تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حَتَّى أَنَّ الرَّجُلَ لَيغْشَى المَرْأَةَ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ؛ فَيَقُولُ أَمْثَلُهُمْ في ذَلِكَ الزَّمَانِ: لَوِ اعْتَزَلْتُمَا عنِ الطَّرِيقِ، وَيَلْبِسُونَ جُلُودَ الضَّأْنِ عَلَى قُلُوبِ الذِّئَابِ، أَمْثَلُهُمْ في ذَلِكَ الزَّمَانِ المُدَاهِنُ ".

قَالَ الحَاكِمُ: " هَذَا حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ سيفُ بنُ مسكينٍ عنِ المباركِ بنِ فضالةَ، والمباركُ بنُ فضالةَ ثقةٌ ".

أقولُ: هَذَا إِسنادٌ ضَعِيفٌ جِدّاً، يَشْتَمِلُ عَلى أَرْبَعِ عِلَلٍ:

الأولى: عبدُ الوارثِ بنُ إبراهيمَ العسكريُّ أبو عُبيدةَ قَالَ عَنْهُ الهيثميُّ في " مجمعِ الزَّوائدِ " (5/ 378): " لَمْ أَعْرِفْهُ ".

الثَّانيةُ: سيفُ بنُ مسكينٍ ضَعِيفٌ جِدّاً، قَالَ ابنُ حِبَّانَ في " المجروحينَ " (1/ 347): " يأتي بِالمَقْلُوبَاتِ والأَشْيَاءِ المَوْضُوعاتِ، لاَ يحلُّ الاحْتِجَاجُ بِهِ؛ لِمُخَالفَتِهِ الأَثباتِ في الرِّوَاياتِ عَلَى قِلَّتِهَا ".

الثَّالثةُ: مباركُ بنُ فضالةَ صَدُوقٌ، لكنَّهُ كثيرُ التَّدليسِ، وَقَدْ عَنْعَنَهُ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالسَّمَاعِ.

الرَّابعةُ: منتصرُ بنُ عُمارةَ وَأَبُوهُ مجهولاَنِ _ كَمَا قالَ الذَّهبيُّ في " تلخيصِ المُسْتَدْرَكِ " _.

رابعاً: حديثُ حذيفةَ بنِ اليمانِ _ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ _.

أَخْرَجَهُ العُقيليُّ في " الضُّعفاءِ " (2/ 69 _ ترجمة:513) _ واللَّفظُ لهُ _ مِنْ طَرِيقِ عبدِ الملكِ بنِ مروانَ، وأبو نُعيمٍ في " الحِلْيَةِ " (7/ 127) _ ومنْ طَرِيقِهِ: ابنُ الجوزيِّ في " العِلَلِ المتناهيةِ " (2/ 637 _ رقم:1054) _ منْ طَرِيقِ عصامِ بنِ روَّادٍ، كِلاَهُمَا قَالَ: حدَّثنا روَّادٌ، عنْ سفيانَ الثَّوريِّ، عنْ منصورٍ، عنْ رِبْعِيٍّ، عنْ حذيفةَ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ _: " إِذَا كَانَ سَنَةُ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ فَلأَنْ يُرَبِّيَ أَحَدُكُمْ جَرْوَ كَلْبٍ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُرَبِّيَ وَلَداً في ذَلِكَ الزَّمَانِ ".

قلتُ: وَهَذَا مُنْكَرٌ جِدّاً؛ لأَجْلِ رَوَّادٍ، وَهُوَ: ابنُ الجرَّاحِ العَسْقَلانيُّ الشَّامِيُّ، فَإِنَّ مَدَارَ الحَدِيثِ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ سُفْيَانَ _ كَمَا قَالَ أَبُو نُعيمٍ _، وَهُوَ صَدُوقٌ، إِلاَّ أَنَّهُ اخْتَلَطَ في آخِرِ عُمُرِهِ، فَتُرِكَ، وفي حَدِيثِهِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوريِّ ضَعْفٌ شَدِيدٌ، قَالَ الإِمَامُ أحمدُ بنُ حنبلٍ: " لاَ بَأْسَ بِهِ، صَاحِبُ سُنَّةٍ، إِلاَّ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ سُفْيَانَ أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ وَقَالَ ابنُ معينٍ: " إِنَّمَا غَلِطَ في حَدِيثٍ عَنْ سُفْيَانَ وَقَالَ البُخَاريُّ: " كَانَ قَدِ اخْتَلَطَ، لاَ يَكَادُ يَقُومُ حَدِيثُهُ، لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ حَدِيثٍ قَائِمٍ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: " تَغَيَّرَ في آخِرِ عُمُرِهِ، وَكَانَ مَحَلَّهُ الصِّدْقُ وَقَالَ النَّسائيُّ: " لَيْسَ بِالقَوِيِّ، رَوَى غيرَ حَدِيثٍ مُنْكَرٍ، وَكَانَ قَدِ اخْتَلَطَ وَقَالَ الدَّارقطنيُّ: " مَتْرُوكٌ ".

قَالَ العُقيليُّ _ بَعْدَ إِيرَادِهِ لِهَذَا الحَدِيثِ في ترجمةِ رَوَّادٍ _: " وَأَمَّا حَدِيثُ سُفْيَانَ الثَّوريِّ فَبَاطِلٌ ".

وَتَابَعَ رَوَّادَ بنَ الجرَّاحِ عليهِ: الحسنُ بنُ حمَّادٍ الخُرَاسَانيُّ، أَخْرَجَهُ أبو يَعْلَى الخَلِيلِيُّ في " الإرشادِ " (2/ 471 _ 472، المنتخب) مِنْ طَرِيقِ إِبراهيمَ بنِ الهيثمِ البَلديِّ، عنِ الحسنِ بنِ حمَّادٍ الخُرَاسَانِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوريِّ، عَنْ منصورٍ، عنْ رِبْعِيٍّ، عنْ حُذيفةَ بنِ اليمانِ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ _: " لأَنْ يُرَبِّيَ أَحَدُكُمْ _ بَعْدَ المِائَتَيْنِ _ جَرْوَ كَلْبٍ؛ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يُرَبِّيَ وَلَداً مِنْ صُلْبِهِ ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير