تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الوجه الثالث: أن حديث العلاء يدل على منع الصيام على من تعمد الصوم بعد النصف لا لعادة، و لا مضافا لما قبله، و ما يخالفه يدل على مشروعية صيام نصفه مع ما قبله، و على الصوم المعتاد في النصف الثاني، و يشهد له حديث ((لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين ... )) [انظر: تهذيب السنن (224/ 3)، فتح الباري (253/ 4)].

و أجاب المضعفون للحديث عن هذا بأن الجمع بين النصوص من شرطه ثبوتها جميعا، و حديث العلاء قد ضعفه أئمة كبار، فلا حاجة للجمع بينه و بين ما اتفق على صحته.

العلة الثالثة: أن العلاء متكلم فيه، قال فيه ابن معين: "ليس حديثه بحجة"، و قال: "ليس بذاك، لم يزل الناس يتوقون حديثه" [التهذيب (346/ 3)].

قال المنذري: "و يحتمل أن يكون الإمام أحمد إنما أنكره من جهة العلاء بن عبد الرحمن؛ فإن فيه مقالا لأئمة هذا الشأن، وقد تفرد بهذا الحديث" [مختصر سنن أبي داود (224/ 3) مطبوع مع تهذيب السنن].

و أجيب عن هذا بأن العلاء و إن تكلم فيه ابن معين، فقد وثقه أحمد و ابن عدي و ابن حبان [انظر: تهذيب التهذيب (346/ 3)]، ثم إن ابن معين من المتشددين في تقويم الرجال، و قد أخرج له مسلم في صحيحه، و روى عنه مالك مع شدة تحريه و انتقاده للرواة، وكذا روى عنه شعبة، و هو من هو في هذا الشأن [انظر: تهذيب السنن (224/ 3)].

و الجواب عن هذا ما سبق من كلام أهل العلم في العلاء بن عبد الرحمن، و خلاصة ذلك أن حديثه من مرتبة الحسن، و أنه إذا خالف من هو أوثق منه فخبره مردود.

الخلاصة:

الذي يظهر أن هذا الحديث لا يثبت، و لو صححه من صححه من أهل العلم، فقد ضعفه أئمة كبار، كابن مهدي وأحمد و أبي زرعة، و ابن رجب و الذهبي، و العلم عند الله تعالى.

المطلب الرّابع: تنبيهات و فوائد

أولا: قد روي هذا الحديث بألفاظ، منها: ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا))، و روي بلفظ ((إذا كان النصف من شعبان فأمسكوا عن الصوم حتى يكون رمضان)).

قال ابن القطان: "و بينهما فرق؛ فإن الذي ورد من قوله ((فأمسكوا)) نهي لمن كان صائما من التمادي، و لفظ الخبر عند الترمذي ((فلا تصوموا)) نهي لمن كان صائما و لمن لم يكن صائما عن الصوم بعد النصف" اهـ[بيان الوهم و الإيهام (187/ 27)].

ثانيا: أنكر العلامة أحمد شاكر أن يكون الإمام أحمد أنكر هذا الحديث، و استند في ذلك على أمرين:

أحدهما: أن أبا داود لم يذكر ذلك في السنن.

ثانيهما: أنه لم يجد هذا الكلام في مسائل أبي داود [تهذيب السنن (225/ 3) الحاشية].

أما الأول فمسلم، فإنه لا يوجد في السنن المطبوعة الآن كلام الإمام أحمد، و لكنه موجود في مسائل أبي داود [رقم (2002) من طبعة مكتبة ابن تيمية بتحقيق طارق عوض الله]، و لعل النسخة التي اطلع عليها الشيخ سقط منها كلام أحمد.

ثالثا: ذكر السخاوي أنه ألف جزءا في هذا الحديث [انظر: المقاصد الحسنة (ص82)]، و لا أعلم هل هو مطبوع أو لا.

هذا آخر ما تيسر جمعه و نقله، و الحمد لله أولا وآخرا، و سبحانك اللهم و بحمد أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك و أتوب إليك، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتبه/ خير الدين مبارك عوير

ليلة الثّلاثاء 1423/ 03/16هـ

ــــــــــــــــــــــ

من روابط البحث الأصلية: http://merathdz.com/play.php?catsmktba=2248 (http://merathdz.com/play.php?catsmktba=2248)

ـ[أبو عزام بن يوسف]ــــــــ[06 - 07 - 10, 08:37 م]ـ

جزاك الله خيرا بحث مفيد

ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[08 - 07 - 10, 11:36 ص]ـ

أحسنت أخي الكريم نفع الله بك وبالشيخ، فوائد قيمة ..

ـ[أبو عزام بن يوسف]ــــــــ[08 - 07 - 10, 12:10 م]ـ

خلاصة الكلام على حديث (إذا انتصف شعبان) ما يلي:

1. لم يرد هذا الحديث إلا من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة والطرق الأخرى لا تثبت.

2. أن هذه السلسلة أخرج لها مسلم في صحيحة كثيراً فالأصل أن ما ورد بمثلها يكون صحيحاً

3. ومدار الحديث على العلاء بن عبد الرحمن والعلاء من العلماء من ضعفه ومنهم من وثقة واختصر الحافظ ابن حجر كلام العلماء فيه في التقريب فقال فيه عبارة جامعة لأقوالهم: (صدوق ربما وهم)

4. صححه جمع من العلماء لظاهر السند منهم الترمذي وابن حبان وأبو عوانة والطحاوي وابن عبد البر وابن قدامة وأحمد شاكر والألباني والشيخ ابن باز.

5. بعض من صححه أنكر عدم إمكانية الجمع بين هذا الحديث وحديث (لا تقدموا رمضان)

6. و ضعف الحديث كبار الأئمة منهم الإمام أحمد وعبد الرحمن بن مهدي وأبو زرعة الرازي و من المتأخرين الذهبي وابن رجب وغيرهم

7. من ضعف الحديث أعلم ممن صححه في الجملة

8. التفرد بالحديث كان علماء الحديث المتقدمون يعلون به وهذا مما لا يعمل به كثير من المتأخرين لا سيما أن العلاء ليس بثقة على الإطلاق بل ربما وهم ولذلك الإمام مسلم لم يخرج هذا الحديث في صحيحة مع أنه أخرج للعلاء بن عبد الرحمن كثيرا.

9. قال المضعفون: هذا الحديث مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه «لاَ تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلاَ يَوْمَيْنِ إِلاَّ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ».رواه مسلم ومخالف لفعله صلى الله عليه وسلم

ومن لديه المزيد من الإخوة مما يعين على الترجيح فليفدنا به فأنا لم أزل متوقفا في الحكم على الحديث.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير