«مَنْ رَأَى مُبْتَلًى، فَقَالَ: الْحَمْدُ للِّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا، لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ الْبَلَاءُ».
• قُلْتُ: وَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ مِنْ أَجْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ؛ فَإِنَّهُ كَانَ سَيِّءَ الْحِفْظِ يُخَالِفُ الثِّقَاتَ، لَكِنَّهُ كَانَ صَالِحًا صَدُوقًا عَابِدًا (رَحِمَهُ اللَّهُ).
وَبَقِيَّةُ رِجَالِ الإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.
وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي مُصْعَبٍ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَ هُمْ:
(أَبُو جَعْفَرٍ السَّمْنَانِيُّ، وَيَعْقُوبُ بُنُ سُفْيَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ، وَعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنُ بْنُ مَعْدَانَ بْنُ جُمُعَةَ اللَّاذِقِيُّ، وَهَارُونُ بْنُ سُفْيَانَ الْمُسْتَمْلِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ دَاودَ بْنِ أَبِي صَالِحٍ)
وَتُوبِعَ مُطَرِّفٌ عَلَيْهِ، تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْعُوقِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ، بِهِ.
وَرِوَايَتُهُ عِنْدَ ابْنِ أَبِي الدُّنِيَا فِي "الشُّكْرِ" (1/ 187)؛ وَالْبَيْهَقِيِّ فِي "الشُّعَبِ" (7/ 11148).
وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ الْعُوقِيِّ أَرْبَعَةٌ، وَ هُمْ:
(القَاسِمُ بْنُ هِشَامٍ، وَمُوسَى بْنُ الْحَسَنِ، وَنَصْرُ بْنُ دَاودَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ الضَّرِيرُ)
ثُمَّ وَجَدْتُ طَرِيقًا أُخْرَى فِيهَا مُتَابَعَةٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ، عَسَاهَا تَنْفَعُ، وَ لَكِنَّهَا لاَ تَسْلَمُ مِنْ آَفَةٍ.
قَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الدُّعَاءِ" (1/ 254/800): حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدِينِيُّ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، بِهِ، إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ: " فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ تِلْكَ النِّعْمَةَ " بَدَلاً مِنْ: " لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ الْبَلاَءُ ".
كَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، وَبَعْضُ أَصْحَابِ مُطَرِّفٍ!
• قُلْتُ: وَهَذَا إِسْنَادٌ رِجَالُهُ صَالِحُو الْحَدِيثِ سِوَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَهُو وَالِدُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.
* أَمَّا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ، فَقَدْ قَالَ عَنْهُ الذَّهَبِيُّ فِي "سِيَرِ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ" (14/ 57/28): "كَانَ مِنَ الْحُفَّاظِ الرَّحَّالَةِ ".
* وَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ، هُوَ الفَزَارِيُّ، صَدُوقٌ فِي الْحَدِيثِ، لَكِنَّهُ كَانَ يَتَشَيَّعُ.
فَهَذَا الإِسْنَادُ مُنْضَمًّا إِلَيْهِ الَّذِي قَبْلَهُ حَسَنٌ لِغَيْرِهِ فِي أَقَلِّ الأَحْوَالِ.
وَ هُنَاكَ طَرِيقٌ آَخَرُ جَيِّدٌ فِي الشَّوَاهِدِ، أَخْرَجَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا فِي "الدُّعَاءِ" (رقم801)، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ الأَزْدِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عِيسَى بْنِ مُوسَى بْنِ إِيَاسَ بْنِ الْبُكَيْرِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ:
«مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَرَى أَحَدًا بِهِ بَلَاءٌ، فَيَقُولَ الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ وَفَضَّلَنِي عَلَيْكَ وَعَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا، فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ تِلْكَ النِّعْمَةِ».
• قُلْتُ: وَهَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ بِاللَّذَيْنِ قَبْلَهِ؛ لإِبْهَامِ الرَّاوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
* مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ الأَزْدِيُّ.
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي "لِسَانِ الْمِيزَانِ" (6/ 50/189): وَسَائِرُ أَحَادِيثِهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ مُسْتَقِيمَةٌ، وَقَدْ أَكْثَرَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ مُطَّلِبٍ هَذَا، وَهُوَ صَدُوقٌ.
ثُمَّ نَقَلَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ابْنِ يُونُسَ مِنْ "تَارِيخِ مِصْرَ" أَنَّهُ قَالَ: كَانَ ثِقَةً فِي الْحَدِيثِ.
* وَبَقِيَّةُ رِجَالِ الإِسْنَادِ ثِقَاتٌ صَالِحُونَ. وَإِنْ كَانَ أَبُو حَاتِمٍ ضَعَّفَ عِيسَى، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ"، وَتَرْجَمَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "التَّارِيخِ الْكَبِيرِ" وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ جَرْحًا وَلاَ تَعْدِيلاً.
الْخُلاَصَةُ:
فَبِمَجْمُوعِ هَذِهِ الطُّرُقِ الثَّلاَثِةِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَصْلاً مَحْفُوظًا.
كَذَلِكَ يُضَافُ إِلَيْهَا طَرِيقَا حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-.
فَالْحَدِيثُ ثَابِتٌ صَحِيحٌ بِمَجْمُوعِ طُرُقِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَدْ صَحَّحَهُ الشَّمْسُ ابْنُ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي "زَادِ الْمَعَادِ" (2/ 456).
وَابْنُ آَدَمَ إِلَى الْعَجْزِ، وَالضَّعْفِ، وَالْعَجَلَةِ أَقْرَبُ!
وَإِنِّي لاَ أَشُكُّ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ لِي خَلَلٌ، لَكِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنِ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ!
فَجَزَى اللَّهُ خَيْرًا مَنْ أَدَّى إِلَيَّ حَقَّ النَّصِيحَةِ، وَأَلاَنَ لِيَ الْقَوْلَ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ،
وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَئَابُ. . .
يُتبع
...
..
.
¥