الرابع: اختلاط أبي إسحاق السبيعي، فالمعتمد هو رواية مَن سمع منه قبل الاختلاط، وهو في نظري أقوى المرجحات التي اعتمد عليها الشيخان: أن رواة لفظ (سورة النجم) وهي رواية الصحيحين هم شعبة وسفيان الثوري، وهما المقدمان بلا منافس في الرواية عن أبي إسحاق على اختلاف في المقدم منهما إذا اختلفا وهما هنا اتفقا ولم يقدم أحد من الأئمة عليهما أحد في أبي إسحاق، إلا مما ذكر من تقديم إسرائيل وسيأتي ما فيه، على أن راوي اللفظ الآخر الذي اعتمده الحاكم زكريا بن أبي زائدة في حفظه لحديث أبي إسحاق ضعف؛ فإنه سمع منه بعد الاختلاط، وأما إسرائيل فقد اختلف عليه والمرجح هو رواية مَن لم يختلف عليه، على أن رواية إسرائيل عن أبي إسحاق ليست بالقوية، وقد نصوا على أن إسرائيل يختلف عليه في حديث أبي إسحاق، والبعض يقدم إسرائيل فيه، وسيأتي ذكر ذلك.
ويتضح صحة وتقدم رواية الصحيحين وتفوق شعبة وسفيان على مَن خالفهما من كلام الأئمة الآتي في ذكر أصحاب أبي إسحاق السبيعي، كما في شرح علل الترمذي لابن رجب (ص270)، قال رحمه الله:
ذكر الترمذي في كتابه أن الثوري وشعبة أحفظ وأثبت من جميع مَن روى عن أبي إسحاق.
وقال ابن المديني: سمعت معاذ بن معاذ وقيل له: أي أصحاب أبي إسحاق أثبت؟ قال: شعبة وسفيان. ثم سكت.
وقال ابن أبي خيثمة: سمعت ابن معين يقول: أثبت أصحاب أبي إسحاق: الثوري وشعبة، وهما أثبت من زهير وإسرائيل، وهما قرينان.
وقال أبو زرعة: أثبت أصحاب أبي إسحاق: الثوري وشعبة وإسرائيل، وشعبة أحب إليَّ من إسرائيل.
وقال أبو عثمان البرذعي: سمعت أبا زرعة يقول: سمعت ابن نمير يقول: سماع يونس وزكريا وزهير من أبي إسحاق بعد الاختلاط.
وقال أبو زرعة: إذا فات شعبة وسفيان فزهير خلف، ثم زائدة.
وقال الميموني: قلت لأبي عبد الله: كان أبو إسحاق قد تأخر؟ قال: أي والله! هؤلاء الصغار زهير وإسرائيل يزيدون في الإسناد وفي الكلام.
ونقل جماعة عن أحمد تقديم شريك على إسرائيل في أبي إسحاق، وقال: إنه أضبط عنه وأقدم سماعًا. قال: ويختلف على إسرائيل في حديث أبي إسحاق.
وقال: زهير وإسرائيل وزكريا ليس حديثهم بالقوي عن أبي إسحاق.
وقال: إذا اختلف زكريا وإسرائيل في أبي إسحاق، فإن زكريا أحب إليَّ في أبي إسحاق من إسرائيل. ثم قال: ما أقربهما.
ونقل الأثرم عن أحمد قال: ما أقرب حديث زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق، ولكن سماعه عندي مع هؤلاء الذين سمعوا بأخرة.
ونقل الدوري عنه قال: زكريا وزهير وإسرائيل حديثهم عن أبي إسحاق قريب من السواء، سمعوا منه بأخرة، إنما صحب أبا إسحاق سفيان وشعبة.
وقال العجلي: رواية زكريا بن أبي زائدة وزهير بن معاوية وإسرائيل عن أبي إسحاق قريب من السواء. قال: ويقال: إن شريكًا أقدم سماعًا منهم.
وذكر عثمان بن سعيد عن ابن معين قال: شريك أحب إليَّ في أبي إسحاق من إسرائيل، وهو أقدم.
قال: وزهير وإسرائيل وشريك وأبو عوانة في أبي إسحاق واحد، وإسرائيل أقدم من عيسى ليس به بأس. انتهى.
فيتضح مما سبق تقديم رواية شعبة وسفيان ومَن تابعهما على رواية إسرائيل وزكريا، وهذا فعل صاحبي الصحيح.
لكن لعل مذهب الحاكم رحمه الله فيما ذهب إليه ركونا منه أنه قد رجحت طائفة إسرائيل في أبي إسحاق خاصة على الثوري وشعبة، منهم ابن مهدي، ورُوي عن شعبة أنه كان يقول في أحاديث أبي إسحاق: سلوا عنها إسرائيل؟ فإنه أثبت فيها مني. كما في شرح العلل الموضع السابق.
لكن مَن يقدم رواية إسرائيل على رواية شعبة وسفيان يقدمها حيث لا يُخْتَلَف على إسرائيل في الرواية، وإلا فإسرائيل اختلف عليه، فإذا حكمنا بين وَجْهَي الاختلاف عليه، فالحكم لرواية أبي أحمد الزبيري ووكيع وإسحاق بن منصور على عبيد الله بن موسى، فإذا سقطتا فالحكم لرواية شعبة وسفيان ومَن تابعهما على رواية زكريا بن أبي زائدة؛ لثقة شعبة وسفيان وتقدمهما في أبي إسحاق، ولأن زكريا ليس بالقوي في أبي إسحاق أصلا، وقد سمع منه بأخرة بعد اختلاطه. والله أعلم.
ـ[أبو مسلم الفلسطيني]ــــــــ[01 - 10 - 09, 01:29 م]ـ
بارك الله تعالى فيك ونفع الله بك أخي الحبيب
ـ[أشرف منعاز]ــــــــ[01 - 10 - 09, 03:32 م]ـ
ما شاء الله يا أبا نسيبة
نفع الله بكم ونسأل الله تعالى أن يجعله في ميزان الحسنات
ـ[محمود شعبان]ــــــــ[14 - 10 - 09, 01:34 ص]ـ
ينظر للفائدة:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=41568