سرعان ما أحدثتم وعجلان ذا إهالة ولكم طاقة بما أحاول وقوة على ما أطلب وأزاول, أتقولون مات محمد (ص) .. ؟ فخطب جليل استوسع وهنه واستنهر فتقه وانفتق رتقه وأظلمت الأرض لغيبته وكسفت الشمس والقمر وانتثرت النجوم لمصيبته وأكدت الآمال وخشعت الجبال وأضيع الحريم وأزيلت الحرمة عند مماته فتلك والله النازلة الكبرى والمصيبة العظمى لا مثلها نازلة ولا بائقة عاجلة أعلن بها كتاب الله جل ثناؤه في أفنيتكم وفي ممساكم و مصبحكم يهتف في أفنيتكم هتافا وصراخا وتلاوة وألحانا ولقبله ما حل بأنبياء الله ورسله (ع) حكم فصل وقضاء حتم "وَ ما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ" إيهاً بني قيله أأهضمُ تراث أبي وأنتم بمرأى مني ومسمع ومنتدى ومجمع .. ؟ تلبسكم الدعوة وتشملكم الخبرة وأنتم ذوو العدد والعدة والأداة والقوة وعندكم السلاح والجنة, توافيكم الدعوة فلا تجيبون وتأتيكم الصرخة فلا تغيثون ..
أنتم موصوفون بالكفاح معروفون بالخير والصلاح والنخبة التي انتخبت والخيرة التي اختيرت لنا أهل البيت, قاتلتم العرب وتحملتم الكد والتعب وناطحتم الأمم وكافحتم البُهم لا نبرح أو تبرحون نأمركم فتأتمرون, حتى إذا دارت بنا رحى الإسلام ودر حلب الأيام وخضعت ثغرة الشرك وسكنت فورة الإفك وخمدت نيران الكفر وهدأت دعوة الهرج واستوسق نظام الدين فأنى حزتم بعد البيان وأسررتم بعد الإعلان ونكصتم بعد الإقدام وأشركتم بعد الإيمان, بؤسا لقوم نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وهموا بإخراج الرسول (ص) وهم بدؤوكم أول مرة "أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين" ألا وقد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض وأبعدتم من هو أحق بالبسط والقبض وخلوتم بالدعة ونجوتم بالضيق من السعة فمججتم ما وعيتم ودسعتم الذي تسوغتم فـ"إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد", ألا وقد قلت ما قلت هذا على معرفة مني بالجذلة التي خامرتكم والغدرة التي استشعرتها قلوبكم ولكنها فيضة النفس ونفثة الغيظ وخور القناة وبثة الصدر وتقدمة الحجة .. فدونكموها فاحتقبوها دبرة الظهر نقبة الخف باقية العار موسومة بغضب الجبار وشنار الأبد موصولة بـ"نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة" فبعين الله ما تفعلون "و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون" وأنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد فاعملوا إنا عاملون و انتظروا إنا منتظرون.
فأجابها أبو بكر عبد الله بن عثمان وقال يا بنت رسول الله لقد كان أبوك بالمؤمنين عطوفا كريما رءوفا رحيما وعلى الكافرين عذابا أليما وعقابا عظيما إن عزوناه وجدناه أباك دون النساء وأخا إلفك دون الأخلاء آثره على كل حميم وساعده في كل أمر جسيم لا يحبكم إلا سعيد ولا يبغضكم إلا شقي بعيد فأنتم عترة رسول الله الطيبون الخيرة المنتجبون على الخير أدلتنا وإلى الجنة مسالكنا وأنت يا خيرة النساء وابنة خير الأنبياء صادقة في قولك سابقة في وفور عقلك غير مردودة عن حقك ولا مصدودة عن صدقك والله ما عدوت رأي رسول الله و لا عملت إلا بإذنه والرائد لا يكذب أهله وإني أشهد الله وكفى به شهيدا أني سمعت رسول الله (ص) يقول نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا و لا فضة و لا دارا و لا عقارا و إنما نورث الكتاب والحكمة والعلم والنبوة وما كان لنا من طعمة فلولي الأمر بعدنا أن يحكم فيه بحكمه وقد جعلنا ما حاولته في الكراع والسلاح يقاتل بها المسلمون ويجاهدون
فقالت صلوات الله و سلامه عليها: سبحان الله ما كان أبي رسول الله (ص) عن كتاب الله صادفا و لا لأحكامه مخالفا بل كان يتبع أثره ويقفو سوره, أفتجمعون إلى الغدر اعتلالا عليه بالزور وهذا بعد وفاته شبيه بما بغي له من الغوائل في حياته .. ؟ هذا كتاب الله حكما عدلا وناطقا فصلا يقول "يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ" و يقول "وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ" وبيّن عز وجل فيما وزع من الأقساط
وشرع من الفرائض والميراث وأباح من حظ الذكران والإناث ما أزاح به علة المبطلين وأزال التظني والشبهات في الغابرين .. كلا "بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون"
فقال أبو بكر صدق الله ورسوله وصدقت ابنته معدن الحكمة وموطن الهدى والرحمة وركن الدين وعين الحجة لا أبعد صوابك ولا أنكر خطابك هؤلاء المسلمون بيني وبينك قلدوني ما
تقلدت وباتفاق منهم أخذت ما أخذت غير مكابر ولا مستبد ولا مستأثر وهم بذلك شهود
فالتفتت فاطمة صلوات الله و سلامه عليها إلى الناس و قالت: معاشر المسلمين المسرعة إلى قيل الباطل المغضية على الفعل القبيح الخاسر "أفلا تتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" .. ؟ كلا بل ران على
قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم فأخذ بسمعكم وأبصاركم ولبئس ما تأولتم و ساء ما به أشرتم وشر ما منه اغتصبتم لتجدن والله محمله ثقيلا وغبه وبيلا إذا كشف لكم الغطاء وبان بإورائه
الضراء وبدا لكم من ربكم ما لم تكونوا تحتسبون و خسر هنا لك المبطلون.
ثم عطفت على قبر النبي (ص) و قالت
قد كان بعدك أنباء و هنبثة لوكنت شاهدها لم تكثر الخطب
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها و اختل قومك فاشهدهم و لا تغب
قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا فغاب عنا فكل الخير محتجب
و كنت بدرا و نورا يستضاء به عليك ينزل من ذي العزة الكتب
تجهمتنا رجال و استخف بنا إذ غبت عنا فنحن اليوم تغتصب
فسوف نبكيك ما عشنا و ما بقيت منا العيون بتهمال لها سكب
******** اهـ ********
هذا المتن الممجوج مع اختلاف في المتن من كتاب لآخر و زيادات , لكن هذا هو المتن إجمالا.
و للحديث بقية.
¥