قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ (2/ 358): حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ثَلاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كُنْتُ خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ، وَلَمْ يُوَفِّهِ أَجْرَهُ».
وَخَالَفَ عَشْرَتَهُمْ: أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، فَرَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ، فَقَالَ «عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أبيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ». أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ «الْكُبْرَى» (6/ 14) مِنْ طَرِيقِ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَيْهَقِيِّ ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: «وَالْمَحْفُوظُ قَوْلُ الْجَمَاعَةِ».
قُلْتُ: مَا أَرْوَعَ هَذَا الْحَدِيثَ الْقُدْسِيَّ وَمَا أَبْهَاهُ!، وَمَا أَصْدَقَ رَاوِيَهُ وَأَزْكَاهُ!. فَكَلُ فَقْرَةٍ مِنْ فَقَرَاتِهِ تَشْهَدُ لَهُ أنَّهُ خَرَجَ مِنْ مِشْكَاةِ النُّبُوَّةِ، الَّتِي لا يَنْطِقُ حَامِلُ نِبْرَاسِهَا عَنْ هَوَىً «إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى».
وَقَدْ أَحْسَنَ إِمَامُ الْمُحَدِّثِينَ أبُو عَبْدِ اللهِ الْبُخَارِىُّ صُنْعَاً إِذْ أَوْدَعَهُ «صَحِيحَهُ»، وَزَيَّنَهُ بِهِ.
وَلَمْ يُصِبِ الْمَدْعُو حَسَّانُ عَبْدُ الْمَنَّانِ عَفَا اللهُ عَنْهُ إِذْ ضَعَّفَ هَذَا الْحَدِيثَ، وَاسْتَلَّهُ مِنْ أَصْلِ السَّفْرِ الْمُبَارَكِ «رِيَاضِ الصَّالِحِينَ» لِشَيْخِ الإِسْلامِ أَبِي زَكَرِيَّا النَّوَوِيِّ، وَأَوْدَعَهُ ذَيْلِ طَبْعَتِهِ الْمَمْسُوخَةِ لِهَذَا السَّفْرِ، وَسَمَّى ذَيْلَهُ ذَا «ضِعَافُ أَحَادِيثِ رِيَاضِ الصَّالِحِينَ».
وَلَمْ يُسْبَقْ لِمِثْلِ هَذَا الصَّنِيعِ بِوَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ التَّحْقِيقِ الرَّاسِخِينَ فِي هَذَا الْعِلْمِ، اللَّهُمَّ إِلاَّ الشَّيْخَ الأَلْبَانِيَّ رَحِمَهُ اللهُ، وَظَنِّي أَنَّهُ تَرَاجَعَ عَنْ تَضْعِيفِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ الْفَخْمِ، وَأَجْمَلِ بِهِ لَوْ فَعَلَ!.
وَمِمَّا قَالَهُ الْمَدْعُو حَسَّانُ فِي ثَنَايَا تَضْعِيفِهِ، مُصَرِّحَاً بِجَهَالَتِهِ، وَقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِ بِكَلامِ أَئِمَّةِ الْجَرْحِ وَالتَّزْكِيَةِ «تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ وَلَمْ يُتَابَعْ، وَلَيْسَ لَهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مَوْصُولاً غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ. وَلا يُحْتَمَلُ التَّفَرُّدَ، لأَنَّ عِنْدَهُ سُوءُ حِفْظٍ، وَشَهِدَ عَلَى ضَعْفِهِ جَمْعٌ، وَأَعْدَلُ مَا قِيلَ فِيهِ، قَوْلُ أَبِي حَاتِمٍ: شَيْخٌ صَالِحٌ مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، وَلَمْ يَكُنْ بِالْحَافِظِ، يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلا يُحْتَجُّ بِهِ».
وَلَمْ يَدْرِ الْمِسْكِينُ أَنْ مَا حَكَاهُ عَنِ الإِمَامِ أَبِي حَاتِمٍ لَيْسَ بِحُجَّةٍ لِمَا ادَّعَاهُ، فَقَدْ خَفِيَ عَلَيْهِ غَامِضُ مَعْنَاهُ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ مُرَادِ أَبِي حَاتِمٍ بِإِذْنِ اللهِ.
وَأَقُولُ: وَالْحَدِيثُ بِإِسْنَادِ الْجَمَاعَةِ، وَبِرِوَايَةِ إِمَامِ الْمُحَدِّثِينَ وَأُسْتَاذِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِعِلَلِ الْحَدِيثِ أبِى عَبْدِ اللهِ الْبُخَارِىِّ: صَحِيحٌ غَرِيبٌ، وَوَجْهُ غَرَابَتِهِ أَنَّهُ رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَتَفَرَّدَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ الْحَذَّاءُ بِهِ عَنْهُ.
&&&&
http://img232.imageshack.us/img232/7809/alalfi.gif
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[11 - 05 - 09, 03:18 م]ـ
وَقَدْ اخْتَلَفَتْ أَئِمَّةُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فِى تَعْدِيلِ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:
¥