الأول: من خفيفي الضبط ومن عرف عنهم بالتساهل:
وهذا يحصل منهم كثيراً ومن أمثلة ذلك:
1 - ما ذكره أبو حاتم عن أصحاب بقية بن الوليد أنهم يتساهلون في نسبة قول (حدثنا) إلى بقية (1).
2 - وذكر الإسماعيلي أيضاً عن الشاميين والمصريين أنهم يتساهلون في التحديث ونص على يحيى بن أيوب أيضاً (2).
3 - وقال أحمد بن حنبل (1): (كان مبارك (يعني ابن فضالة) يرفع ابن مغفل كثيراً ويقول في غير حديث عن الحسن قال: نا عمران، قال: نا ابن مغفل، وأصحاب الحسن لا يقولون ذلك غيره) اهـ.
4 - وقال أحمد أيضاً (2): (كان سجية في جرير بن حازم يقول: حدثنا الحسن قال: حدثنا عمرو بن تغلب، وأبو الأشهب يقول: عن الحسن قال بغلني أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لعمرو بن تغلب) اهـ.
5 - وقال الدوري (3): (سمعت يحيى (ابن معين) يقول:
((كان جرير بن حازم يحدث فيقول: حدثنا، فكان حماد بن زيد يقول له: عن عن، قال يحيى: وكان حماد بن زيد يقول لجرير بن حازم فيما بينه وبينه))) اهـ.
6 - وروى العقيلي (4) عن يحيى بن معين أنه قال ليحيى بن سعيد القطان في فطر بن خليفة:
(فتعمد على قوله حدثنا فلان قال حدثنا فلان موصول،.
قال لا.
قلت: كانت منه سجية؟.
قال: نعم) اهـ.
7 - وقال ابن رجب رحمه الله: (5)
(وكان أحمد يستنكر دخول التحديث في كثير من الأسانيد، ويقول هو خطأ، يعني ذكر السماع ـ ثم مثل على ذلك بأمثلة وقال:
وحينئذ فينبغي التفطن لهذه الأمور، ولا يغتر بمجرد ذكر السماع والتحديث في الأسانيد) اهـ
الثاني: من الثقات الحفاظ:
وهذا قد يحصل قليلاً ويكون من الأوهام التي تعرض للثقة وتدخل في الحديث المعل، ومن أمثلة ذلك:
1 - قال يحيى بن معين (6):
(أخطأ عبد الرحمن بن مهدي يوماً فقال: حدثنا هشيم قال: حدثنا منصور، ولم يكن هشيم سمعه من منصور) اهـ.
2 - وقال الحافظ ابن رجب (1):
(قد ذكر ابن المديني: أن شعبة وجدوا عليه غير شئ يذكر فيه الأخبار عن شيوخه ويكون منقطعاً) اهـ.
3 - ومن ذلك عدد من الأحاديث التي صرح فيها الراوي الثقة بوجود التحديث ويكون
الصحيح خلافه (2) ـ عند عدد من الأئمة ـ.
فمن مجموع ما سبق يتضح ما يلي:
1 - أ ن العنعنة تكون غالباً من تصرف الرواة عن المدلس لا من قول المداس، وعندها
فالحكم بكون هذه العنعنة منه مطلقاً خطأ.
2 - وأن الحكم بأن المدلس ـ أو الراوي عموماً ـ قد صرح بالتحديث لمجرد وجود هذا
التصريح في بعض الطرق مطلقاً خطأ.
والأمر يعود في ذلك كله إلى النظر في الأسانيد والرجال والاعتبار والقرائن وهذا لايضبط بضابط مطلق يكون مطرداً في جميع الحالات.
وهذا كله يؤكد أن الأخذ بالضوابط فقط من دون نظر في الطرق والأسانيد واعتبار الروايات ومقارنتها ـ كما هو منهج كثير من المعاصرين في الحكم على رواية المدلس ـ خطأ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ـ[المقرئ.]ــــــــ[04 - 08 - 04, 06:58 م]ـ
جزاكم الله خيرا ونفع بكم
ومن الأمثلة العجيبة التي تبين لنا اهتمام الأئمة بهذه الصيغ أننا من خلال الصيغة نبين الراوي ونحدده فيما إذا وقع تشابه بالأسماء
ومن الفوائد التي مرت علي:
أن ابن حجر في شرحه للبخاري قال في " محمد "في أحد الأسانيد بأنه ابن سلام وليس ابن المثنى
تعقبه العيني فقال ودعوى الجزم مردودة على ما لا يخفى
فتعقبه ابن حجر فقال: لو كان من أهل الحديث لعرف أن ابن المثنى لا يقول إلا حدثنا وابن سلام لا يقول إلا أخبرنا وهو وقع هنا عند الجميع بلفظ " أخبرنا " فعرف أنه ابن سلام وبذلك جزم المزي في الأطراف فقال " ح " عن محمد وهو ابن سلام
فهذا المثال وغيره يبين أن مثل هذه الصيغ ينبغي للباحث أن يوليها عناية والله المستعان
المقرئ