قلت: قد ذكر الحافظ في " التهذيب " منشأ الخلاف الذي أشار إليه الحاكم، و مال إلى موافقة أبي أحمد الحافظ (و هو الحاكم صاحب كتاب الكنى) و سبقه إلى ذلك الذهبي في " الكاشف ". و سواء صح هذا أو ذاك فالرجل وسط، يحتج بحديثه. لكن يبقى النظر في يوسف بن سلمان الذي خالفه في إسناده و متنه. أما السند فهو أنه قال مكان (جابر): " .. رجلاً .. جاء جدي بأبي "، و أما المتن فقوله: (الناس) مكان (الأسماء). و لعل هذا هو الأرجح، ......... ، و يوسف هذا قد روى عنه جماعة من الحفاظ كالترمذي و النسائي و ابن خزيمة و غيرهم، و وثقه ابن حبان و مسلمة، و قال النسائي: لا بأس به، فلا وجه لتجهيل الحاكم إيّاه، و لاسيما و هو يوثّق من دونه شهرة بكثير! هذا، وقوله: " بأحب الأسماء إلي " كان قبل أن يوحى إليه بحديث " أحب الأسماء إلىالله عبد الله، و عبد الرحمن ". و تقدم (904 و 1040) و " الإرواء " (1176)).
قلت: أعاد الشيخ -رحمه الله- هذا الحديث في السلسلة الضعيفة (8/حديث3707) وقدّم رواية يوسف بن سلمان المازني على رواية يعقوب بن حميد بن كاسب، فقال:"وعليه؛ فروايته هي المقدمة على رواية يعقوب، وقد رأيت الذهبي قد جزم بضعفه، وهو وإن كان عندي خيرا من ذلك، إلا أنه لا يخلو من ضعف في حفظه، وإليه أشار الحافظ حين قال فيه:"صدوق، ربما وهم".
فيكون الحديث من منكراته التي تفرد بها، بل وخالف من هو أرجح منه سياقا ومتنا، ومما يؤيد هذا أنه قد ثبت عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال:"أحب الأسماء إلى الله عبدالله وعبدالرحمن". رواه مسلم وغيره، فيبعد جدا أن يحب الرسول صلي الله عليه وسلم من الأسماء خلاف ما أخبر به عن ربه؛ فتأمل.
ثم وجدت ما يشهد لرواية المازني، وهو ما أخرجه الخطيب في "التاريخ" (2/ 73 - 74) من طريق قيس بن الربيع، عن شعبة، عن عمرو بن دينار، عن رجل من الأنصار، عن أبيه قال:"ولد لي غلام .... "، الحديث مثل لفظ المازني.وقيس بن الربيع؛ وإن كان سيىء الحفظ، فلا بأس به في المتابعات والشواهد).
أقول:قد رجّح الحافظ هذا الوجه في"الإصابة"، وقد أجاد الشيخ-رحمه الله- وأفاد كما هي عادته، فقد وجدت متابعاً آخر ليوسف المازني
تقوّي ما ذهب إليه الشيخ -رحمه الله- في "السلسلة الضعيفة" وهو:"عبدالله بن وهب المصري".
قال عبدالله بن وهب في"الجامع": وسمعت سفيان، يحدث عن عمرو بن كثير، قال: سمعت رجلا، بالمدينة يقول: جاء جدي بأبي إلى رسول الله عليه السلام فقال له: «إنه ولد لي غلام فما أسميه؟ قال:» سمه بأحب الناس إلي: حمزة ".
قلت: هكذا وقع في "الجامع":"عمرو بن كثير"، والصواب:"عمرو بن دينار"، والله أعلم.
يتبع إن شاء الله تعالى ...............
ـ[الدارقطني]ــــــــ[22 - 10 - 09, 05:33 م]ـ
149 - السلسلة الضعيفة (8/حديث3744) قال رحمه الله: (" شر البيت الحمام، تعلو فيه الأصوات، وتكشف فيه العورات. فقال رجل: يا رسول الله! يداوى فيه المريض، ويذهب فيه الوسخ، فقال: فمن دخله؛ فلا يدخل إلا مستتراً"،رواه الطبراني (3/ 103/ 1): حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي: أخبرنا الصلت بن مسعود الجحدري: حدثنا يحيى بن عثمان التيمي، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات غير يحيى بن عثمان التيمي؛ فهو ضعيف؛ كما في "التقريب". وقد صح مختصرًا بلفظ: "اتقوا بيتا يقال له الحمام ... ". وهو مخرج في "إرواء الغليل" (2649)، و "تخريج الكلم الطيب" (ص 128)).
قلت:قول الشيخ-رحمه الله-:" وقد صحّ مختصرًا بلفظ: "اتقوا بيتا يقال له الحمام ... "، فيه نظر،فالحديث ضعيف مرسل وهذا بيانه:
أخرج الحديث البيهقي في"السنن الكبرى" (7/ 309) قال: أخبرنا على، أنا سليمان، نا عبدان بن أحمد، نا يوسف بن موسى القطان، نا يعلى بن عبيد، نا سفيان، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" احذروا بيتاً يقال له الحمام، قالوا: يا رسول الله انه ينتفع به وينقى الوسخ، قال:"فاستتروا".
قال ابن أبي حاتم في"العلل" (حديث رقم:2209):" وسألت أبي عن حديث؛ رواه يعلى بن عبيد، عن سفيان، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احذروا بيتا يقال له: الحمام قالوا: يا رسول الله، إنه يذهب الدرن وينقي الوسخ، قال: فاستتروا"، قال أبي: إنما يروونه عن طاوس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلاً".
وقال البيهقي:" رواه الجمهور عن الثوري على الإرسال وكذلك رواه أيوب السختيانى وسفيان بن عيينة وروح بن القاسم وغيرهم عن ابن طاوس مرسلاً ".
وقال البزار (ج1/ رقم 319 - كشف الأستار):"" وهذا رواه الناس عن طاووس مرسلاً، ولا نعلم أحداً وصله إلا يوسف، عن يعلى، عن الثورى ".
وقال الشيخ أبو إسحاق الحويني في"الفتاوى الحديثية":"هذا حديث منكر والصواب فيه الإرسال".
تنبيه: استفدت هذه الفائدة من كتاب "صون الشرع الحنيف ببيان الموضوع والضعيف" (2/ح237) للشيخ عمرو عبدالمنعم.
يتبع إن شاء الله تعالى ..............
¥