فتلك العلّة في المتن أثَرٌ على وجود علة كامنة في السند، فإذا بالحديث مِن أفراد البخاري وليس له أصلٌ يُرجَع إليه. فكان القول قول الإسماعيلي لأنه احتكم إلى كتاب الله، وأمّا مَن قال بصحة الحديث فقد احتكم إلى اجتهاد البخاري ليس إلاّ، فانظر!
وأنا انصحك يا أخي أن تتوقف كثيرا قبل أن تقدم على تضعيف حديث أخرجه البخاري
ليس الأمر على إطلاقه بارك الله فيك، فما يُنتقد على البخاري رحمه الله ليس بمطعن في صحيحه ككلّ، لأن كل حديث يقوم به ترجيح خاص كما نبّه ابن حجر في نكته، وإعلال الخاص ليس إعلالاً للعام أخي العزيز. فالتسليم بالصحّة العامة لكتاب البخاري رحمه الله شيء، والتفتيش في كلّ حديثٍ حديث شيء آخر.
يقول ابن معين: ((لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجهاً ما عقلناه)). ويقول ابن المديني: ((الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبيَّن خطؤه)).
وقال الخطيب البغدادي: ((والسبيل إلى معرفة علة الحديث أن يجمع بين طرقه وينظر في اختلاف رواته ويعتبر بمكانهم من الحفظ ومنزلتهم في الإتقان والضبط)). وقال ابن المبارك: ((إذا أردتَ أن يصحّ لك حديث، فاضرب بعضه ببعض)).
فإن وجدتَ في صنيعي خروجاً عن أقوال أهل هذا الفنّ، فأرشِدني إليه واستغفر لأخيك الأصغر.
تقول أحسن الله إليك:
ثانيا: من ناحية المتن
ليس في المتن إشكال ولله الحمد، فإن الخزي الذي قصده إبراهيم هو أن يسحب أباه إلى النار والناس ينظرون ويعلمون أنه أباه
قلتُ: مِن أين أتيتَ بهذا المعنى أصلحني الله وإياك! ومَن الذي قال إن إبراهيم يُحرَج مِن أن يعرف الناس أن آزر أبوه، وكأنك لم تقرأ قوله تعالى: (يوم يفرّ المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذٍ شأن يُغنيه)!
تقول أحسن الله إليك:
فإبراهيم قد تبرأ من ابيه ويعلم انه عدو لله لكنه لو سُحب أباه إلى النار في ذلك الموقف أمام الخلائق شعر أنه خزي له
فماذا يفعل نوح عليه السلام إذن؟ أليس في دخول ابنه النار خزي له هو الآخَر؟ على أن قولك أن هذا هو الخزي المقصود قول مدفوعٌ بنصّ الحديث فإنك تعسّفتَ فيه مِن حيث لا تدري، ففيه: ((فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك لا تعصني، فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك، فيقول إبراهيم: يا رب إنك وعدتني .. )) فأين خشية إبراهيم من الإحراج أمام الناس في كلامه لو كان ذلك كذلك! ولذلك كان الجواب: ((إني حرَّمتُ الجنة على الكافرين)) فعُلم أن منطوق الحديث هو الشفاعة، فمِن أين أقحمتَ الناس!
مِن هنا فقولك:
ولم يكن في قوله (ألم تعدني .. ) إعتراض على الله أو أنه ليس متبرءا من ابيه أو أنه يطلب الشفاعة له، ليس في كلامه شيء من هذا، وإنما اراد إبراهيم أن يؤخذ أباه إلى النار من دون أن يعلم الناس أنه أباه كي لا يحصل له خزي وحرج
ليس مِن المتن في شيء، فانظر إلى دفاع ابن حجر تجد أنه فهم ما ينصّ عليه الحديث وطعن فيه الإسماعيلي.
وهذا ما فعله الله بأن مسخ أباه ضبعا
وهنا سؤال: أين ورد أن هناك مسخاً يوم القيامة! هل ورد في كتاب الله أو في أيٍّ من أحاديث يوم القيامة شيء مِن هذا! فلو وجدتَه، أرجو أن تدلّني عليه أكرمك الله.
يتبع إن شاء تعالى ..
ـ[إبن محيبس]ــــــــ[29 - 03 - 09, 12:08 م]ـ
هداني الله وإياك يا ابن الأقطش
لا تخالف إجماع أهل العلم قرنا بعد قرن فإنهم كانوا بحال هذا الحديث عالمين ومع ذلك قبلوه وقبلوا تصحيح البخاري له، وارجع إلى ردودي السابقة واقرأها جيدا فلا داعي للتكرار
وليس في الحديث مخالفة للقرآن وفقك الله وقولك أنّ إبراهيم عليه السلام كان يريد الشفاعة لأبيه كي لا يدخل النار وأنّ هذا هو المراد بالخزي في الحديث ما أقول إلا سبحانك هذا بهتان عظيم
لا ينبغي لك أحسن الله إليك ولا لغيرك أن تتكلم بهذا لإمام الحنفاء وأحد الخليلين
أيجهل إبراهيم أنّ المشركين مصيرهم إلى النار؟!! لقد تبرأ إبراهيم من أبيه في الدنيا لمّا تبين له أنه عدو لله، كيف يشفع إبراهيم لكافر مشرك؟!!
لا ي ا أخي الكريم ليس هكذا، الحديث واضح وصريح لا مرية فيه، أين ذكر الشفاعة في الحديث؟! كيف يظن مسلم بإبراهيم أنه يشفع لكافر؟!
لا يا أخي هذا كلام خطير ولا ينبغي، وأرجو أكرمك الله أن ترجع عنه فإني أظنك لم تتفكر جيدا في لوازمه فلا يجهل إبراهيم أن المشركين (لا تنفعهم شفاعة الشافعين) وما قصده إبراهيم من الخزي هو ما ذكرته لك وهو أن يُسحب أباه إلى النار ويدخلها والناس ينظرون، وإبراهيم بشر يتأذى بذلك وقد ذكرت لك كلام إبن إبن سلول.
والحديث حجة بنفسه، فإذا ورد في حديث واحد أن أبا إبراهيم يُمسخ فسيُمسخ، إننا لسنا قرآنيين بارك الله فيك
وكلامك كله خروج عن صنيع أهل العلم، حديث يقبله العلماء ويصححونه ثم أنت تضعّفه ّّ، إذاً تتبّع كل أحاديث إبن أبي أويس في البخاري وضعّفها! واضرب برضا أهل العلم بها عرض الحائط! فلعلّك لا تجد ما يصلح أن يعضدها
لا يا أخي، إذا كنت تحب تخريج الأحاديث فعليك أن تعرف لأئمة الحديث قدرهم، إنّ البخاري ليس كأي واحد من المشتغلين بالتخريج في هذا العصر، الرجل إمام من أئمة هذا الفن، يحفظ ستمائة ألف إسناد لا يوجد اليوم منها ولا نصفها، إعرف لهم قدرهم ووزنهم خاصة من اشترط الصحة في كتابه كالبخاري، وأما من لم يشترط فالأمر واسع
وأما قوله تعالى (يوم يفر ّ .. ) فهذا قد يستثنى في مواضع، وإلا فما بال إبراهيم لم يفرّ من أبيه؟! بل يكلمه ويؤنبه؟!
سدّد الله خطاك
¥