فلمّا وقف بين يديه، قال له معاوية: هل لك عنها من سلوٍ، وأعوّضك عنها ثلاث جوارٍ أبكارٍ مع كلّ جاريةٍ منهنٍ ألف درهمٍ، على كلّ واحدةٍ منهنّ عشر خلعٍ من الخزّ والدّيباج والحرير والكتّان، وأجري عليك وعليهنّ ما يجري على المسلمين، وأجعل لك ولهنّ حظاً من الصّلات والنّفقات؟ فلما أتمّ معاوية كلامه غشي على الأعرابيّ وشهق شهقةً ظنّ معاوية أنّه قد مات منها. فلّما أفاق قال له معاوية: ما بالك يا أعرابي؟ قال: شرّ بالٍ، وأسوأ حالٍ، أعوذ بعد لك يا أمير المؤمنين من جور مروان. ثمّ أنشأ يقول:
لا تجعلني هداك الله من ملكٍ ... كالمستجير من الرّمضاء بالنّار
أردد سعاد على حرّان مكتئبٍ ... يمسي ويصبح في همٍّ وتذكار
قد شفّته قلقٌ ما مثله قلقٌ ... وأسعر القلب منه أيّ إسعار
والله والله لا أنسى محبّتها ... حتّى أغيّب في قبري وأحجاري
كيف السّلوّ وقد هام الفؤاد بها ... فإن فعلت فإني غير كفّار
فأجمل بفضلك وافعل فعل ذي كرمٍ ... لا فعل غيرك، فعل اللؤم والعار
ثمّ قال: والله يا أمير المؤمنين لو أعطيتني كلّ ما احتوته الخلافة ما رضيت به دون سعدى. ولقد صدق مجنون بني عامر حيث يقول:
أبى القلب إلاّ حبّ ليل وبغّضت ... إليّ نساءٌ ما لهن ذنوب
وما هي إلاّ أن أراها فجاءةً ... فأبهت حتّى لا أكاد أجيب
فلمّا فرغ من شعره، قال له معاوية: يا أعرابي؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: إنك مقرٌّ عندنا أنّك قد طلّقتها، وقد بانت منك ومن مروان، ولكن نخيّرها بيننا. قال: ذاك إليك، يا أمير المؤمنين. فتحوّل معاوية نحوها ثمّ قال لها: يا سعدى أيّنا أحبّ إليك: أمير المؤمنين في عزّه وشرفه وقصوره، أو مروان في غصبه واعتدائه، أو هذا الأعرابي في جوعه وأطماره؟ فأشارت الجّارية نحو ابن عمّها الأعرابي، ثمّ أنشأت تقول:
هذا وإن كان في جوعٍ وأطمار ... أعزّ عندي من أهلي ومن جاري
وصاحب التّاج أو مروان عامله ... وكلّ ذي درهمٍ منهم ودينار
ثمّ قالت: لست، والله، يا أمير المؤمنين لحدثان الزمان بخاذلته، ولقد كانت لي معه صحبة جميلة، وأنا أحقّ من صبر معه على السّرّاء والضّرّاء، وعلى الشّدّة والرّخاء، وعلى العافية والبلاء، وعلى القسم الذي كتب الله لي معه. فعجب معاوية ومن معه من جلسائه من عقلها وكمالها ومروءتها وأمر لها بعشرة آلاف درهمٍ وألحقها في صدقات بيت المسلمين.
ـ[حسين القحطاني]ــــــــ[12 - 04 - 09, 07:10 ص]ـ
لا ارى في القصة اساءة لمعاوية رضي الله عنه وان صحت القصة فقد خير الجارية بينه وبين الاعرابي زوجها السابق فاختارت وان كان ثمة اساءة فهي لمروان والذي حسب القصة اجبر الرجل على تطليق زوجته وزواجه منها والحال هذه فان الطلاق لايصح والزواح من بعده لايصح اذ كان الطلاق بالاكراه ومابني على باطل فهو باطل ايضا والله ولي التوفيق
ـ[ابو معاذ المصرى السلفي]ــــــــ[12 - 04 - 09, 08:56 ص]ـ
قال الشافعى رحمه الله مامعناه
العلم مافيه حدثنا وغير ذلك وسوسة شياطين
ولله در القائل
لولا الاسناد لقال من شاء ماشاء
ـ[فرات الشام]ــــــــ[12 - 04 - 09, 09:21 ص]ـ
والله يا أخي أنا أرى أن فيها إساءة لمعاوية رضي الله عنه .. وأظن أن القصة غير صحيحة والذي اختلقها قد بالغ فيها.
بانتظار رأي بقية الأخوة
ـ[السدوسي]ــــــــ[12 - 04 - 09, 09:56 ص]ـ
كلما وجدت قصة منسوبة لعمر أو لمعاوية رضي الله تعالى عنهم دون إسناد فالغالب أنها من وضع الشيعة يريدون الطعن فيهما. وإن جاءت باسناد وفيها مايشينهما ففي الإسناد رافضي أو كذاب أو مجاهيل .... وقد مر معنا في هذا المنتدى المبارك قصة عمر رضي الله تعالى عنه مع نصر بن حجاج.