أقولُ: هَذَهِ مُتَابَعَةٌ لاَ يُفْرَحُ بها؛ لأنَّ إسنادَهَا ضَعِيفٌ جِدّاً؛ فأبو الفضلِ العبَّاسُ بنُ محمدٍ هُوَ: العبَّاسُ بنُ أحمدَ بنِ محمَّدِ بنِ عبدِ اللَّهِ، نُسِبَ إلى جَدِّهِ، تَرْجَمَ لهُ ابنُ عَسَاكِرَ في " تاريخِ دمشقَ "، وأخرجَ هَذَا الأثرَ في ترجمتِهِ، ولَمْ يَذْكُرْ فيهِ جَرْحاً وَلاَ تَعْدِيلاً، وسُنَيْدُ بنُ دَاوُدَ هُوَ: حسينُ بنُ دَاوُدَ، وسُنيدٌ لقبٌ لهُ، ضُعِّفَ، وطلحةُ بنُ عمرٍو هُوَ: ابنُ عثمانَ المكِّيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
وأَشَارَ البيهقيُّ في " السُّننِ الكبرى " (4/ 202) إلى أَثَرِ مجاهدٍ هَذَا، وذَكَرَ أنَّ الطَّريقَ إليهِ ضَعِيفٌ.
سادساً: أثرُ الحسنِ البَصْريِّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _
أَشَارَ إليهِ البيهقيُّ في " السُّننِ الكُبرى " (4/ 202) إلى أَثَرِهِ هَذَا _ ولَمْ أَقِفْ عليهِ _، وذَكَرَ أنَّ الطَّرِيقَ إليهِ ضَعِيفٌ.
حَاصِلُ الأَمْرِ؛ لاَ يَصِحُّ في هَذَا البَابِ شَيْءٌ، وَقَدْ تَرْجَمَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في " صَحِيحِهِ " (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn1) بَاباً قَالَ فِيهِ: " بَابٌ: هَلْ يُقَالُ: رَمَضَانُ، أَوْ شَهْرُ رَمَضَانَ، ومَنْ رَأَى كُلَّهُ وَاسِعاً "، ثُمَّ احْتَجَّ لِجَوازِ ذَلِكَ بعِدَّةِ أَحَادِيثَ، وَقَدْ تَرْجَمَ النَّسَائِيُّ لِذَلِكَ _ أَيْضاً _ في " السُّنَنِ الصُّغْرَى " (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn2)، و " السُّننِ الكُبرى " (3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn3) فَقَالَ: " بَابُ الرُّخْصَةِ في أَنْ يُقَالَ لِشَهْرِ رَمَضَانَ: رَمَضَانُ ".
وقَالَ ابنُ أَبي حَاتمٍ _ رحمهُ اللَّهُ _: " وَرَخَّصَ فِيهِ ابنُ عبَّاسٍ، وزيدُ بنُ ثابتٍ " (4) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn4) .
وقَالَ القُرْطُبِيُّ _ رحمهُ اللَّهُ _: " والصَّحيحُ جَوَازُ إِطْلاقِ رَمَضَانَ منْ غيرِ إِضَافَةٍ، كَمَا ثَبَتَ في الصِّحَاحِ وغيرِهَا، ... " ثمَّ ذَكَرَ عدداً منَ الأحاديثِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ، ثمَّ قَالَ: " والآثارُ في ذَلِكَ كثيرةٌ، كُلُّهَا بِإِسْقَاطِ شَهْرٍ، ورُبَّمَا أَسْقَطَتِ العَرَبُ ذِكْرَ الشَّهْرِ منْ رَمَضَانَ، قَالَ الشَّاعرُ:
جَارِيةٌ في دِرْعِهَا الفَضْفَاضِ أَبْيَضُ مِنْ أُخْتِ بَنِي إِبَاضِ
جَارِيةٌ في رَمَضَانَ المَاضِي تَقْطَعُ الحَدِيثَ بِالإِيمَاضِ " (5) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn5) .
وقَالَ الإِمَامُ النَّوويُّ _ رحمهُ اللَّهُ _: " والصَّوابُ _ واللَّهُ أعلمُ _ مَا ذَهَبَ إليهِ الإمامُ أَبُو عبدِ اللَّهِ البُخاريُّ في " صَحِيحِهِ "، وغيرُ وَاحِدٍ منَ العُلماءِ المُحقِّقينَ؛ أنَّهُ لاَ كَرَاهَةَ مُطْلقاً كَيْفَمَا قَالَ؛ لأنَّ الكَرَاهَةَ لاَ تَثْبُتُ إلاَّ بالشَّرْعِ، ولَمْ يَثْبُتْ في كَرَاهَتِهِ شَيْءٌ، بلْ ثَبَتَ في الأحاديثِ جوازُ ذَلِكَ، والأحاديثُ فيهِ منَ الصَّحِيحَيْنِ وغيرِهِمَا أكثرُ منْ أنْ تُحْصَرَ، ولَوْ تَفَرَّغْتُ لجمعِ ذَلِكَ رَجوتُ أنْ يَبْلُغَ أحاديثُهُ مِئِينَ، لكنَّ الغرضَ يحصلُ بحَدِيثٍ وَاحِدٍ " (6) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn6) .
وَقَالَ الحافظُ ابنُ حَجَرٍ _ رحمهُ اللَّهُ _: " وَقَدْ يُتَمَسَّكُ لِلتَّقْيِيدِ بالشَّهرِ بِوُرُودِ القُرآنِ بِهِ حيثُ قالَ: {شَهْرُ رَمَضَانَ} [البقرة: 185]، مَعَ احْتِمَالِ أنْ يكونَ حَذْفُ لفظِ شَهْرٍ منَ الأَحَادِيثِ منْ تَصَرُّفِ الرُّواةِ، وَكَأَنَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ في عَدَمِ جَزْمِ المُصنِّفِ _ يعني: البُخاريَّ _ بالحُكْمِ، ونُقِلَ عنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ الكَرَاهِيةُ، وعنِ ابنِ البَاقِلاَّنِيِّ _ مِنْهُمْ _، وكَثِيرٍ منَ الشَّافعيَّةِ: إنْ كَانَ هُنَاكَ قرينةٌ تَصْرِفُهُ إلى الشَّهرِ فلاَ يُكْرَهُ، والجمهورُ عَلَى الجَوَازِ " (7) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn7) .
وَقَالَ السُّيُوطيُّ _ رحمهُ اللَّهُ _: " قَالَ النُّحَاةُ: وشَهْرُ رَمَضَانَ أَفْصَحُ منْ تَرْكَ الشَّهْرِ " (8) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn8) .
_ تَمَّ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالى _
كَتَبَهُ: أَبُو عُمَرَ نادرُ بنُ وَهْبِي النَّاطُورُ القَنِّيرِيُّ
الزَّرقاءُ _ الأردنُّ
(1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftnref1) " صحيح البخاريِّ " (2/ 671 _ بغا).
(2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftnref2) " السُّنن الصُّغرى " (4/ 130).
(3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftnref3) " السُّنن الكُبرى " (2/ 67).
(4) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftnref4) " تفسير ابن أبي حاتم " عَقِبَ الحديثِ (رقم:1673).
(5) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftnref5) " تفسير القرطبيِّ " (2/ 292 _ 293).
(6) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftnref6) " الأذكار " (ص:889).
(7) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftnref7) " فتحِ الباري " (4/ 113).
(8) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftnref8) " الشَّماريخ في علم التأريخ " (ص:40).
¥