وقد حاولت جاهدا منذ سنين أن أجمع الأحاديث التي صحح الإمام أحمد الحديث لكثرة طرقها مع أن في كل طريق علة قادحة [قيد] @ فما تجاوزت الأحاديث أصابع اليد الواحدة
شيخنا المقرئ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ليتك تكتب عن هذه الأحاديث في موضوع مستقل حتى نستفيد منها
ـ[أبو حازم فكرى زين]ــــــــ[20 - 07 - 08, 11:54 م]ـ
الشيخ الكريم الموفق المسدد / المقرئ جزاكم الله خيراً وهكذا أنت دوماً كما عودتنا.أيها الأحباب أن تراجعات العالم الرباني لا تخالف الثبات على المنهج، بل إن تراجعه أكبر دليل على منهجيته، أما نحن فنؤتي في هذه الأيام من قبل حدثاء الأسنان، الذين جرت أقلامهم توقع عَنْ رب العالمين بلا أزمة ولا خُطم، فغابت المنهجية نوعاً ما أمام هَذَا الغثاء الذي أصاب ثوابت الدين، حيث أصبحت أفنان الشريعة كلأ مباحاً لكل من هب ودب، وسبب هَذَا هو
غياب الدين والورع و هو من لوازم الرسوخ والمنهجية
أرى واللهُ أعلم أن هَذَا التذبذب وعدم الثبات على منهج قويم في مسألة التصحيح والتضعيف، بله في شتى أنواع العلوم الشرعية؛ هو عدم الرسوخ في مادة هَذَا العلم الذي يبغيه الطالب، بل أكثر من ذَلِكَ أنه ومع ضعف قدمه في هَذَا العلم أو ذاك المذهب تجده يقف مُنَظِّراً لمذهبٍ انتحَلَهُ، أو منافحاً عَنْ رأي تبناهُ شَيْخُهُ، فهذا حَمَّلَ نَفْسَهُ فَوْقَ مَا تَحْتَمِل، وما علم أن مِنْ حكمةِ اللهِ البالغةِ أَنَّهُ ((لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا))؛لذا فَقَدْ كَانَ مِنْ دُعَاءِ أهْلِ الْإِيمَان ((رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ))، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ رحمتهِ بنا أَنَّهُ لمْ يُكَلِّفْ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا ((لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا)) فمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ علمُهُ فلا يكلف نفسه فوق طاقتها فإنَّ ((الْمُتَشَبِّعَ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ))
نعم غياب وازع الدين والورع من أهم الأسباب التي تدفع هؤلاءِ الشباب إلى مثل هذه الأفعال، فالديانة والورع والخوف من التقول على الله جلّ وعلا وعلى رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت مَعْلماً بارزاً في حياة سلفنا الصلحاء، فإليك شيئاً من نماذج الورع الفريدة عند هؤلاء العلماء الربانيين:
فهذا الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، شَيْخُ الوَقْتِ، أَبُو بَكْرٍ الفِرْيَابِيُّ جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن المُسْتَفَاض، أَمْسَكَ عَنِ التَّحْدِيْثِ لما أَنِسَ مِنْ نَفْسِهِ تَغَيُّراً.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: قَطَعَ الفِرْيَابِيُّ الحَدِيْثَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ: دَخَلْتُ بَغْدَادَ وَالفِرْيَابِيُّ حَيٌّ، وَقَدْ أَمْسَكَ عَنِ التَّحْدِيْثِ، وَدَخَلْنَا عَلَيْهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَنَكْتُبُ بَيْنَ يَدَيْهِ، كُنَّا نَرَاهُ حَسْرَةً.
قَالَ الذهبي رَحِمَهُ اللَّهُ:نِعْمَ مَا صَنَعَ، فَإِنَّهُ أَنِسَ مِنْ نَفْسِهِ تَغَيُّراً، فَتَوَرَّعَ، وَتَرَكَ الرِّوَايَةِ. ((سير أعلام النبلاء)) (11/ 62)
فرحمة الله على هَذَا الإمام أُنموذج الورع الذي يُحْتَذَى به، ومِصباح الهدى الذي يُقْتَدى به، ترك التَّحْدِيْث لما أَنِسَ مِنْ نَفْسِهِ تَغَيُّراً، فمن لنا بمثل ديانة هؤلاء، الفِرْيَابِيُّ الذي لو أُذِنَ لأحَدٍ أن يُحَدِثَ حتى يأتيه اليقين لكان هو، فهذا أمسك لسانه عَنْ التحديث خشية الزلل والخطل، وهو مَنْ هو في ميدان العلوم الشرعية، فكيف بمَنْ لا يزال رضيعاً في علوم القرآن والسّنة، ومع ذَلِكَ فصوته عند التحديث أعلى من صوت الفريابي، وصرير قلمه عند الكتابة قَدْ أزعج هؤلاء العمالقة في قبورهم.
ومثله الإِمَامُ، شَيْخُ القُرَّاءِ بِبَغْدَادَ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ سَهْلِ بنِ الفَيْرُزان الأُشْنَانِيّ، صَاحِب عُبَيْد بن الصَّبَّاحِ
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِي: قطع الأُشْنَانِيُّ الإِقْرَاءَ قَبْل مَوْتِهِ بعَشْرِ سِنِيْنَ.
¥