تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(أَوَّلاً) عَلَى الْعَمَلِ بِدِلالَةِ هَذَا الْحَدِيثِ فِى الصَّدْرِ الأَوَّلِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.

(ثَانِيَاً) عَلَى صِحَّتِهِ فِيمَا بَعْدُ بَيْنَ الأَئِمَّةِ الأَعْلامِ، وَمُحَدِّثِى أُمَّةِ الإِسْلامِ.

وَقَدْ ذَكَرْتُ كِلا الْخِلافَيْنِ بِإِسْهَابٍ فِى كِتَابِي «السَّعْيُ الْمَحْمُودُ بِتَخْرِيْجِ وَإِيْضَاحِ مَنَاسِكِ ابْنِ الْجَارُودِ»، وَبِإِيْجَازٍ فِى كِتَابِي «الْبَشَائِرُ الْمَأْمُولَةُ فِى آدَابِ الْعُمْرَةِ الْمَقْبُولَةِ».

[فَأَمَّا الأَوَّلُ] وَهُوَ الْخِلافُ عَلَى مَتْنِهِ وَدِلالَتِهِ، فَلِمَا اشْتَهَرَ وَاسْتَفَاضَ مِنْ أَحَادِيثِ تَوْقِيتِ الْمَوَاقِيتِ لأَهْلِ الأَقْطَارِ وَقُطَّانِ الأَمْصَارِ، وَأَوْسَعُهَا شُهْرَةً حَدِيثَا «الصَّحِيحَيْنِ» عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «وَقَّتَ رسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ، فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمِنْ حَيْثُ أنشأ، فكذاكَ حتى أهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا».

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَيُهِلُّ أَهْلُ الشَّامِ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَيُهِلُّ أَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ»، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ».

وَأَجْمَعُوا بِمُقْتَضَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ: أَنَّهُ لا يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ حَجَّاً أَوُ عُمْرَةً أَلا يُجَاوِزَ مِيقَاتَهُ الَّذِي هُوَ لَهُ، أَوْ الَّذِي يَمُرُّ بِهِ فِى طَرِيقِهِ إِلَى مَكَّةَ، إِلاَّ مُحْرِمَاً. وَاخْتَلَفَوا فِيمَنْ أَحْرَمَ مِنْ وَرَاء مِيقَاتِهِ، مِنْ مِصْرِهِ أَوْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ.

فَكَرِهَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَطَاءٌ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ. وَأَجَازَهُ، بَلْ وَفَعَلَهُ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ، وَعِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، وَالأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ النَّخَعِيُّ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ، وَخَلائِقُ لا يُحْصَوْنَ كَثْرَةً. وَهُوَ قَوْلُ: سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالإِمَامِ الشَّافِعِيِّ.

وَالآثَارُ عَنْ هَؤُلاءِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِى الإِحْرَامِ مِنَ الأَمَاكِنِ الْبَعِيدَةِ مَبْسُوطَةٌ فِى «الْمُصَنَّفِ» لابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، و «الْمُصَنَّفِ» لِعَبْدِ الرِّزَّاقِ الصَّنْعَانِيِّ، و «شَرْحِ مَعَانِي الآثَارِ» لأَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ الْمِصْرِيِّ.

وَقَالَ حَافِظُ الْمَغْرِبِ أَبُو عُمَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِى «التَّمْهِيدِ» بَعْدَ أَنْ نَقَلَ مَذْهَبَ الْمَانِعِينَ: «وَهَذَا مِنْ هَؤُلاءِ الْمَانِعِينَ وَاللهُ أَعْلَمَ؛ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُضَيِّقَ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ مَا قَدْ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَتَعَرَّضَ لِمَا لا يُؤْمَنُ أَنْ يَحْدُثَ فِي إِحْرَامِهِ، وَكُلُّهُمْ أَلْزَمَهُ الإِحْرَامَ إِذَا فَعَلَ، لأَنَّهُ زَادَ وَلَمْ يَنْقُصْ. وَيَدُلُّكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَوَى الْمَوَاقِيتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَجَازَ الإِحْرَامَ قَبْلَهَا مِنْ مَوْضِعٍ بَعِيدٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير