ الوقتِ، أَمَا وقد تَمَكَّنْتُ من ذلكَ، فإنِّي أَتَرَاجعُ عن حُكْمِي السَّابقِ، وصَدَقَ عليُّ بنُ المدينيِّ حيثُ يقول: " البابُ إذا لم تُجْمَعْ طرقُهُ لم يتبيَّنْ خطؤُهُ وقال الخطيبُ البغداديُّ: " والسَّبيلُ إلى معرفةِ علَّةِ الحديثِ: أنْ تُجْمعَ طرقُهُ، ويُنْظرَ في اخْتِلافِ رواتِهِ، ويُعْتبرَ بمكانِهِمْ من الحفظِ، ومنزلتِهِمْ في الإتقانِ والضَّبطِ "، ورَحِمَ اللَّهُ امْرَءاً عَرَفَ الحقَّ فَآبَ إليه.

رابعاً: مرسلُ عبدِ اللَّهِ بنِ أبي شديدةَ.

أخرجَهُ أبو نُعيمٍ في " معرفةِ الصَّحابةِ " (رقم: 3751) قالَ: حدَّثناهُ عليُّ بنُ سعيدٍ الأعرابيُّ، حدَّثنا عبَّاسٌ الدُّوريُّ، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، أخبرنا سويدٌ أبو حاتمٍ، عن محمَّدِ بنِ سعيدٍ الطَّائفيِّ؛ قال: أخبرني المغيرةُ؛ قال: دخلتُ مع عبدِ اللَّهِ ابنِ أبي شديدةَ بُستاناً، وفيه سِدْرةٌ قد عَلَتْ؛ فقلتُ: لو قطعتَها، فقال: معاذَ اللَّهِ؛ إنَّ رسولَ اللَّهِ _ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ _ قالَ: " مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً _ مِنْ غيرِ زَرْعٍ _ بَنَى اللَّهُ له بَيْتاً في النَّارِ ".

وأخرجَهُ _ أيضاً _ ابنُ قانعٍ، وابنُ مَنْدةَ، وابنُ السَّكنِ _ كَمَا في " لسان الميزان " (3/ 300)، و " الإصابة " (4/ 127) للحافظِ ابنِ حَجَرٍ _، وقال الحافظُ: " ووقعَ عند ابنِ قانعٍ التَّصريحُ بسماعِهِ مِنَ النَّبيِّ _ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ _ ".

أقولُ: هَذَا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لثلاثةِ أمورٍ:

الأوَّلُ: سويدٌ هو: ابنُ إبراهيمَ الجحدريُّ، أبو حاتمٍ الحنَّاطُ، صدوقٌ، إلاَّ أنَّهُ سَيِّءُ الحفظِ، لهُ أغلاطٌ، وهو إلى الضَّعفِ أقربُ.

الثَّاني: عبدُ اللَّهِ بنُ أبي شديدةَ تابعيٌّ، قال أبو نُعيمٍ: " يُعَدُّ في أهلِ الطَّائفِ، رَوَى عنهُ المغيرةُ بنُ سعيدٍ الطَّائفيُّ، لاَ تصحُّ له صحبةٌ "، وهو مجهولٌ _ كما قال أبو حاتمٍ والذَّهبيُّ _.

الثَّالثُ: الإِرْسَالُ، ذَكَرَ البُخاريُّ في " التَّاريخِ الكبير" (5/ 114)، وابنُ أبي حاتمٍ في " الجرحِ والتَّعديلِ " (5/ 83) أنَّ حديثَهُ مُرسلٌ.

والحديثُ قال فيه ابنُ السَّكنِ _ كما في " الإصابة " (4/ 127) _: " لم يثبتْ إسنادُهُ ".

خامساً: مرسلُ محمَّدِ بنِ عليِّ بنِ الحسينِ أبي جعفرٍ الباقرِ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير