تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هل يصحّ حديث: ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا)

ـ[محمّد حدّاد الجزائري]ــــــــ[07 - 08 - 09, 03:35 ص]ـ

أسعد بأن أتحف إخواني بهذا البحث القيّم لشيخنا الفاضل خير الدين مبارك عوير -حفظه المولى-؛ درس من خلاله حديث ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا))، دراسة حديثية متميزة لدرجة الخبر و أقوال أئمة الفن فيه، و كذلك جاء فيه بروايات الحديث لينتهي بعد ذلك إلى ذكر القول الراجح في الموضوع ...

و من حقّ الإخوان عليّ أن أعرّف بالشيخ تعريفا مختصرا فأقول: أن الشيخ خير الدين مبارك عوير الجزائري الأصل؛ هو من المشايخ الذين تلقوا العلوم المختلفة عن العلامة الشيخ محمّد بن صالح العثيمين -رحمه الله-، فقد أخذ عنه و استمع منه سنوات طويلة، كما التحق بقسم الدراسات العليا بكلية الشريعة -جامعة الإمام بالسعودية-، و له دروس في العقيدة و التفسير و الفقه و الحديث و اللغة، و كذلك كتابات في مختلف الفنون، و هو حاليا أحد أعضاء الإفتاء في موقع فضيلة الشيخ خالد بن عبد الله المصلح -حفظه الله-.

و الآن ها هو البحث بين أيديكم، أسأل الله أن يبارك في كاتبه و يتقبل منه، و أن ينفع به كل قارئ و مطلع على ما رقمه ...

ــــــــــــــــــــــــــــــ

حديث ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا))

إن الحمد لله، نحمده و نستعينه و نستغفره، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا، و سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، و من يضلل فلا هادي له، و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله، صلى الله عليه وعلى آله و صحبه أجمعين، و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فهذه دراسة مختصرة لحديث ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا)) أحببت تقييدها لإفادة نفسي، و من عسى أن يطلع عليها من إخواني، وقد نظمتها في تمهيد و أربعة مطالب على النحو الآتي:

التمهيد: في فضل الصيام في شعبان.

المطلب الأوّل: في تخريج حديث ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا)).

المطلب الثّاني: في ذكر من صححه و ضعفه من العلماء.

المطلب الثّالث: في ذكر ما أعل به الحديث.

المطلب الرّابع: تنبيهات و فوائد.

و هذا أوان الشروع في المقصود، فأقول مستعينا بالله تعالى:

التمهيد: في فضل الصيام في شعبان

مما ورد في فضل الصوم في شعبان، ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يصوم حتى نقول: لا يفطر، و يفطر حتى نقول: لا يصوم، فما رأيت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم استكمل صيام شهر إلا رمضان، و ما رأيته أكثر صياما منه في شعبان)) [أخرجه مالك في الموطأ (309/ 1)، و البخاري في الصوم/ باب صوم شعبان (1969)، و مسلم في الصيام/ باب صيام النبي صلّى الله عليه و سلّم في غير رمضان ... (1156) (175)].

و عنها رضي الله عنها قالت: ((لم يكن النبي صلّى الله عليه و سلّم يصوم شهرا أكثر من شعبان؛ فإنه كان يصوم شعبان كله)) [أخرجه البخاري في الصوم/ باب صوم شعبان (1970)، و مسلم في الصيام/ باب صيام النبي صلّى الله عليه و سلّم في غير رمضان ... (1156) (177)]، و في رواية لمسلم ((كان يصوم شعبان إلا قليلا)) [(1156) (176)].

ففي هذين الحديثين دليل على استحباب الإكثار من الصوم في هذا الشهر؛ لفعل النبي صلّى الله عليه و سلّم. وكون صيامه في هذا الشهر أكثر من غيره يدل على زيادة العناية بصيام التطوع في هذا الشهر، و قد ورد في سبب ذلك ما رواه أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟! قال: ((ذلك شهر يغفل الناس عنه، بين رجب و رمضان، و هو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي و أنا صائم)) [أخرجه أحمد (201/ 5)، و النسائي (2357)، وهو حديث حسن. انظر: الإرواء (103/ 4)].

قال ابن عبد البر: "صيام غير شهر رمضان نافلة و تطوع، و الصيام سنة و فعل خير و عمل بر، فمن شاء استقلَّ، و من شاء استكثر" [التمهيد (164/ 21)].

فلا ينبغي للمسلم أن يفوته صيام شيء من أيام هذا الشهر؛ ليدرك هذا الفضل، وينال أجر الصوم، و تصيبه بركة الاقتداء بالنبي صلّى الله عليه و سلّم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير