تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن حفظ جامع أبي عيسى وقرأ العلل المطبوع في آخر الجامع أو درس جامع أبي عيسى دراسة دقيقة وعميقة لا أظنه يختلجه شك بأن أبا عيسى ليس بمتساهل وكونه يصحح بعض الأحاديث الضعيفة أو يوثق بعض الضعفاء هذا ليس بمسوغ لرميه بالتساهل والذين يسوونه بالحاكم غير مصيبين وكون العالم يصحح بعض الأحاديث الضعيفة لا يعني بأنه متساهل لأن هذا الوصف يصدق على البخاري وعلى أحمد وعلى مسلم قد يصححون ما يختلف معهم الآخرون في التضعيف فيأتي الذي يضعف الخبر يرى أن هذا الذي صحح قد تساهل وفي نفس الوقت الذين يصححون يرون أن الذي يضعف متشدد.

فإن قيل أن أبا عيسى قد يوثق بعض الرواة الذين يكاد يتفق الحفاظ على تضعيفهم فالجواب أن هذا قليل جداً في أثنين أو ثلاثة في جامعه ابن كثير ونحوه والبقية مختلف فيهم وفي نفس الوقت هو قد يضعف بعض الأحاديث التي جاءت في البخاري كحديث ابن مسعود فهل يعني هذا أنه متشدد.

فأبو عيسى رحمه الله تعالى ليس هو (نعم) بمنزلة البخاري وليس بمنزلة أحمد و علي بن المديني ويحي بن معين وفي نفس الوقت ليس هو بمنزلة الحاكم أو بمنزلة ابن حبان أو بمنزلة الخطيب ونحو هؤلاء.

هو رحمه الله تعالى من الطبقة الوسطى ومن الذين لا يرمون بالتشديد ولا يوصفون بالتساهل، وكثيراً ما يورد الراوي وينقل كلام شيخه عنه، وفي بعض الرواة الذين وصف أبو عيسى بالتساهل بسببهم كان يعتمد في ذلك على كلام شيخه أبي عبدالله البخاري رحمه الله تعالى، فمحمد بن عمرو صدوق شأنه في ذلك شأن محمد بن اسحاق وعبدالله بن محمد بن عقيل وعاصم بن أبي النجود وأمثال هؤلاء ممن تقبل أحاديثهم ما لم يكن للواحد منهم مخالفة أو تفرد بأصل لا يمكن أن يروى عن مثله.

وهذا الخبر لم يتفرد به محمد بن عمرو وقد جاءت معانيه في أحاديث صحيحة في الصحيحين وغيرهما من رواية أبي هريرة ومن رواية ابن عمر وغيرهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولذلك قال أبو عيسى رحمه الله تعالى على هذا لخبر هذا حديث حسن صحيح، ومعنى قول أبي عيسى (هذا حديث حسن صحيح) قيل حذفت أداة التردد أي حسن أو صحيح.

وإذا قال أبو عيسى هذا حديث حسن ولم يضف عبارة أخرى إلى هذا فيعني به ما جاء من غير وجه ولم يكن فيه كذاب ولا متهم وانتفى عنه الشذوذ.

وإذا أضاف إلى لفظ الحسن الغرابة أو الصحة فإن هذا التعريف ينتفي عنه.

حين يقول أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه لا ينافي كلام أبي عيسى تعريف الحسن لأنه عرف الحسن إذا تجرد من لفظ آخر وقيل في معنى (قول أبي عيسى حسن صحيح) حسن المعنى صحيح الإسناد وقيل حسن عند طائفة وصحيح عند طائفة أخرى، وهذه المعاني متقاربة، المهم أن نفهم أن قول أبي عيسى (حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه) لا ينافي تعريف الحسن بأنه يروى من غير وجه، لأنه إذا أفرد.

قوله صلى الله عليه وسلم "لا تقدموا "، أصل الفعل تتقدمون حذفت إحدى التاءين وأدغمت أحداهما بالأخرى، والفعل مجزوم بلا الناهية، والأصل في النهي أنه يفيد التحريم، وهذا قول الأكثر من الفقهاء والأصوليين، إذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أو قال لا تفعلوا كذا وكذا فالأصل في هذا النهي الذي قد يكون صريحاً وقد يكون معروفاً من الصيغة والسياق فإنه يفيد التحريم ما لم يأت صارف لهذا واستثنى الجمهور وما لم يكن أدباً من الآداب لأن الجمهور يرون أن النهي في الآداب لا يفيد التحريم ـ يفيد الكراهة ـ ومن ذلك الأوامر،الأوامر عند الجمهور تفيد الوجوب ما لم يصرف ذلك صارف وما لم يكن الأمر في الآداب، ومختلفون في ضابط الآداب، ومنهم من عمم قال الأصل في النهي التحريم مطلقاً والأصل في الأمر الوجوب مطلقاً ويعتبر في ذلك بالقرائن سواء كان أدباً أو حكماً. النهي الآن متعلق بحكم من الأحكام وليس مرتبطاً بأدب من الآداب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير