المستخرجات جمع مستخرج، وموضوع المستخرج، وهو: أن يأتي المصنف إلى كتابٍ من كتب الحديث فيخرج أحاديثه بأسانيد لنفسه من غير طريق صاحب الكتاب، فيجتمع معه في شيخه أو من فوقه.
وشرطه: أن لا يصل إلى شيخٍ أبعد حتى يفقد سنداً يوصلهُ إلى الأقرب إلا لعذرٍ من علوٍ أو زيادة مهمة.
والمستخرجات على الصحيحين، وعلى غيرهما.
فعلى صحيح البخاري: مستخرج الإسماعيلي، ومستخرج البرقاني، ومستخرج الغطريفي، ومستخرج
ابن أبي ذهل، ومستخرج أبي بكر ابن مردويه.
وعلى صحيح مسلم: مستخرج أبي عوانة، ومستخرج أبي جعفر بن حمدان، ومستخرج أبي بكر محمد ابن رجاء النيسابوري، ومستخرج أبي بكر الجوزقي، ومستخرج أبي حامد الشاذلي، ومستخرج أبي الوليد حسّان بن محمد القرشي، ومستخرج أبي عمران موسى بن عباس الجويني، ومستخرج أبي نصر الطوسي، ومستخرج أبي سعيد بن أبي عثمان الحيري.
أما المستخرجات على كلا الصحيحين: المستخرج لأبي نعيم الأصبهاني، ومستخرج أبي عبد الله بن الأخرم، ومستخرج أبي ذر الهروي، ومستخرج أبي محمد الخلال، ومستخرج أبي علي الماسرجسي،
ومستخرج أبي مسعود سليمان بن إبراهيم الأصفهاني، ومستخرج أبي بكر اليزدي، ومستخرج أبي بكر بن عدنان الشيرازي.
وهناك مستخرجات على غير الصحيحين، منها: المستخرج لمحمد بن عبد الملك بن أيمن على سنن أبي داود، ومستخرج أبي علي الطوسي على جامع الترمذي، ومستخرج أبي نعيم على التوحيد لابن خزيمة.
وأصحاب المستخرجات لم يلتزم فيها مؤلفوها موافقة الصحيحين في الألفاظ؛ لأنهم إنما يروون بالألفاظ التي وقعت لهم عن شيوخهم؛ فحصل فيها تفاوت قليل في اللفظ، وفي المعنى، وكذا ما رواه البيهقي والبغوي في كتبهم لا سيما السنن والمعرفة وشرح السنة، قائلين: رواه البخاري أو مسلم وقع في بعضه تفاوت في المعنى وفي الألفاظ، فمرادهم بقولهم ذلك: أنَّهما رويا أصل الحديث دون اللفظ الذي أورداه؛ فعلى هذا لا يجوز لك أن تنقل من الكتب المذكورة وتقول فيه: هو في الصحيحين إلا أن تقابله بهما.
فوائد المستخرجات:
1 - علو الإسناد.
2 - القوة عند كثرة الطرق للترجيح عند المعارضة.
3 - الرواية عن مختلطين قبل السماع.
4 - الرواية عن المدلسين مع التصريح بالسماع.
5 - بيان المهملين والمبهمين.
6 - التمييز فيها للمتن المحال به على المتن المحال عليه، وهو في صحيح مسلم كثير.
لذا قال الحافظ ابن حجر: (كل علة أُعلت في الصحيحين جاءت رواية المستخرج سالمةٍ منها).
مثال الحديث الصحيح:
ما رواه الترمذي في شمائل النبي صلى الله عليه وسلم (208) قال: حدثنا علي بن حجر، قال: حدثنا ابن المبارك، عن عاصم الأحول، عن الشعبي، عن ابن عباس، قال: سقيتُ النبي صلى الله عليه وسلم من زمزم فشرب، وهو قائم.
فهذا حديث صحيح قد استوفى شروط الصحة، فالترمذي صرح بالسماع من شيخه علي بن حجر، وعلي بن حجر صرح بالسماع من شيخه عبد الله بن المبارك، أما عنعنة ابن المبارك في روايته عن شيخه عاصم الأحول فهي محمولة على الاتصال هنا؛ لأن ابن المبارك سماعه معروف عاصم وروايته عنه في
صحيح البخاري وصحيح مسلم وكتاب النسائي، وهو يذكر في تلاميذ عاصم، وعاصم في شيوخ ابن
المبارك وهو غير مدلس، وكذلك عنعنة عاصم عن الشعبي محمولة على الاتصال فعاصم ليس مدلساً وهو معروف بالرواية عن الشعبي وروايته عنه في الكتب الستة، والشعبي من شيوخ عاصم، وعاصم من تلاميذ الشعبي، وكذلك الشعبي في روايته عن ابن عباس فالشعبي ليس مدلساً وهو معروف بالرواية عن ابن عباس، وروايته عنه في الكتب الستة.
فمن خلال هذا العرض السريع يتبين لنا أنّ هذا الحديث قد استوفى شروط الاتصال.
أما الشرط الثاني والثالث فعلي بن حجر قال عنه ابن حجر في التقريب (4700): (ثقة حافظ). فهذا قد جمع بين العدالة والضبط.
أما عبد الله بن المبارك فقد قال عنه الحافظ في التقريب (3570): (ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد، جمعت فيه خصال الخير). فهذا أيضاً قد جمع بين العدالة والضبط.
أما عاصم بن سليمان الأحول فقد قال عنه الحافظ في التقريب (3060): (ثقة). فكذلك قد جمع بين العدالة والضبط.
أما الشعبي: فهو عامر بن شراحيل الشعبي فقد قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب (3092): (ثقة مشهور فقيه فاضل). فكذا قد جمع بين العدالة والضبط.
فالحديث الآن قد استكمل ثلاثة شروط، وهي: الاتصال والعدالة والضبط، فصار إسناد الحديث صحيحاً، وبقي أن نبحث هل في الحديث شذوذ أو علة؟ فبعد البحث لم نجد في الحديث شذوذ ولا علة فصار الحديث صحيحاً.
أما الصحيح لغيره: فهو الحديث الحسن الذي توبع راويه فارتقى من الصحة إلى الحسن، مثل حديث محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أنّ رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " فمحمد بن عمرو صدوق حسن الحديث، وقد توبع متابعات تامة ونازلة، فارتقى حديثه من حيز الحسن إلى حيز الصحة قال ابن الصلاح (محمد بن عمرو بن علقمة من المشهورين بالصدق والصيانة، لكنه لم يكن من أهل الإتقان حتى ضعفه بعضهم من جهة سوء حفظه، ووثقه بعضهم لصدقه وجلالته؛ فحديثه من هذه الجهة حسن، فلما انضم إلى ذلك كونه روي من وجه آخر زال بذلك ما كنا نخشاه عليه من جهة سوء حفظه، وانجبر به ذلك النقص اليسير.فصح هذا الإسناد، وألتحق بدرجة الصحيح).
ما هو المحكوم بصحته من أحاديث الصحيحين؟
المحكوم بصحته من أحاديث الصحيحين هو ما روياه بالإسناد المتصل، أما ما روي معلقاً فهو ليس من نمط الصحيح. إنما ذكر استشهاداً واستئناساً؛ ليكون الكتاب جامعاً لمعاني الإسلام. والمعلقات في البخاري كثيرة بلغت (1341) معلقاً منها (159) مرفوعاً والبقية موقوفات ومقاطع، وفي مسلم المعلقات قليلة بلغت (12) معلقاً، وذكر بعض العلماء أن ما ذكره البخاري بصيغة الجزم فهو صحيح إلى من علقه إليه، ويبقى النظر فيمن أُبرز من رجاله.
[ B]
¥