تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وسلوه عن رجل طواف طاف مشارق الارض ومغاربها ما كان [نبؤه]؟ وسلوه عن الروح ما هي؟ فإن أخبركم بذلك فهو نبى فاتبعوه، وإن لم يخبركم فإنه رجل متقول، فاصنعوا في أمره ما بدا لكم.

فأقبل النضر وعقبة حتى قدما على قريش فقالا: يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد، قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور. فأخبراهم بها. فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد أخبرنا. فسألوه عما أمروهم به. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أخبركم غدا بما سألتم عنه ".ولم يستثن. فانصرفوا عنه، ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة لا يحدث له في ذلك وحيا، ولا يأتيه جبريل حتى أرجف أهل مكة وقالوا: وعدنا محمد غدا، واليوم خمس عشرة ليلة قد أصبحنا فيها لا يخبرنا بشئ مما سألناه عنه. وحتى أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحى عنه، وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة. ثم جاءه جبريل عليه السلام من الله عزوجل بسورة الكهف، فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم وخبرما سألوه عنه من أمر الفتية والرجل الطواف، وقال الله تعالى: " ويسألونك عن الروح، قل الروح من أمر ربى، وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ".

فهذه الرواية تذكر أن السؤال كان في مكة المكرمة وذهاب نفر من قريش إلى اليهود وسؤالهم عن ذلك وإرشاد اليهود للمشركين بهذه الأسئلة. وهذا في مكة وكون السور التي جاءت فيها هذه الآيات مكية (الكهف والإسراء) فهذا يعطينا دلالة على صدق الحادثة. لا نفيها.

لكن عددا من المفسرين قالوا ‘إن الآية: ويسألونك عن الروح مدنية وليست مكية رغم وجودها في سورة مكية إذ قد تكون آيات مكية في سورة مدنية أو العكس. فهم بذلك ينفون سؤال قريش عن الروح ونزول الآية في تلك الحادثة. خاصة مع وجود رواية ذكرها البخاري تبين سبب نزول الآية صراحة وبيان زمانه:

قال البخاري: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ سُلَيْمَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَيْنَا أَنَا أَمْشِى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى خَرِبِ الْمَدِينَةِ، وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ مَعَهُ، فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ تَسْأَلُوهُ لاَ يَجِىءُ فِيهِ بِشَىْءٍ تَكْرَهُونَهُ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَنَسْأَلَنَّهُ. فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، مَا الرُّوحُ فَسَكَتَ. فَقُلْتُ إِنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ. فَقُمْتُ، فَلَمَّا انْجَلَى عَنْهُ، قَالَ (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَا أُوتُوا مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً). قَالَ الأَعْمَشُ هَكَذَا فِى قِرَاءَتِنَا.

وقد علق ابن كثير على ذلك فقال لعلها نزلت مرتين. وقال أيضا لعله صلى الله عليه وسلم أعادها مرة أخرى لما سأله اليهود.

ثانيا: سبب النزول:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمّا انْقَضَى أَمْرُ بَدْرٍ أَنْزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ فِيهِ مِنْ الْقُرْآنِ الْأَنْفَالَ بِأَسْرِهَا، فَكَانَ مِمّا نَزَلَ مِنْهَا فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي النّفَلِ حِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلّهِ وَالرّسُولِ فَاتّقُوا اللّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} فَكَانَ عُبَادَةُ بْنُ الصّامِتِ - فِيمَا بَلَغَنِي - إذَا سُئِلَ عَنْ الْأَنْفَالِ قَالَ فِينَا مَعْشَرَ أَهْلِ بَدْرٍ نَزَلَتْ حِينَ اخْتَلَفْنَا فِي النّفَلِ يَوْمَ بَدْرٍ فَانْتَزَعَهُ اللّهُ مِنْ أَيْدِينَا حِينَ سَاءَتْ فِيهِ أَخْلَاقُنَا، فَرَدّهُ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَسَمَهُ بَيْنَنَا السّوَاءِ - وَكَانَ فِي ذَلِكَ تَقْوَى اللّهِ وَطَاعَتُهُ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَصَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ.

فإننا نستطيع ان نحكم بصحة هذه الرواية من خلال سبب نزولها. فمن المعلوم أن هذه الآيات نزلت بعد غزوة بدر وجاءت السورة كلها تخبرنا عما حدث في ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير