تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد اكتشفت هذا الاختلال في ترتيب أوراق المخطوطة حين طالعتها أول مرة، فعمدت إلى تصويرها على الورق، واشتغلت جاهداً في ترتيبها أياماً طوالاً، حتى تيسر لي، بعد جهد جهيد، إعادة الأوراق إلى نصابها الصحيح في الترتيب، وعادت المخطوطة صحيحة تامة من غير نقصان في نسختي المصورة التي اعتمدت عليها في تحقيق الكتاب وإحيائه.

وقامت دار الفكر بدمشق بطبع هذا السفر النادر النفيس بتحقيقنا طبعة أنيقة، تليق بقيمته العلمية وفائدته الجلّى في باب قراءة القرآن الكريم، كتاب الله العظيم. وقد حظي بعناية خاصة من مدير هذه الدار الشهيرة العريقة، الكاتب العالم الأستاذ محمد عدنان سالم، جزاه الله تعالى خيراً، ولَقَّاه بِراً، على صنيعه واهتمامه بآثار الثقافة العربية الإسلامية.

"المرشد في تهذيب وقوف القرآن"

هذا هو الكتاب الثاني الذي وصلنا من آثار الإمام العُماني. وقد ذكره شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد الجَزَري المتوفى سنة 228 هـ، في كتابه الكبير "غاية النهاية في طبقات القراء"، خلال ترجمة الإمام العُماني. وأشار إلى كتابين له في الوقف والابتداء في قراءة القرآن، ودَلّ على إحسانه وإجاداته وإفاداته. قال الجزري:» له في الوقوف كتابان: أحدهما "المغني" والآخر "المرشد"، وهو أتمّ منه وأبسط «([73]).

وقد اهتم العلماء من القراء واللغويين والنحويين وغيرهم بموضوع الوقف والابتداء في تلاوة القرآن، حين بداية اهتمامهم بتفسير معانيه سواء. وتوالَوا في التأليف فيه جيلاً بعد جيل، فجمعوا مسائله، وبينوا تقاسيمه وأحكامه، وشرحوا عِلَلَه حسب العلاقات الرابطة بين أجزاء الكلام، وتمام جمله، وختام معانيه في آيات القرآن. ومن أشهرهم أبو حاتم سهل بن محمد السِّجِسْتاني المتوفى سنة 255 هـ. وقد اعتمد الإمام العماني على كتابه، ورجع إليه كثيراً. يتبين لنا ذلك من نقوله الكثيرة عنه، ولم يصلنا هذا الكتاب.

وألّف أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري المتوفى سنة 328 هـ كتابه الكبير "إيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عَزّ وجلّ" ([74])، وهو أقدم ما وصلنا في هذا العلم. رسم فيه صاحبه أصول علم الوقف والابتداء، وثبّت قوعده، وأورد كثيراً من أقوال المؤلفين السابقين وآرائهم، وعرضها للنقد والامتحان بالحجج والشواهد. وهو من الأصول التي رجع إليها الإمام العُماني، واستقى أشياء من أقوال صاحبه لتقوية ما يراه هو من آراء وإثباتها.

ووضع أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحّاسُ النحوي المتوفى سنة 338 هـ كتاب "القطع والائتناف" ([75])، أي الوقف والابتداء، وجمع فيه أقوال العلماء الذين كان لهم كلام قبله في علم الوقف والابتداء، وضاعت كتبهم، وساق عدداً كبيراً من الأحاديث وشواهد الشعر ومسائل النحو في كلام العرب، وهو ما يدل على سَعة علمه، ووقوفه الشامل على مسائل هذا العلم.

وتَلا الإمامُ العُماني أبا بكر الأنباري وأبا جعفر النحاس، فأبدع كتابه "المرشد في تهذيب وقوف القرآن" في القرن الخامس من الهجرة، ففاقهما بعلمه واطّلاعه. وجاء كتابه أوسع وأشمل من كتابيهما في حجمه ومحتواه، وفي طريقة بسط المسائل وأسلوب عرضها وتيسيرها. وقد ضمّنه، إلى جانب وقوف القرآن وبيان أحكامها وعِلَلها، أشياء جمّة من علوم العربية، فظهر فيه تبحّره في اللغة، وتمكّنه في النحو، وإحاطته بمراميه ومسائله، وبراعته في وجوه الإعراب ومشاكله. ويعدّ كتابه لذلك معرضاً حافلاً بمادة غزيرة غنية في قراءات القرآن، وتفسير معانيه، وإعراب آياته، وفي عرض معارف في اللغة والنحو والصرف والاشتقاق وبلاغة القول وغيرها من فنون الأدب.

هذا وقد بدأنا بتحقيق هذا الكتاب، بحول الله تعالى وعونه، اعتماداً على مخطوطته الوحيدة الفريدة، المحفوظة في قسم المخطوطات في الخزانة العامة بالرباط.

المصادر والمراجع

ابن الجزري، شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد (المتوفى سنة 833 هـ)، النشر في القراءات العشر، مطبعة مصطفى محمد، مصر.

ابن قتيبة، أبو محمد عبد الله بن مسلم (المتوفى سنة 276 هـ)، تأويل مشكل القرآن، تحقيق السيد أحمد صقر، مكتبة دار التراث، القاهرة، 1973.

ابن منظور، جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم (المتوفى سنة 711 هـ)، لسان العرب، دار صادر، بيروت.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير