القول أن خبر الآحاد يفيد الظن قول باطل وهو من أقوال أهل البدع وأول من قاله المعتزلة يريدون بذلك رد السنة وإنكار الصفات
خبر الآحاد يفيد العلم وهذا ما عليه أهل التحقيق خاصة إذا إحتفت به قرائن
خبر الآحاد هل يفيد العلم أو الظن:
اختلف العلماء من الأصوليين وعلماء مصطلح الحديث فيه على ثلاثة أقوال:
1 - أن الحديث الصحيح يفيد العلم ولو لم يكن له إلا طريق واحد وهو قول ابن حزم وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وقال ابن القيم إنه قول مالك والشافعي وأحمد وأصحاب أبي حنيفة وداود بن علي واختيار أحمد شاكر وهو قول قوي ..
2 - أنه يفيد الظن مطلقًا، وإلى هذا ذهب بعض الأصوليين والفقهاء وهو قول أهل البدع من المعتزلة وغيرهم
3 - أنه يفيد الظن، وقد يفيد العلم النظري بالقرائن، وله أنواع ثلاثة:
4 - أن يكون مخرَّجًا في الصحيحين لتلقي العلماء لهما بالقبول ويستثنى من ذلك شيئان، أحدهما: ما انتقد عليهما، والثاني: ما كان معارضًا لغيره ولم يتبين وجه الجمع أو الترجيح أو النسخ فإنه يفيد العلم عنده، وممن ذهب إلى أن ما في الصحيحين يفيد العلم شيخ الإسلام وابن القيم رحمهما الله، وابن الصلاح ونقله العراقي في شرحه على ابن الصلاح عن جماعة وعن أكثر أهل الكلام من الأشعرية وعن أهل الحديث قاطبة وهو اختيار ابن كثير والحافظ ابن حجر رحمهما الله.
إذا تعددت طرق الحديث وتباينت مخارجه كالحديث المشهور الذي لم يصل إلى حد التواتر، أن يرويه أربعة من أربعة طرق.
أن يكون الحديث مسلسلا بالأئمة ولا يكون غريبًا بأن لا ينفرد كل واحد بروايته، كالحديث الذي يرويه أحمد عن الشافعي عن مالك ولا ينفرد كل واحد.
وإذا اجتمعت هذه الأنواع الثلاثة فلا يبعد أن يفيد القطع بأن يفيد العلم الضروري كالمتواتر.
والقول الأول هو الصواب وهو أن الحديث الصحيح يفيد العلم مطلقًا، والمراد العلم النظري، وأما القرآن والخبر المتواتر فإنه يفيد العلم الضروري وهو اختيار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، يراجع شرح نخبة الفكر
والخلاصة في إفادة خبر الآحاد العلم أو الظن إذا صح الحديث ثلاثة أقوال:
1 - يفيد الظن مطلقًا.
2 - يفيد العلم مطلقًا.
3 - يفيد العلم بالقرائن، وأرجحها الثاني.
4 - وهذا الخلاف فيما يفيده خبر الآحاد من العلم أو الظن، أما العمل به فإنه واجب باتفاق أهل السنة، ولم يخالف في هذا إلا أهل البدع من المعتزلة والجهمية والرافضة والخوارج وغيرهم، الذين يقولون: إن خبر الآحاد ظني الدلالة كما أنه ظني الثبوت، وبهذا القياس الفاسد ردوا نصوص الكتاب والسنة وقالوا: إنها لا تدل على إثبات الصفات؛ لأن دلالتها ظنية، كما أن نصوص السنة ظنية الثبوت، قالوا: والأدلة اللفظية لا تفيد اليقين وإنما الذي يفيد اليقين هي الأدلة العقلية فيسمونها قواطع عقلية وبراهين يقينية، أما الأدلة اللفظية فإن كان متواترا كالقرآن قالوا إن دلالته ظنية، وإن كان خبر آحاد كالسنة قالوا لا يحتج بخبر الآحاد في العقائد.
وهذا زيغ وانحراف نعوذ بالله، والصواب: وجوب العمل بخبر الآحاد والاحتجاج به في العقائد والأعمال، وهذا هو الذي عليه أهل السنة قاطبة، وقد عقد البخاري رحمه الله في صحيحه كتابا في الاحتجاج بخبر الواحد، وساق أدلة كثيرة.
وذهب ابن القيم إلى أن خبر الواحد إذا صح فإنه يفيد العلم وقرر ذلك ونصره في آخر كتابه مختصر الصواعق المرسلة.
وقال: إن ممن نص على أن خبر الواحد يفيد العلم مالك والشافعي وأصحاب أبي حنيفة وداود بن علي وأصحابه كأبي محمد بن حزم وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وقال الإمام أحمد في حديث الرؤية: نعلم أنها حق ونقطع على العلم بها، وقال القاضي، وظاهر هذا أنه يسوي بين العلم والعمل، وعن الإمام أحمد رواية أخرى تدل على أن خبر الواحد لا يفيد العلم.
قال ابن القيم وهذه رواية انفرد بها الأثرم وليست في مسألة ولا في كتاب السنة، وإنما حكاها القاضي أنه وجدها في كتاب معاني الحديث، والأثرم لم يذكر أنه سمع ذلك منه، بل لعله بلغه من عند واهم وهم عليه في لفظه، فلم يرو عنه أحد من أصحابه ذلك، بل المروي الصحيح عنه أنه جزم على الشهادة للعشرة بالجنة والخبر في ذلك خبر واحد.
¥