فإن قال: نعم! قد صحت الأحاديث في ذلك؛ لزمه أن يجيب بشجاعة عن قول القائل: (كيف يتفق حلق اللحية مع أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفائها وزعْمِك العمل بالسنة والدعوة إليها؟). ولا بد! فإن كان لك عذر مقبول فلعله يشير إليه، ولا يصرح به؛ حتى لا تسيء به الظنون!
وعلى احتمال أن له في تركها عذرًا عند الله ورسوله؟ فهلا كان ستر على نفسه بإخفاء صورته الشخصية عن أعين الناظرين؟ لا سيما وبعض إخواننا في (ليالي الأنس والفرفشة) يناديه بـ: (المحدث)؟!
وإن كان جوابه: لا! فتلك هي القضية! كما حدث مع حمَّال الأسيَّة، والأميرة لُولِيَّة، الجِنِّيَّة الإنْسِيَّة؟ فهل يعرف الأخ خبرهما؟ وما جرى في سالف الأزمان لهما؟
--- تقول حفظك الله للأخ عبد الله دريد حقي: ((وإنما مراد أخيك: هو دعوتُك وغيرك للنظر في الباعث وراء حقيقة طعن الأخ الأقطش في أحاديث الصحيحين خاصة! فافهم عني ما أقول يا رعاك الله)). اهـ
قلتُ: أوَ شَقَقْتَ عن قلبي حتّى تشنّع في كلّ مناسبة بمثل هذا الكلام! وهل أكتب في هذا الملتقى الكريم حتى تُخاطبني بمثل هذا أكرمك الله؟ ما ضرّك لو تناولتَ كلامي بمعزلٍ عن شخصِ كاتبه الذي لا يطّلع على قلبه أحدٌ إلا خالقه!
اسمعني جيدًا يا أخي: كلام الإنسان عنوان على شخصه، وحديثه ربما كان نهاية البيان للتعرف على حقيقة أمره، وأخوك قد تتبَّع أكثر مشاركاتك في تضعييف صحاح الأخبار = فاتضح له الآتي:
الظاهر: أنك تشبَّعتَ كثيرًا بشبهات العقلانيين والعصرانيين إزاء الأحاديث التي لا يستسيغونها! ويبدو أنك لا تعرف كيف السبيل إلى التنكب عن ذلك المسلك! وبرهان ذلك أن طعونك في بعض متون الصحيحين هي نفسها تلك الطعون التي سبقك إليها من سبقك من أقحاح أهل البدع والأهواء!
لكن الفرق بينك وبينهم: أنك شدوتَ شيئا من معارف أهل الحديث! فغدوتَ تتكلم بلسانهم في نقد الأسانيد! لكنك لبعدك عن طريقتهم في نقد المتون، لم تستطع أن تحاكيهم في ذلك! وإنما ظهر مسايرتك للسلف الماضيين من العقلانيين في نصوص انتقاداتك لمتون الصحيحين! كما فعلتَ في حديث طواف سليمان على نسائه! وننتظر منك المزيد؟
وقد قلتُ لك سابقا: والله إني لمشفق عليك منك! وقد خشيت عليك أمرًا آخرًا ربما لا أستطيع أن أبوح لك به الآن أمام الجماهير! فلعلك تعرفه منا عن طريق المراسلة على الخاص إن شئتَ.
ونصيحيتي الأخيرة لك: أن تتريَّث طويلا وأنت قادم على عظيم ما تقدم عليه! وعليك بإدمان النظر في طريقة السلف في نقد المتون والأسانيد! ودعك من تحكيم العقل في كل مرة وأنت بصدد نقد المتن! فلم يكن هذا من هدي السلف دائما!
هذا: وأعداء الإسلام يتربصون بنا من الأحداق إلى الأعماق؟ وهمهم الذي يشغلهم هو القضاء على البقية الباقية لنا من تراث السلف، فبالله لا تكن عونًا لهم - وأنت غير شاعر - على حساب دينك ورسولك والمؤمنين؟
وإذا طاوعتْك نفسك على انتقاد حديث قد جرى العمل على صحته: فانظر أولا، هل غمز فيه أحدُ من حذاق أئمة هذا الشان قبلك؟ أو اختلفوا في تصحيحه؟ فهنا لك أن تجتهد في ترجيح قول أحدهم على الآخر! وإذا رأيتَ أحد النقاد الكبار قد جزم بصحة حديث، ولم يخالفه غيره، فإياك أن تناوشه بتضعييفه! أو تخالفه بتزييفه؛ فتكون مقرًا بقلة باعك، مع قصور اطلاعك، وتجنِّيك، مع قلة تحرِّيك، وقد نصحتُك والله الموعد.
ومع كل ما ذكرته عنك هنا وهناك: فأنا لست بنازع عنك حُلة الفهم، ولا مجرِّدك من أثواب المعرفة والعلم، بل أشهد لك ببعض البراعة، وأعترف باغترافك من أنهار تلك الصناعة، ولستُ بالذي يغمض الناس حقهم وإن خالفوه، ولا بالذي يسلبهم الفضائل وإن اجتمعوا عليه ونبذوه! والله من وراء القصد، وهو أعلم بمن زرع وحصد.
وبعد: لقد تكلمتُ فأفصحتُ، ولكن ما شُفِيتُ، وتحدَّتُ فأبلغتُ، ولكن ما رُوِيتُ.
وكتبه أخوك المذنب الفقير، المعترف بالخطأ والتقصير: أبو المظفر السناري. ذلك الأثيم العاثر. سامحه الله.
ـ[أحمد الأقطش]ــــــــ[19 - 06 - 10, 08:22 م]ـ
الشيخَ المكرَّم أبا المظفَّر ..
¥