قال تعالى: (َسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {1} إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ {2} الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ {3} أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ {4} كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ {5} يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ {6} وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ.) الانفال 1 - 7
المبحث الثاني: النقد الداخلي.
أولا: موافقة الرواية أو مخالفتها لصريح القرآن في نفس القصة أو معرض الأحداث.
أ- الموافقة: حادثة شق الصدر تتوافق مع ما جاء في القرآن الكريم من إثبات ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ {1} وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ {2} الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ {3} وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ {4} فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً {5} إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً {6} فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ {7} وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ {8} الشرح
ففي سيرة ابن اسحاق: حدثنا [أحمد قال: نا يونس بن بكير عن ابن اسحاق قال: حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم أنهم قالوا يا رسول الله أخبرنا عن نفسك فقال: دعوة أبي إبراهيم و بشرى عيسى و رأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور بصرى من أرض الشام و استرضعت في بني سعد بن بكر فبينا أنا مع أخ لي في بهم لنا أتاني رجلان عليهما ثياب بياض معهما طست من ذهب مملوءة ثلجا فأضجعاني فشقا بطني ثم استخرجا قلبي فشقاه فأخرجاه منه علقة سوداء فألقياها ثم غسلا قلبي و بطني بذاك الثلج حتى إذا أنقياه رداه كما كان ثم قال أحدهما لصاحبه: زنه بعشرة من أمته فوزنني بعشرة فوزنتهم ثم قال: زنه بمائة من أمته فوزنني بمائة فوزنتهم ثم قال: زنه بألف من أمته فوزنني بألف فوزنتهم فقال: دعه عنك فلو وزنته بأمته لوزنهم]
ففي هذه الرواية ذكر لشق صدر النبي وهذا لا يتنافى مع صريح القرآن الكريم.
ب- المخالفة: ما ذكره ابن اسحق من أن أصحاب الفيل قتلوا بسبب المرض الذي ألم بهم في ذلك العام وهو الحصبة والجدري:
قال ابن إسحاق: حدثنى يعقوب بن عتبة أنه حدث أن أول ما رؤيت الحصبة والجدري بأرض العرب ذلك العام، وأنه أول ما رؤى بها مرائر الشجر: الحرمل والحنظل والعشر، ذلك العام.
وهذا يتنافى مع صريح القرآن في بيان سبب قتلهم وهو إرسال الطير الأبابيل بالحجارة.
قال تعالى:" أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ {1} أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ {2} وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ {3} تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ {4} فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ {5} الفيل.
ثانيا: مخالفة الرواية لقاعدة من قواعد الدين أو لحكم شرعي
كقصة أكله صلى الله عليه وسلم وأمره للصحابة بأن يأكلوا من الشاة المسمومة بعد علمه بأنها مسمومة: قال ابن كثير: قال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا هلال بن بشر وسليمان بن يوسف الحراني، قالا: حدثنا أبو غياث سهل بن حماد، حدثنا عبدالملك بن أبي نضرة عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، أن يهودية أهدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاة سميطا، فلما بسط القوم أيديهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمسكوا فإن عضوا من أعضائها يخبرني أنها مسمومة " فأرسل إلى صاحبتها: " أسممت طعامك؟ " قالت: نعم.
قال: " ما حملك على ذلك؟ " قالت: إن كنت كذابا أن أريح الناس منك، وإن كنت صادقا علمت أن الله سيطلعك عليه.
¥