لذلك لم يصب العلامة أحمد شاكر رحمه الله، عندما صحح هذا الحديث، واعتبر الوصل زيادة ثقة، فقال بعد كلام طويل في تعليقه على تفسير الطبري: (4/ 240) 0" والرفع زيادة تقبل من الثقة كما هو معروف ولا يُعل المرفوع بالموقوف بل يكون الموقوف مبدأ للمرفوع و مؤكداً لصحته "0
قلت: و الرد على كلام الشيخ شاكر رحمه الله هذا من وجهين:
الأول: أنَّ زيادة الثقة - على فرض أنَّ يعلى هذا ثقة – ليست مقبولة على إطلاقها، بل إذا خالف الثقة من هو أوثق منه لا تقبل، فكيف إذا خالف ضعيف مجموعة من الحفاظ الثقات، كما هو الحال هنا0
الثاني: الذي رجحَّ رواية الإرسال هنا أئمة كبار كالبخاري و تلميذه الترمذي والدراقطني رحمهم الله تعالى، ومما لا شك فيه أن ترجيح هؤلاء الأئمة مقدم على ترجيح الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى0
و الذي صنعه الشيخ إبراهيم العلي رحمه الله في كتابه صحيح أسباب النزول: (ص48 - 49) 0 كان أغرب وأعجب بكثير من صنيع الشيخ أحمد شاكر رحمه الله0
فقد ذهب الشيخ إبراهيم العلي رحمه الله إلى إعتبار الطريق الموصول الذي رواه يعلى بن شبيب، حديثاً مستقلاً عن الحديث المرسل الذي رواه هؤلاء الحفاظ عن هشام بن عروة عن أبيه، حيث قال عن الحديث الموصول ما نصه:
" أخرجه الترمذي والحاكم وصححه، وفيه ضعف بسبب يعلى بن شبيب لكن له شاهد من الحديث الذي بعده00"0ويقصد بالذي بعده المرسل0
ثمَّ قال في تعليقه على الحديث المرسل ما نصه:" وهو صحيح الإسناد مع إرساله ويشهد له حديث عائشة وهو الحديث الذي قبله "0
قلت: هذا والله من أعجب ما في التخريج، إذ أنًَّ جميع العلماء الذين تكلموا على هذا الحديث كالإمام البخاري والإمام الترمذي والحافظ البيهقي وغيرهم قد جعلوا هذا الحديث واحد، وإنَّما كان الإختلاف والتنازع حول الإرسال والوصل، حتى الشيخ أحمد شاكر لم يعتبر هذا الحديث حديثان مستقلان كما ذهب إلى ذلك الشيخ إبراهيم العلي رحمه الله0
و أمرٌ أخير أحب أن أنبه عليه في هذا المقام هو: أنَّ الحافظ ابن حجر قد أشار إلى أنَّ الإمام الطبري رحمه الله، قد وصل هذا الحديث من طريق ابن إدريس، حيث قال في كتابه العجاب: (ص395) 0 "ووصل الطبري رواية ابن إدريس "0
قلت: وهذا وهم محقق وخطأ محض، إذ أنَّ الطبري لم يروِ هذا الحديث موصولاً كما قال الحافظ ابن حجر، بل مرسلاً على النحو الذي ذهب إليه الإمام الترمذي رحمه الله، فسبحان الذي لا يضل ولا ينسى0
أخوكم من بلاد الشام
ابو محمد السوري
ـ[أبوفاطمة الشمري]ــــــــ[31 - 07 - 09, 12:30 ص]ـ
جزيت خيرًا، ونفع الله بك.
عندي ملاحظتان:
الأولى: شكلية!:
وهي ما ذكرتَه أن محمد بن إسحاق قد وافق الجماعة على الرواية المرسلة عند البيهقي (7/ 367)، وهذا فيه نظر، ذلك؛ أنه خالفهم - إن صحة الأسانيد إليه! - ولم يتابعهم، بل تابع يعلى بن شبيب.
فقد أخرج البيهقي في "الكبرى" (7/ 367)، وأبو بكر بن مَرْدُوَيْه في "تفسيره" - كما في "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير (1/ 615 - ط. طيبة) - من طريق محمد بن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة به.
ولا داعي للبحث عن صحة الأسانيد، وكذا تصريح ابن إسحاق بالسماع - مع أنه صرَّح عند البيهقي -، لأن هذه المتابعة لا يُرفعُ لها رأسًا مع تتابع الثقات على إرساله، وكذا تنصيص فحول هذا الفن على أن الصحيح هو المرسل.
الثانية: تحسينية!:
الأفضل أن تقول:
أخرجه الحاكم، وعنه البيهقي.
المزي قد أخرجه من طريق لُوين وهو في "جزئه" (7).
وضعَّفه من المعاصرين الشيخ الدكتور ماهر الفحل في تعليقه على "أسباب النزول" للواحدي (ص196 - رواية البدر الأرغياني).
وفقك الله.
ـ[أحمد الأقطش]ــــــــ[31 - 07 - 09, 01:06 ص]ـ
الأخوين الأستاذين الكريمين
أبا محمد السوري
أبا فاطمة الشمري
جزاكما الله خيراً ونفع بكما.
وأرجو تعديل كلمة (مراتان) في العنوان إلى (مرّتان).
أصلحنا الله وإياكم
ـ[أبو محمد السوري]ــــــــ[31 - 07 - 09, 01:21 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين00والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أمَّا بعد
شكر الله للأخوين الكريمين:" أبو فاطمة الشمري "0و:" أحمد الأقطش "0
والحقيقة - يالشمري - لقد انتفعتُ بهاتين الملاحظتين جزاك الله عني خير الجزاء00والمسلم مرآة أخيه المسلم00بارك الله فيك00وأحسن إليك0
¥